فتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمس الأحد أمام الناخبين في تونس حيث تجري الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي، والباجي قائد السبسي مؤسس ورئيس حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة. ويفترض أن تنهي هذه الانتخابات مرحلة انتقالية صعبة تعيشها تونس منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب إلى السعودية يوم 14 يناير 2011 في أعقاب انتفاضة شعبية عارمة أنهت حكمه. وأفادت الهيئة أنها ستعلن النتائج الأولية يومه الاثنين، حيث سيتوجه أزيد من 3.5 ملايين ناخب من المسجلة أسماؤهم على اللوائح الرسمية للاقتراع. وكان قائد السبسي "88 عاما" والمرزوقي "69 عاما" تأهلا الى الدورة الثانية بعدما حصلا على التوالي على نسبة 39.46 بالمائة و33.43 بالمائة من إجمالي أصوات الناخبين خلال الدورة الأولى التي أجريت يوم 23 نونبر الماضي. وبحسب القانون الانتخابي التونسي، وفي حال عدم حصول أي مترشح على "الأغلبية المطلقة" من أصوات الناخبين أي 50 بالمائة زائد واحد في الدورة الأولى، تجرى دورة ثانية بين المرشحيْن الحائزين على أعلى نسبة من الأصوات في الدور الأول. وفي حال حصل المترشحان على نسب أصوات متساوية في الدورة الثانية، يتم إعلان فوز المترشح "الأكبر سنا" وفق القانون نفسه. وسيكون المترشح الفائز أول رئيس ينتخب بطريقة ديمقراطية وحرة في تونس التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 رئيسان هما الحبيب بورقيبة (1987-1956) ثم زين العابدين بن علي (2011-1987). وكانت بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي أشادت ب"شفافية" و"نزاهة" الانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت في 26 أكتوبر والدورة الأولى للانتخابات الرئاسية. لكن الحملة للدورة الثانية شهدت تبادل اتهامات بين المرشحين وأججت التوتر في البلاد التي شهدت منذ ثورة يناير انتقالا في الفوضى لكنه لم يتسم بالعنف أو القمع كما حدث في دول عربية أخرى. وفي ختام هذه الحملة، اختار قائد السبسي شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة حيث التقى تجمعا من أنصاره في حين نظم المرزوقي تجمعا في مدينة خزندار بعيدا عن وسط العاصمة. وقال السبسي "على شعبنا ان يختار بين الرجوع إلى الترويكا "حزب النهضة الإسلامي وحليفاه التكتل والمؤتمر" التي خربت البلاد خلال ثلاث سنوات أو أناس آخرين يريدون مستقبلا أفضل لتونس". أما المرزوقي فيقدم نفسه كضمانة للحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة، ولعدم انتكاسة البلاد نحو "الاستبداد" الذي كان سائدا في عهد الرئيس المخلوع بن علي. ووجهت الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات العامة "تنبيها" إلى المرزوقي بعدما قال في إحدى خطبه "بدون تزوير لن ينجحوا" في إشارة إلى قائد السبسي، ورفض الباجي قائد السبسي دعوة من المرزوقي بإجراء مناظرة تلفزيونية. وأشادت وسائل الإعلام والمراقبون بأداء تونس التي نظمت منذ أكتوبر انتخابات تشريعية ودورة أولى من الاقتراع الرئاسي اعتبرت كلها حرة، إلا أنها عبرت عن قلقها من الهجمات الكلامية التي شنها المرشحان. ويشعر التونسيون بالأسف لهذه الهجمات الكلامية لكنهم يرون أن الاقتراع يبقى الأساس لمخرج من المرحلة الانتقالية بدون إراقة دماء كما حدث في ليبيا أو مصر، وقلص الدستور الذي اقر في يناير 2014 صلاحيات رئيس الدولة إلى حد كبير. وتجرى انتخابات أول أمس الأحد بعد أيام من توجيه جهاديين في تنظيم "داعش" تهديدات إلى تونس، وتبنى هؤلاء في شريط فيديو نشروه على الانترنت اغتيال المُعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013 وهددوا بتنفيذ اغتيالات أخرى. وهذه المرة الأولى التي يتم فيها تبني عمليتي الاغتيال اللتين أدخلتا تونس في أزمة سياسية حادة، وانتهت الأزمة مطلع 2014 باستقالة حكومة "الترويكا" التي كانت تقودها حركة النهضة الإسلامية. وأكدت وزارة الداخلية التونسية أن أحد الذين ظهروا في الشريط ويدعى "أبو مقاتل" واسمه الحقيقي أبو بكر الحكيم، تونسي فرنسي مطلوب لدى السلطات التونسية بتهمة الضلوع في اغتيال بلعيد والبراهمي. ونشرت السلطات أكثر من 80 ألفا من عناصر الجيش والشرطة لتأمين انتخابات الأحد، بحسب وزارتي الدفاع والداخلية.