برمجة فيلمين من تركيا ومثلهما من إيطاليا في أجندة المهرجان تمت على أساس مقاييس محددة قال أحمد حسني، مدير مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، إن ميزة المهرجان الأساسية تتمثل في الأفلام والبرنامج الثقافي والجمهور. وأوضح حسني، في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الدورة 21 للمهرجان (28 مارس-4 أبريل)، أن الأفلام يتم اختيارها بعناية كبيرة، معربا عن اعتقاده بأنه تم خلال هذه السنة اختيار بعض من أجود الأفلام على الصعيد المتوسطي بالرغم من أنه من الطبيعي وجود تفاوتات في المستوى. وأضاف حسني، الذي يرأس أيضا جمعية أصدقاء السينما بتطوان، أن البرنامج الثقافي أيضا يساير النقاشات العمومية الموجودة ليس فقط على صعيد المغرب بل على صعيد المتوسط أيضا. وأشار إلى أن هناك حاليا اهتماما كبيرا بالمدينة والبيئة، معتبرا أن هذا الاهتمام هو "اهتمام مغربي، جمعوي، شبه حكومي، حكومي"، وأن "هناك مجموعة من المؤسسات تناقش كيف يمكن أن نطور مدننا ونحسنها". وأكد أنه يمكن للسينما والثقافة أن تضطلعا بدور مهم في تطوير وتنمية المدن، وهذا يشكل نقطة الالتقاء بين المهرجان ووزارة السكنى وسياسة المدينة، من أجل التحاور وطرح التساؤلات ومحاولات الإجابة بخصوص هذا الموضوع. وفي هذا السياق، يقول حسني، يندرج تنظيم الدورة الحالية للمهرجان ندوة "السينما والمدينة والبيئة"، التي يشارك فيها مجموعة من المتخصصين والباحثين والمهتمين بهذا الموضوع من بلدان البحر الأبيض المتوسط. وقال إن هناك أيضا نقاشا حول دور السينما وعلاقتها بالوسائط السمعية البصرية، خاصة منها التلفزيون، مشيرا إلى أنه يمكن للتلفزيون في المغرب أن يقوم بدور أساس في تنمية السينما الوطنية على غرار ما هو عليه الأمر حاليا في أوروبا حيث أصبح للتلفزيون دور كبير في التنمية السينمائية. ودعا المهرجانات الدولية والمجتمع المدني والسلطات العمومية إلى الاهتمام بهذا المجال من خلال محاورة المؤسسات التلفزيونية لتقديم خدمات للسينما بهدف تطويرها ليس فقط على المستوى المادي، بل أيضا على مستوى الإعلام والإشهار والتعريف بالثقافة السينمائية. وقال أحمد حسني إن هناك وسائل متعددة يتم اللجوء اليها لمحاولة تغطية مختلف بلدان البحر الأبيض المتوسط، وتحقيق تمثيلية معينة، مشيرا على سبيل المثال إلى أن السينما الإيطالية والسينما التركية متقدمتان هذه السنة لذا تم اختيار فيلمين من كل واحد من البلدين المتوسطيين. وبالنسبة لاختيار لجان التحكيم، اعتبر حسني أنها "الأمر الأصعب" لأن إمكانيات المهرجان محدودة جدا وهو لا يتعاقد بالتالي مع رؤساء أو أعضاء لجان التحكيم بل يتم الاختيار عبر صداقات وعلاقات تعاون وعبر مجموعة من الوسائط الأخرى التي تتدخل لاقتراح اسم أو أسماء معينة. وأضاف أحمد حسني أن صعوبة لجان التحكيم لا تقتصر على مهرجان تطوان بل تتعداه إلى معظم المهرجانات من المستوى ذاته، لأن المهرجانات الكبرى لا تعاني من هذا المشكل. من جهة أخرى، تحدث حسني عن تأسيس فيدرالية المهرجانات السينمائية الدولية بالمغرب لطرح قضايا هذا القطاع، بعدما لم يعد عملا جهويا فرديا وأصبح قطاعا متكاملا يلعب دورا تنمويا في الإشعاع الثقافي للمغرب. وأكد على الاحترافية والجدية والأداء المتقدم، مع التشديد على وجوب توفير الإمكانيات الضرورية، داعيا إلى إحداث مهرجانات جهوية للارتقاء بالقطاع على جميع المستويات ولمواجهة هيمنة العنف والفكر العدمي والتزمت الفكري في العالم كله، إذ لا يمكن مواجهة هذه الهيمنة إلا بكل ما هو جمالي من موسيقى ورقص ومسرح وتشكيل وغيرها. وعن سؤال حول جمعية أصدقاء السينما بتطوان، قال حسني "نحن أعضاء فاعلون أساسيون وتاريخيون في الحركة السينمائية المغربية منذ 1972، تاريخ انطلاق جامعة الأندية السينمائية"، مذكرا بأنه تم التفكير في سنة 1975 في الاستقلال لتأسيس مشروع آخر. وأضاف أنه في سنة 1985 تم تأسيس ملتقى محلي إسباني مغربي تطور إلى مهرجان متوسطي نتيجة علاقات متعددة تحركت فيها عدة وسائط على رأسها "دفاتر سينمائية" ومدير تحريرها سيرج توبيانا، ومجلة "لاماليف"، ليتحول المهرجان إلى مهرجان متوسطي. وذكر بأن المهرجان تعرض لانتقادات شديدة من نقاد عرب بالخصوص باعتباره "ذي نكهة سياسية غير سليمة"، وردا على هذه الانتقادات ومن أجل إعطاء صورة حقيقية عن المهرجان المتوسطي تم تنظيم الدورة الأولى بحضور يوسف شاهين وصلاح أبوسيف. وأكد حسني أن ما يمثله حضور هاتين الشخصيتين ببعدهما القومي وتضامنهما مع القضية الفلسطينية شكل رسالة واضحة للمنتقدين أن الاختيار واضح ف"المتوسط تاريخيا للجميع، وهو يمثل السلم والتعايش والأخوة والتبادل الثقافي والاستقرار". وانتقل المهرجان كتظاهرة إلى حدود دورته العاشرة من ملتقى بسيط إلى مهرجان حيث تم تنظيم أول مسابقة في تاريخه، مشيرا إلى أنه لم يأت بقرار بل من تاريخ طويل وسيرورة تاريخية تطورت إلى أن أصبح في الصورة التي هو عليها الآن. وذكر أيضا بأنه تم إيقاف الدورة 12 لأسباب مادية قاهرة، والانسحاب مؤقتا وجاءت فكرة تأسيس مؤسسة مهرجان تطوان السينمائي، التي يرأسها نبيل بنعبد الله، إلى أن صار من الضروري التفكير إما في العودة إلى أحضان جمعية أصدقاء السينما بتطوان أو تجديد المهرجان. وأشار إلى أن المجلس الإداري سيجتمع مباشرة بعد الدورة الحالية للمهرجان بهدف البحث عن موارد وأطر أخرى لتفعيل المؤسسة. وعلى مستوى آخر، رأى حسني أن مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط "غير محظوظ، رغم أن عمره 30 سنة، وقدم خدمات وتضحيات كبيرة" بسبب إمكانياته المحدودة جدا إذ لا يتجاوز غلافه المالي 5ر3 مليون درهم. وأضاف أن المهرجان يأتي بأهم الأفلام وأكبر عدد من الضيوف وأجود البرامج إلا أن إمكانياته المادية المتاحة ضئيلة جدا مقارنة مع مهرجانات أخرى. وقال "إن مدينة جميلة مثل تطوان تتضمن إحدى أجمل القاعات السينمائية في المغرب (أبينيدا) وسينما (اسبانيول) المهددة بالإغلاق، بالرغم من التحركات التي يتم القيام بها كي تبقى مثل هذه القاعات مفتوحة في وجه المجتمع المدني والعموم". وخلص أحمد حسني إلى دعوة السلطات على المستويين المحلي والوطني ووزارة الثقافة والجهة ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية إلى اقتناء قاعة (اسبانيول) لتصبح قاعة عمومية وفتحها في وجه العموم والجمعيات بتطوان خاصة أن المدينة لا تتوفر لحد الآن على قاعة مؤتمرات ومسرح كبير يليقان بها.