عبد السلام الصديقي في لقاء مفتوح مع الشباب بسلا أكد عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والتنمية الاجتماعية، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن حل معضلة البطالة مرتبط أساسا بحل إشكالية التصنيع، والاتجاه إلى القطاعات الإنتاجية الواعدة، وتقليص الهوة بين المدن والقرى، وربح رهان إصلاح منظومة التربية والتكوين. وأوضح عبد السلام الصديقي الذي كان يتحدث في لقاء مفتوح مع الشباب، حول موضوع "الإستراتيجية الوطنية للتشغيل"، نظمه فرع الشبيبة الاشتراكية بسلا، بشراكة مع فرع حزب التقدم والاشتراكية بطانة حي السلام، أول أمس السبت، بالمدرسة الغابوية بسلا، أن الفلاحة تشغل حوالي 40 في المائة من اليد العاملة، لكنها لا تساهم إلا ب 16 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وأضاف الصديقي أن التشخيص الذي قامت به وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية في إطار بلورة الإستراتيجية الوطنية للتشغيل، هو تشخيص دقيق وموضوعي، مكن من معرفة واقع التشغيل ببلادنا ومعرفة مكامن الخلل على هذا المستوى، مشيرا إلى أن هذا الواقع كشف أن 50 في المائة من العاطلين تقل أعمارهم عن 25 سنة، وأن معدل البطالة، وفق أرقام المندوبية السامية للتخطيط، يقارب 9.6 في المائة، مع وجود تفاوت كبير بين العالم الحضري والعالم القروي، حيث تصل النسبة في المجال الأول إلى حوالي 13 في المائة، وفي المجال الثاني إلى حوالي 4 في المائة، كما أن معدل البطالة مرتفع وسط النساء. وهي إشكالية، يقول الصديقي "تجد أسبابها في الميز الواضح في مجال التشغيل بين النساء والرجال كمعطى موجود حتى في الدول الأكثر ديمقراطية، بالإضافة إلى صعوبة ولوج المرأة إلى العمل نظرا لمجموعة من الحواجز الثقافية السائدة التي يتعين القطع معها". وفي السياق ذاته، أفاد الوزير أن هناك انخفاضا في معدل النشاط في الوسط النسائي يصل إلى نسبة 25 في المائة، مقابل أزيد من 60 في المائة وسط الرجال، وهو ما يكلف الدولة خسارة تقدر ب 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وذهب عبد السلام الصديقي إلى وصف واقع البطالة ببلادنا ب "الصادم"، مشيرا إلى أنه، بجانب الأرقام الرسمية، هناك البطالة المقنعة، وتشغيل القاصرين، والتي تبرز أن حقيقة معدل البطالة قد يصل إلى 40 في المائة، بالإضافة إلى ارتفاع معدل البطالة وسط حاملي الشهادات بسبب فشل منظومة التربية والتكوين، وبالتالي، يضيف الوزير، فإن حوالي 65 في المائة من العاملين يوجدون في وضعية هشاشة، حيث لا يتوفرون على أية حماية أو تغطية اجتماعية. ودعا المسؤول الحكومي إلى ضرورة إعادة النظر في آليات الوساطة التي قال إنها "غير فعالة"، مشيرا إلى أن 40 من الباحثين عن عمل يجدون شغلا اعتمادا على العلاقات العائلية، و40 في المائة يعتمدون على البحث الفردي، فيما يجد 20 في المائة فقط عملا بطرق حديثة عن طريقة الوساطة في التشغيل كالوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل ووكالات العمل الخاصة. وأورد في هذا السياق أن 44 وكالة تشغيل خاصة هي التي تخضع للمراقبة، في حين أن هناك أزيد من 600 وكالة تشغيل توجد خارج القانون وتقوم بفضائح كبرى، محذرا من التعامل معها لأنها "تقوم بالنصب على الشباب"، ومشيرا إلى أن الوزارة بصدد تنظيم هذا القطاع لإخراجه من الفوضى العارمة التي يعرفها. وفي الإطار ذاته، اعتبر الوزير أن "الطريقة المعتمدة في البحث عن عمل تشعرك أن هناك عدم تكافئ للفرص بين الباحثين عن شغل، بالإضافة إلى أن الاقتصاد المغربي لا يخلق ما يكفي من فرص العمل حيث لا يتعدى متوسط فرص العمل التي يخلقها الاقتصاد الوطني سنويا 120 ألف منصب شغل، في حين أن سوق الشغل ينتج أزيد من 200 ألف طالب شغل سنويا، مؤكدا أنه يتعين تحقيق نسبة نمو ما بين 7 و8 في المائة للتغلب على هذا المعطى الهيكلي. الصديقي جدد التأكيد على أن الحكومة تعمل من أجل التخفيض من معدل البطالة، على أن يصل هذا المعدل في نهاية الولاية التشريعية الحالية إلى حدود 8 % مقابل معدل 9.6 % حاليا، مشيرا إلى أن المغرب بات قبلة مهمة للمستثمرين الأجانب سواء من الخليج العربي أو من آسيا كاليابان على وجه التحديد الذي قرر مضاعفة حجم استثماراته إلى ثلاثة مرات ببلادنا، مبرزا أن ذلك يعود إلى الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي الذي تعرفه بلادنا. وتطرق المتحدث إلى الإجراءات العملية التي اتخذتها وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية بهدف التغلب على معضلة البطالة، خاصة وسط الشباب حاملي الشهادات، وذلك من خلال إعادة النظر في السياسات العمومية للتشغيل خاصة تلك المتعلقة برنامج تأهيل وبرنامج مقاولتي وكذا التكوين من أجل الإدماج، مشددا على وجود صعوبات تواجه الشباب أصحاب المقاولات. وأوضح عبد السلام الصديقي أن مراجعة برنامج "مقاولتي" يسير في اتجاه تشجيع الشباب الذي له تجربة في مجال الاشتغال في مجال المقاولة، وخلق آليات للمرافقة والمصاحبة ما بعد إنشاء المقاولة، بالإضافة إلى خلق تكوينات خاصة في مجال المقاولة داخل الجامعة مع تشجيع المقاولات الكبرى على احتضان المقاولات الصغرى لفترة محددة لضمان نجاحها. كما أكد الوزير على أن هناك مجموعة من الإجراءات يتم القيام بها حاليا من أجل تحسين مساهمة المرأة في الحياة الإنتاجية، لتنتقل من 25 في المائة إلى 35 في المائة في أفق 2025، بالإضافة اعتماد المقاربة الترابية للتشغيل بالنظر إلى الإمكانات الواعدة التي تتيحها المبادرات المحلية للتشغيل على اعتبار أن التشغيل مسألة مجتمعية وليس، فقط، مسألة حكومة.