يحل المبعوث الأممي كريستوفر روس ببلادنا ضمن مسعى آخر لمواصلة مسلسل البحث عن حل للنزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية والوحدة الترابية لبلادنا، وينتظر أن يكشف تقريره الجديد في أبريل القادم عن الأفق الذي يريده الديبلوماسي الأمريكي لوساطته، وبالتالي عما إذا كان التقط إشارات المرحلة الأخيرة، ومعاني التحفظ المغربي على أسلوبه. الآن، نعرف فقط أن زيارة روس ما كانت لتتم لولا الاتصالات التي جرت بين جلالة الملك والأمين العام للأمم المتحدة، ونعرف أيضا أنه سيزور الرباط ومنها إلى تيندوف فالجزائر، ولن يحل بالعيون أو بباقي الأقاليم الجنوبية المغربية، ونعرف ثالثا أن المرحلة المقبلة، ابتداء من هذه الزيارة نفسها، هي الاختبار للمبعوث الأممي على صعيد حياديته والتزامه بمحددات مهمته التي كلفه بها الأمين العام للأمم المتحدة. من جهة ثانية، لابد هنا أن نستحضر أيضا الظرفية الإقليمية والدولية التي تحيط بالملف والمنطقة ككل، ذلك أن ما تشهده بلدان الساحل جنوب الصحراء، وأيضا الوضع الليبي، بالإضافة طبعا إلى حالتي الجمود والاحتقان في الجزائر، وتواصل المأساة في مخيمات تيندوف، ثم كذلك تفاقم مخاطر الإرهاب والجريمة والانتشار العشوائي للسلاح، وكل هذا يفرض اليوم تسريع إيجاد حل نهائي وعادل لنزاع الصحراء، وأيضا تمتين الاستقرار والأمن في المنطقة بكاملها. لقد أكد المغرب استعداده باستمرار للمساهمة في صنع الحل وبناء المستقبل، ولكن باقي الأطراف لم تكن تبادله ذات الإرادة، وبقيت دائما مصرة على تكلس موقفها وجموده، كما أن المملكة صارت تمتلك اليوم دورا فعالا على مستوى إفريقيا، سياسيا واقتصاديا وتنمويا، ولها دور تاريخي وحضاري عريق في علاقتها بالشعوب الإفريقية، ما يجعلها فاعلا مركزيا في محاربة التطرف والإرهاب، وبالتالي حليفا جديا للمجتمع الدولي، سواء في إفريقيا أو أيضا بالنسبة لقضايا المنطقة العربية وفي التعاون المتوسطي، وكل هذا يعني أن استقرار المغرب واحترام وحدته ومصالحه الوطنية فيه أيضا مصلحة لبلدان أوروبا وبقية العالم، ويخدم قضايا الأمن والاستقرار الإقليميين والعالميين. وكل ما سبقت الإشارة إليه يعتبر أيضا أوراق بيد المغرب، لابد من استثمارها بذكاء، وذلك لتعزيز إيجابية الظرفية السياسية لصالح الموقف الوطني المغربي، ولحشد التأييد الدولي لصالح حل عادل ونهائي ومتوافق عليه للنزاع المفتعل في الصحراء... لقد اكتسب الخطاب الديبلوماسي المغربي في الفترة الأخيرة طبيعة مختلفة انطلاقا مما تضمنته خطب جلالة الملك، وهي تتميز بمعجم واضح وصارم، وبهجومية لا تغفلها العين، ولهذا استثمار الأوراق الرابحة المومأ إليها أعلاه يجب أن يتم ضمن هذه الديبلوماسية الهجومية، وبذات اللغة الصارمة التي كانت وراء وقف التعامل مع كريستوفر روس، ويجب أن تكون عودته مشروطة باحترام الثوابت المغربية، والالتزام بالحياد. إن الشهور القليلة المقبلة يجب أن تكون شهور تعبئة واستنفار من أجل ربح محطة أبريل على الصعيد الأممي، ومراكمة الايجابيات لفرض الحقوق الوطنية لبلادنا وشعبنا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته