قتل ثلاثة ماليين وفرنسي وبلجيكي ليلة الجمعة وأول أمس السبت في هجوم استهدف مطعما في شارع مكتظ في باماكو في أول هجوم يستهدف غربيين في العاصمة المالية التي تتعرض لتهديد الجهاديين منذ 2012. والهجوم الذي وصفته الحكومة المالية بأنه «إرهابي» لم تعلن أي جهة مسؤوليته عنه حتى الآن، لكن باماكو أكدت أنها «لن تخضع لترهيب أولئك الذين لا هم لهم سوى إبعاد احتمالات السلام»، في إشارة إلى الجهاديين. وقال رئيس الوزراء المالي موديبو كيتا اثر اجتماع لمجلس الدفاع ترأسه الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا «على الماليين أن يفهموا أن لا شيء يتقدم على السلام». ودعا رئيس الوزراء إلى التركيز على المرحلة الحاسمة التي تشهدها المفاوضات بين باماكو والمتمردين في شمال البلاد الذين يتعرضون لضغوط دولية كثيفة لتوقيع اتفاق سلام بالأحرف الأولى قبل نهاية مارس، على غرار ما قامت به الحكومة في أول مارس في الجزائر. وتفقد الرئيس المالي ورئيس الوزراء مكان الهجوم، وإضافة إلى القتلى، أسفر إطلاق النار أيضا عن ثمانية جرحى بينهم ثلاثة سويسريين أصيبوا بجروح بالغة وفق مصدر طبي، وأكدت سويسرا أن اثنين من جنودها هما في حالة خطرة. وذكر شهود ومصادر أمنية أن مسلحا واحدا على الأقل دخل بعيد منتصف ليلة الجمعة أول أمس السبت بالتوقيت المحلي مطعم لاتيراس الواقع في أحد الأحياء التي يرتادها الأجانب حيث رمى قنابل يدوية قبل أن يطلق النار. ورمى قنبلتين آخرتين في اتجاه دورية للشرطة فقتل شرطيا، كذلك قتل بلجيكيا وماليين اثنين هما حارس وشرطي في شارع مجاور، والمهاجم الذي كان ملثما وفق بعثة الأممالمتحدة في مالي هتف «الموت للبيض»، بحسب ما أكد مصدر دبلوماسي. والفرنسي القتيل الذي يبلغ من العمر 30 سنة، يدعى فابيان غيومار وفق ما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، وهو يقيم في باماكو منذ 2007 حيث يعمل لحساب شركة أميركية متخصصة في بناء الشقق الفاخرة بحسب ما أوضح صديق له لوكالة فرانس برس تعرف على جثته. وسارعت نيابة باريس إلى فتح تحقيق في اغتيال على صلة بمؤسسة إرهابية وعصابة إرهابيين، على جاري العادة حين يسقط ضحية فرنسي في الخارج. ودان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الهجوم «بأكبر قدر من الحزم»، وقال الاليزيه في بيان أول أمس السبت أن هولاند ونظيره المالي توافقا خلال اتصال هاتفي على اتخاذ «إجراءات مشتركة لتعزيز الأمن في مالي». ونددت بعثة الأممالمتحدة التي تنشر نحو عشرة آلاف جندي وشرطي في مالي ب»هجوم مشين وجبان» وأعلنت أنها «وضعت في تصرف السلطات المالية محققين وخبراء». وقالت الشرطة إن مشتبها بهما ماليين أوقفا واستجوبا بعد الهجوم تبين أن «لا صلة لهما» بالاعتداء. وندد وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز ب»هذا الإرهاب الجبان الذي ضرب في باماكو»، مؤكدا مقتل مواطن بلجيكي هو عسكري سابق مسؤول عن الأمن في بعثة الاتحاد الأوروبي في مالي واب لولدين وفق مصدر دبلوماسي. بدوره، ندد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالهجوم الذي وصفه بأنه «فظيع وجبان». يذكر أن شمال مالي سقط في 2012 تحت سيطرة إسلاميين مرتبطين بالقاعدة لكن عملية سرفال التي أطلقتها فرنسا مطلع 2013 أدت إلى طردهم. وحلت عملية برخان، ويغطي مجال تحركها مجمل منطقة الساحل والصحراء، مكان سرفال في غشت 2014. ولا تزال مناطق بكاملها في شمال البلاد خارج سيطرة السلطات المركزية، لكن الهجمات الجهادية التي تصاعدت وتيرتها منذ الصيف وخصوصا ضد البعثة الأممية عادت وتراجعت. وقال المتحدث باسم هيئة أركان الجيوش الفرنسية الكولونيل جيل جارون الخميس، إن القوات الفرنسية لاحظت أخيرا «بعض الجمود» من جانب المجموعات الجهادية. وأعلنت باريس أن سفارة فرنسا «شكلت خلية أزمة وحذرت الفرنسيين الذين يناهز عددهم ستة ألاف في مالي وعززت امن منشآتها التي على صلة بالسلطات المالية».