في تقرير سيقدم قريبا أمام لجنة وضع المرأة بالأممالمتحدة انتقادات شديدة وجهتها، مرة أخرى، مكونات الحركة النسائية والحقوقية والمجتمع المدني للحكومة، متهمين إياها بانتهاج المقاربة الإقصائية في حقها خلال مسار التحضير للتقرير الوطني وكذا التقرير العربي الموحد المتعلقين بتنفيذ "منهاج عمل بيجين +20"، والذي من المنتظر أن يقدم أمام لجنة وضع المرأة في الأممالمتحدة خلال شهر مارس القادم. وأكدت عاطفة تمجردين منسقة تحالف ربيع الكرامة، خلال ندوة صحفية، صباح أول أمس الأربعاء بالرباط، أن الحركة النسائية والحقوقية وهيئات المجتمع المدني ما فتئت تعتبر إعلان ومنهاج عمل بيجين الذي تم إقراره سنة 1995، أي قبل نحو عشرين سنة، لحظة مفصلية وتاريخية، فبفضله تم اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي، وتم دفع الدول إلى الالتزام بتحقيق المساواة بين الجنسين ومحاربة التمييز والولوج للخدمات الأساسية، وتمكين النساء على كافة المستويات، السياسية والحياة العامة... بل وتجاوز التصنيف الدوني الذي كان يسم أوضاع النساء خاصة في منطقة بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا...". وأضافت عاطفة تمجردين أن اجتماع لجنة وضع المرأة في الأممالمتحدةبنيويورك يعد بالنسبة لمكونات المجتمع المدني المغربي محطة مفصلية، لكونه فرصة للوقوف على التقدم المحرز على مسار تنفيذ إعلان بيجين بعد مرور نحو عشرين سنة على إقراره، وعلى الفجوات، بل والتحديات التي ما زالت تقف حجر عثرة أمام التنفيذ، مبدية امتعاضا شديدا، من جهة، اتجاه اعتماد شكلي للمقاربة التشاركية من قبل وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بصفتها الوزارة المسؤولة على الإشراف على إعداد التقرير الوطني الخاص بتنفيذ "إعلان بجين زائد 20"، ومن جهة أخرى تجاه اعتماد الإقصاء التام من الحضور في المؤتمر العربي الذي خصص لوضع التقرير العربي الموحد. وقالت تمجردين، في شأن التقرير الوطني، إن الوزارة عمدت إلى استدعاء الجمعيات للقاء تحضيري وأخبرتها بذلك قبل 24 ساعة فقط من اللقاء، حيث لم تمنحها الوقت الكافي للإعداد والاطلاع على ما تم تحضيره، ومع ذلك، قدمت الجمعيات، خلال هذا اللقاء، ملاحظات واقتراحات لم يتم الأخذ بأغلبها. أما فيما يتعلق بالتحضير للتقرير العربي الذي يخص مجموع الدول العربية بشأن تنفيذ منهاج بيجين بعد مرور عشرين سنة، فلم توجه، تقول منسقة تحالف ربيع الكرامة، أي دعوة للحضور للمنظمات غير الحكومية الفاعلة في مجال حقوق النساء، متسائلة عن الجهة التي يمثلها هذا التقرير، مادامت الهيئات الفاعلة في الميدان تم إقصاؤها. هذا، ودعا تحالف مساواة، دون تحفظ، الدول العربية إلى تحمل مسؤوليتها في هذه المرحلة التاريخية التي ستحدد مستقبل الأجيال على اعتبار أن اجتماع لجنة وضع المرأة خلال الشهر القادم سيتناول بالتقييم تنفيذ منهاج عمل بيجين بعد عشرين سنة، ويتناول أجندة الأهداف الإنمائية للتنمية بعد 2015. كما دعا التحالف إلى رفع التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، والتصديق على البرتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية، وإنشاء آليات للمراقبة والمساءلة والمتابعة لضمان التطبيق الفعال للحقوق الإنسانية للنساء على النحو المنصوص عليه في اتفاقية "سيداو"، ومحاربة التمييز والعنف ضد النساء والفتيات، واعتماد تدابير خاصة مؤقتة لتدارك النقص المسجل في مشاركة النساء في الحياة السياسية والعامة، وتبني سياسات إرادية للنهوض بثقافة المساواة بشكل عام. من جانبها، سجلت سميرة بيكردن رئيسة منظمة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، فرع الرباط، أن المغرب حقق مجموعة من الإنجازات على مسار تنفيذ إعلان أو منهاج بيجين بعد مرور 20 سنة، والارتقاء بحقوق النساء، لكن هذا التقدم يعد نسبيا ويرتبط فقط بالمستوى المعياري، حيث صادق المغرب على عدد من الاتفاقيات الدولية ورفع تحفظاته على بعض من مقتضياته، مستطردة أن هذا التقدم يطبعه بطء شديد، إذ "رغم أن المغرب أقر تشريعات مهمة ترتقي بالمساواة وبتمكين النساء، والتي تترجمها مقتضيات مدونة الأسرة التي تم التنصيص فيها على المساواة داخل الأسرة، وكذا مقتضيات الدستور الجديد التي نصت بشكل واضح على المساواة، فإن تنزيل عدد من المضامين خاصة في الدستور الجديد لازال ينتظر التفعيل. وأكدت سميرة بيكردن أن التقرير الموازي الذي أعدته الجمعيات المغربية في موضوع "تقييم تنفيذ إعلان منهاج بيجين + 20"، والذي سيقدم خلال شهر مارس القادم أمام لجنة وضع المرأة بالأممالمتحدة في نيويورك، يأتي ليبرز أن الحكومة لم تكن وفية للتوجهات التي تضمنها مناهج عمل بيجين، وأن ورش الإصلاح جد بطيء على مسار تمكين النساء بالرغم من بعض التقدم المحرز". وأبرزت بيكردن أن مكونات المجتمع المدني التي تعمل على حقوق النساء تطالب الحكومة باستكمال إجراءات المصادقة على اتفاقية الدولية المرتبطة بحقوق النساء، والتعجيل بتفعيل المقتضيات الدستورية، وملاءمة كافة التشريعات مع الاتفاقيات الدولية، وإقرار قانون لمحاربة العنف ضد النساء، والعمل على مقاربة قضية النساء وفق منظور حقوقي وليس فقط تلبية للحاجيات اليومية للنساء، وتفعيل سياسات عمومية وفق مقاربة تشاركية مع جميع الأطراف المعنية على أساس أن "المقاربة التشاركية" ليست ترفا بل تعد أمرا ضروريا.