معدل استهلاك المواطن المغربي يفوق الفرنسي والأمريكي مع بدء الاحتفالات برأس العام الميلادي، أطلقت منظمة الصحة العالمية تقريرا رصدت فيه نسبة استهلاك المشروبات الكحولية في دول العالم. ورغم أن المعدل العالمي لاستهلاك الكحوليات هو 6.2 لتر للفرد سنويا، حسب ما جاء في التقرير الذي أكد أيضا أن 48% من سكان العالم لم يسبق لهم رشف ولو قطرة من المسكرات، إلا أن الأرقام التي أوردها التقرير لاستهلاك الكحول في بعض الدول جاءت مثيرة للاهتمام ومتخطية المعدل العالمي بأكثر من 5 أضعاف في عدد من الدول العربية. ويتقدم لائحة الاستهلاك العالمي المواطن التشادي بمعدل 34 لترا في السنة، فيما لا يتجاوز معدل استهلاك الألماني 14.7 لترا في العام. وتتقدم الدول الإفريقية اللائحة، إضافة إلى تشاد، بدولة غامبيا (30.9 لترا) ومالي (29.3 لترا) وناميبيا (27.7 لترا). ويتقدم كل من المواطن الهندي، بمعدل 28.7 لترا، وكذلك الإيراني(24.8 لترا) على المواطن الروسي بمعدل 22.3 لترا. وترسم الأرقام الرسمية للمنظمة صورة مثيرة للجدل حول استهلاك الكحول في العالم العربي والإسلامي لتعارضها مع الثقافة والخطاب السائدين، فبحسب التقرير الذي نشرته شبكة "سي إن إن"، وبخلاف المتعارف عليه، يأتي الروس والألمان خلف الكثير من الجنسيات الأخرى المسلمة من حيث استهلاك الخمور مثل السودانيين والإيرانيين. وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فيبلغ معدل استهلاك الكحول لكل ساكن فيها 32.8 لترا، لكن التقرير يشير إلى أن الغالبية القصوى من السكان هم من الأجانب المهاجرين وأن نسبة كبيرة منهم من غير المسلمين. أما في تونس، التي لا تتجاوز فيها نسبة المهاجرين 2% فيبلغ معدل استهلاك الفرد 26.2 لترا مما يجعل التونسي متقدما على جميع جيرانه بمن فيهم الأوروبيون مثل الفرنسيين والإيطاليين والإسبان وحتى الروس والألمان. أما دولة قطر، فقد جاءت في المرتبة الثالثة بعد كل من السودان ولبنان، وذلك بنسبة استهلاك 22.7 لتر من المشروبات الكحولية. تبعتها مملكة البحرين باستهلاك يبلغ 21.1 لترا، وذلك رغم سنها للعديد من القوانين التي تمنع الفنادق من تقديم تلك المشروبات في محاولة للحد من استهلاكه في المملكة. وبعد كل من المغرب وسوريا، باستهلاك يبلغ 17.10 و16.3 لترا للفرد على التوالي، حلّت سلطنة عمان في المرتبة السابعة باستهلاك 15.5 لترا. لحقت بها الأردن في المرتبة الثامنة بنسبة 15.3 لترا للفرد الواحد. وجاءت الجزائر تاسعة ب 10.9 لترا، ثم العراق ب9.1 لترا، واليمن 6.1 لترا، ومصر باستهلاك 6 لترات، ثم موريتانيا ب4.8 لترا للفرد. وقد حلت المملكة العربية السعودية في المرتبة 14 رغم نظامها الذي يرتكز على إعمال الشريعة الإسلامية وتحريم الخمور والكحوليات، لتبلغ نسبة استهلاك فيها 3.9 لترا. ثم جاءت دولة الكويت باستهلاك 1.3 لترا من الكحوليات للفرد الواحد في ختام التقرير، سبقتها ليبيا باستهلاك 2.5 لترا. وكانت دراسة إحصائية سابقة عن أنواع الكحوليات في الوطن العربي أوضحت أن المشروبات الروحية ك"الويسكي" هي المنتشرة المفضلة في دول الخليج أكثر من شمال أفريقيا حيث بلغت نسبة تفضيل "الويسكي" 98% للمستهلك السعودي، بينما حلت "البيرة" المفضل الأول في شمال أفريقيا حيث وصلت نسبة تفضيلها في مصر على سبيل المثال ل 54% وتربع المغرب في الصدارة في تفضيل "النبيذ الأحمر" بنسبة 37%. ومن بين المفارقات الغريبة التي كشف عنها التقرير هي أن معدل ما يستهلكه الفرد بالمغرب من الكحول يفوق ما يستهلكه المواطن الفرنسي الذي لا يتخطى 12 لترا، وكذا الأمريكي ب13 لترا خلال عام بأكمله. أما أنواع المشروبات الكحولية المفضلة لدى المغاربة فقد أوضح التقرير أن الجعة تمثل 44 في المائة من مجموع الاستهلاك، في حين يليها النبيذ، بينما 20 في المائة يفضلون أصنافا أخرى. مشكل صحة عالمي وتظهر تقارير منظمة الصحة العالمية أن الكحول هو السبب في 15.2 في المائة من الوفيات في صفوف الرجال و15.8 بالمائة بين النساء، كما أن 1 بالمائة من الوفيات تتم جراء حوادث السير المرتبطة بالإفراط في الشرب. وتحمل المنظمة الأممية المسؤولية للحكومات مسؤولية وضع خطة للحد من الإدمان على الخمر "لأنه لحدود الساعة ليس هناك أي سياسية حكومية واضحة لمحاربة الإدمان على الكحول" وفق ما جاء في التقرير الأخير. وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن تعاطي الكحول من الأمور ذات الأثر الوخيم على الصحة العمومية. فهو يحتل المركز الثالث في قائمة عوامل الأخطار الرئيسية التي تتسبب في حدوث الوفيات المبكرة وحالات العجز في جميع أنحاء العالم. كما أنه يقف وراء 4.5% من عبء المرض العالمي، وذلك حتى بعد مراعاة الآثار الحمائية الناجمة عن استهلاك الكحول بوتيرة منخفضة ومعتدلة. وتختلف مستويات شرب الكحول وأنماطه والسياقات المجتمعية ذات الصلة باختلاف الأقاليم والدول والمجتمعات المحلية المشمولة بالدراسات، ولكنّ الآثار الصحية السلبية أصبحت واضحة في مجمل البيانات. وتضيف المنظمة أن التقديرات الراهنة الخاصة بالأمراض المرتبطة بالكحول لا تكشف إلا جانبا من الآثار الناجمة عن ظاهرة تعاطي الكحول. ذلك أن البيانات تشير إلى وجود علاقة بين الظاهرة وأمراض معدية مثل الإيدز والعدوى بالفيروسات والسل. وتعمل المنظمة حاليا على تقدير تلك العلاقة كميا قبل المضي في تعديل التقديرات الخاصة بعبء المرض العالمي الناجم عن الكحول. كما أن تعاطي الكحول، حسب المنظمة، ينطوي على مخاطر من الممارسات التي تتسبب في أضرار اجتماعية وتكاليف اقتصادية مختلفة. ويسهم تعاطي الكحول أيضا في ظهور حالات تباين صحي بين البلدان وداخلها، كما يسهم، على المستوى الشخصي، في ظهور الفقر والتهميش الاجتماعي. السياقة والكحول: موضوع حملة تواصلية بمناسبة رأس السنة وتشكل الوقاية من حوادث السير تحت تأثير الكحول موضوعا رئيسيا في الحملة التواصلية والتحسيسية التي تنظمها اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير بتزامن مع عطلة نهاية رأس السنة الميلادية وعيد المولد النبوي الشريف، لما ينتظر أن تشهده الطرقات من حركة مكثفة لمستعملي الطريق سواء داخل المجال الحضري أو خارجه. وأكد بلاغ اللجنة في هذا الصدد، على ما أسماه "خصوصية موضوع السياقة تحت التأثير"، أي تأثير الكحول والمخدرات، بما أنها تعد سببا رئيسيا لحوادث السير ببلادنا. ولذلك يشكل هذا الموضوع محور وصلات تلفزيونية وإذاعية، وحملات ميدانية، تستهدف جميع السائقين عبر حثهم على الالتزام والتقيد بضوابط ومستلزمات السلامة الطرقية وعدم السياقة تحت تأثير الكحول والمخدرات، نظرا لتأثيرها المباشر على قدرات ومهارات السائق. وسيتم بنفس المناسبة، إخبار المواطنين بالشروع في تطبيق المراقبة الرسمية لنسبة الكحول لدى السائقين، إلى جانب استثمار البرامج الإذاعية التي تنتجها اللجنة بشراكة مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقنوات الإذاعية الخاصة، من أجل توجيه خطابات توعوية وتحسيسية للسائقين حول موضوع السياقة تحت التأثير وضمان تغطية إعلامية متكاملة لهذه العملية التواصلية والتحسيسية.