المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء مناسبة كبيرة وهامة لِلَمِّ شتات المهتمين بالكتاب صناعةً وقراءة. فهو أكبر تجمع يلتقي فيه الكاتب والقارئ ووسيطهما الناشر. وبالإمكان تقديم إحصائيات للداخلين إلى فضاءاته وكذا للكتب المبيعة به. ولعل وزارة الثقافة تمتلك ذلك بما تنصبه من شبابيك تحصيل مساهمات الدخول. حركة دائبة يومية لعشاق الكتاب نعيشها يوميا بين الأروقة وداخلها وفي بعض فضاءات التنشيط. لكن بالرغم من ذلك، أسجل بعض الانطباعات التي تبدو لي سلبية، ويجب إعادة النظر فيها، ولا سيما خلال دورة هذا العام، ومنها: -التشويش الذي طال جائزة الكتاب، وخصوصا في فرع الشعر، والتعجيل بتشكيل لجنة مختصة لتقويم ما جرى. إذ لحد الآن لم نهضم مسألة كسر قانون الجائزة. خصوصاً ما يتعلق بتسريب ما يُتداول داخل أعمال اللجنة، الشيء الذي تسبب في إقدام الشاعر محمد بنطلحة على سحب ديوانه، وقد يكون محقا في ذلك بعد أن وصلته معلومات مسربة تتحدث عما يجري داخل اللجنة. فالخطأ في التسريب وليس في السحب. فلا بد، إذن، من التفكير مستقبلا في الجوانب الأخلاقية للأعضاء وسجلهم العدلي، بدل الركون للاختصاص فقط. - برنامج المهرجان الثقافي غير ديموقراطي تماما ولا تكافؤ فيه... أسماء تتكرر ولا تقدم شيئا مضافا، فبالإمكان أن أتنبأ لك ببرنامج السنة القادمة إن شئت... المعرض ملك للمغاربة وليس للأحلاف والأشياع وشرذمة الضغط والبلطجة. ينبغي أن يوكل تدبير البرنامج الثقافي للجن علمية على دراية بالساحة الثقافية وتتابع مستجدات الكتاب والمثقفين، حتى يكون البرنامج صوتاً وصدى لحصيلة عام من الإنتاج والكتابة والإبداع.. بخصوص وضع القراءة والنشر، فهذه من تلك، إذ هناك علاقة جدلية بين حركتي القراءة والنشر. فالنشر يتقوى بالقراءة، وهذا أمر محسوم. والقراءة في زمننا الراهن تخضع طبعا للمستجدات العلمية والتكنولوجية، صحيح سيتأثر منها الكتاب الورقي كثيراً، ولكن كثرة وسائل القراءة من حواسيب وشاشات وهواتف ذكية وطابليتات وغيرها، ستعمل على زيادة منسوب القراءة بغض النظر عن هذا المقروء أكان كتابا إلكترونيا أو مجلات أو صفحات أو مواقع، المهم أن يتحقق فعل القراءة. ولا يمكن للإنسان أن يوقف عجلة التطور من أجل الإبقاء على الشكل التقليدي للمقروء. ثم بدل أن نتباكى على ندرة القراءة في مجتمعنا، علينا كوزارات معنية (الثقافة والتربية الوطنية) ومجتمع مدني أن نبتكر طرقا وبرامج تدعم قطب القراءة، ولعل الجوانب البيداغوجية يجب أن تحظى بالأولويات. أضيف إلى أن دعم وزارة الثقافة لمسألة نشر الكتاب هو في حد ذاته عمل هام ويساهم في التخفيف عن الناشر ويشجع في الآن نفسه كتابنا الذين تسد أمامهم فرص تداول ما يؤلفون، لكن تحتاج هذه الخطوة إلى نوع من المتابعة من أجل حماية حقوق المؤلف ولضمان ترويج الكتاب المدعوم وتداوله. فالوزارة تعمد إلى تقليل قيمة الدعم الأمر الذي يدفع الناشر إلى تقليل عدد النسخ المسحوبة حتى أصبحنا نسمع عن الاكتفاء بطبع 200 أو 400 نسخة من كتاب دعمته وزارة الثقافة.