سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإرهاب لا يعيق تقدم المسار الديمقراطي في تونس: أزيد من 5 ملايين تونسي يختارون رئيسهم للجمهورية الثانية في أول انتخابات ديمقراطية.. *محللون يرون في اختيار الرئيس في إطار انتخابات حرة ونزيهة إنجازا للديمقراطية الناشئة
هل يفلح التونسيون في طي أربعة سنوات من أجواء الثورة المشحونة بالأزمات السياسية والعمليات الإرهابية والتراجع الأمني والاجتماعي، التي لم تمنع تونس، الدولة الصغيرة في شمال أفريقيا، من أن تصبح منارة للتغيير الديمقراطي في المنطقة مع إقرار دستور تقدمي جديد، وإجراء أول انتخابات برلمانية ورئاسية حرة في البلاد. فقد عاد التونسيون أمس (الأحد) إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية الجمهورية الثانية، بعد حوالي شهر من تصويتهم في الدور الأول، الذي حسم السباق فيه بين السياسي المخضرم الباجي قائد السبسي، والرئيس الانتقالي محمد المنصف المرزوقي. وسبقت الرئاسيات، الانتخابات البرلمانية التي جرت في أجواء أشاد بها المراقبون المحليون والدوليون على نطاق واسع. ولثالث مرة، في غضون ثلاثة أشهر، يكون التونسيون على موعد مع الخلوة والحبر الانتخابي وصناديق الاقتراع، لكن، وبخلاف المرتين السابقتين، فإن مشاركتهم اليوم ستكون الأكثر حسما ووقعا، لأنها ستعكس بشكل كبير طبيعة المجتمع التونسي وميولات أغلبيّته، التي لم تعد تفكّر في عودة النظام القديم بقدر ما تهتم للوضع الأمني وحماية البلاد من الإرهاب وعودة الاستقرار الاجتماعي والمادي. فهل ستنجح تونس في الوصول إلى برّ الأمان بعد مخاض أربع سنوات، واجه فيها التونسيون تحديات عديدة جعلت البعض يحن إلى أيام النظام الذي أطاح به، والبعض الآخر يعيد النظر في الثورة التي شارك فيها، فيما قرر الجزء الأكبر من التونسيين متابعة المشوار وتحدّي المعوقات، وطيّ صفحة المرحلة الانتقالية الأولى، بكل محاسنها ومساوئها، ليفتح اليوم صفحة أمل جديدة ويدخل مرحلة تحديات سيقودها الرئيس الذي ستختاره أغلبية الشعب. سنوات عجاف دخلت تونس، سنة 2011 مرحلة جديدة في تاريخها، بعد الإطاحة بنظام بن علي، ثم انتخابات المجلس التأسيسي في أواخر العام ذاته. ومع بداية 2012، استفاق التونسيون على واقع آخر أكثر صعوبة، ودخلت البلاد مرحلة جديدة من فوضى ما بعد الثورة كان الخطر الأبرز فيها التهديدات الإرهابية، التي تصاعدت وتيرتها في سنة 2013، إثر اغتيال المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، أعقبته عمليات إرهابية وحشية طالت العشرات من عناصر الجيش والشرطة في هجمات نسبت إلى إسلاميين متطرفين. على مدى هذه الفترة، مثّل الإرهاب مصدر القلق الرئيسي عند التونسيين، إلا أنه لم يمنعهم من مواصلة مسارهم في عملية التحوّل الديمقراطي للبلاد، ولم تثنهم التهديدات عن المضيّ في طريقهم، فكانوا حاضرين بكثافة خلال الانتخابات التشريعية، التي جرت في 26 أكتوبر 2014، لانتخاب نواب البرلمان، وأيضا في 23 نوفمبر 2014، لانتخاب رئيس بلادهم، في عملية ديمقراطية عكست مبدأ التعددية في أفضل أشكاله وأفضت إلى دور ثان حاسم. وعلى غرار الموعدين الانتخابيين السابقين، تضاف إليهما التجربة الانتخابية الأولى في تونس التي جرت في 23 أكتوبر 2011، حاولت جهات محسوبة على التيارات الإسلامية والجهادية ترهيب التونسيين وإحباطهم لإفشال الانتخابات. لكن، في كل مرة يؤكّد التونسيون أنهم ماضون قدما في بناء بلادهم وإنجاح مسارهم الديمقراطي. وفي أحدث محاولة في هذا السياق، تبنى جهاديون انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية، في شريط فيديو، عمليتي اغتيال بلعيد والبراهمي مهددين بتنفيذ اغتيالات أخرى. ودعي إلى الانتخابات نحو 5.3 مليون تونسي من المسجلة أسماؤهم على قوائم الاقتراع لاختيار أحد المرشّحيْن. ويمكن أن تعرف النتائج اعتبارا من اليوم الاثنين، كما قالت الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات التي لديها حتى الرابع والعشرين من دجنبر لإعلان اسم رئيس تونس المقبل. وفقا للقانون الانتخابي المعتمد في مايو 2014 من الجمعية التأسيسية، فإنه يلزم للفائز الحصول على الأقل على 50 بالمائة+1 من الأصوات، وإن تساوى المترشحان في عدد الأصوات يعتمد مباشرة الأكبر سنا ويعلن رئيسا للجمهورية، وسيكون في هذه الحالة الأخيرة السبسي هو الفائز (88 عاما) وليس المرزوقي (69 عاما). وكانت بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي أشادت ب"شفافية" و"نزاهة" الانتخابات التشريعية التونسية والدورة الأولى للانتخابات الرئاسية. لكن الحملة في الدورة الثانية شهدت تبادل اتهامات بين المرشحين وأججت التوتر في البلاد التي شهدت منذ ثورة يناير انتقالا في الفوضى لكنه لم يتّسم بالعنف أو القمع كما حدث في دول عربية أخرى. وقال المراقبون إن الأمر الأساسي يبقى قبول كلا المرشحين بالنتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع. وفي ضوء فوز حزبه، نداء تونس، بأكثرية المقاعد في التشريعيات الأخيرة، (86 مقعدا بنسبة حوالي 40 بالمئة من مقاعد البرلمان ال217)، حرص السبسي أكثر من مرة في حملته الانتخابية الجارية على التأكيد على أن حزبه لا يسعى لاحتكار السلطة بالجمع بين الحكومة والرئاسة، وأنه لن يحكم منفردا. أما المرزوقي فلم يجد من وسيلة لجلب الناخبين، بعد تدهور صورته خلال السنوات الثلاث التي قضاها رئيسا مؤقتا للبلاد، سوى استحضار الماضي والترهيب من عودة النظام القديم. ويعتبر المرزوقي أن فوز السبسي، الذي شغل عدة مناصب وزارية وسياسية هامة في عهدي بورقيبة وبن علي، سيعيد تونس إلى "نقطة الصفر"، وسيلغي مكاسب الثورة ويعيد "النظام القديم" للحكم. تكهنات المراقبين في هذا السياق يرى مراقبون، أن حظوظ السبسي تبدو وافرة بقوة لنيل منصب رئيس الجمهورية في ظل حالة النفور والاستهجان التي قوبل بها منافسه المرزوقي لكن، يبدو أن جزءا كبيرا من التونسيين لا يؤيّدونه، وتبين نتائج سبر الآراء الأولية أن الباجي قائد السبسي هو الأوفر حظّا لرئاسة تونس حيث يرى فيه التونسيون امتداد للزمن البورقيبي الذي انطلقت منه مسيرة تونس الحداثة. وقال مراقبون إن حظوظ السبسي تبدو وافرة بقوة لنيل منصب رئيس الجمهورية في ظل حالة النفور والاستهجان التي قوبل بها منافسه المرزوقي في أغلب المناطق التي زارها في إطار حملته الانتخابية. وعزا خبراء هذا النفور إلى الخطاب المزدوج الذي يمارسه المرزوقي واستماتته الكبيرة في الدفاع عن مشروع الإسلام السياسي وتعريض مصالح تونس الخارجية إلى الخطر، بالإضافة إلى اهتزاز صورة الرئاسة التونسية في عهده. ورسميا، تقول حركة النهضة، ثاني أكبر كتلة في البرلمان المنتخب (69 مقعدا)، إنها تقف على الحياد بين السبسي والمرزوقي. لكنّ المراقبين يؤكدون أنها تدعم سرّا المرزوقي، في محاولة للانتقام من الباجي قائد السبسي الذي كان قد أسس في 2011 حزب نداء تونس ليعيق التغول الإسلامي. ويبدي مسؤولو حزب نداء تونس وحلفاؤهم مثل "الجبهة الشعبية" قناعة بأن مناصري النهضة يؤيدون المرزوقي، وهو ما يتجلى بالفعل في التعليقات التي ينشرها شباب الحركة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تحمل، منذ الدور الأول للرئاسيات، دعوات صريحة لانتخابه. لكن، الخبراء يؤكّون أن حسابات رئيس الحركة راشد الغنوشي ستعصف بحظوظ المرزوقي في التنافس عقب معرفته بقوة السبسي في الفوز بالرئاسة وميوله إلى عدم خسارة القوة البرلمانية الأولى ومحاولة البحث عن ممر عبر تغزله برئيس حركة نداء تونس. لم يبق أمام مرشحيْ الرئاسة: الباجي قائد السبسي، عن حركة نداء تونس، والمستقل محمد المنصف المرزوقي، سوى ساعات تفصلهم عن معرفة نتيجة الجولة الحاسمة من الانتخابات، في انتظار الكلمة الفصل التي بدأت ملامحها بالتشكل مساء أمس الأحد مع انطلاق عملية فرز صناديق الاقتراع. دعم من يدعم السبسي ومن يدعم المرزوقي؟ الباجي قائد السبسي: *حزب أفاق تونس ذو التوجه النيوليبرالي الذي حصل على 8 مقاعد في التشريعيات الأخيرة *الاتحاد الوطني الحر الليبرالي الحاصل على 17 مقعدا في مجلس نواب الشعب *الأحزاب القومية والعروبية كحركة الوحدويين وحركة النضال الوطني وحركة ثوابت *حزب المبادرة والحركة الدستورية وهي أحزاب ذات توجه "دستوري" أي نسبة إلى أول حزب وطني يتأسس بالبلاد، وهو الحزب الحر الدستوري *حزب العمل الديمقراطي والعمل الوطني الديمقراطي والمسار الديمقراطي الاجتماعي وحزب الديمقراطيين الاشتراكيين (يسار) *ائتلاف الجبهة الشعبية الذي يمثل شقا كبيرا من اليسار التونسي *عدد من المشاهير محمد المنصف المرزوقي: *المؤتمر من أجل الجمهورية، وهو الحزب الذي أسسه المرزوقي واستقال منه عقب توليه رئاسة البلاد أواخر 2011 *التيار الديمقراطي الحاصل على ثلاث مقاعد في الانتخابات التشريعية والذي انشق عن المؤتمر من أجل الجمهورية *حركة وفاء وهو حزب منشق عن المؤتمر من أجل الجمهورية *التيار النقابي الراديكالي وهو شق يساري يتبنى فكرا ماركسيا لينينا دعا إلى التصويت لفائدة المنصف المرزوقي *الحزب التونسي وهو وسطي عبّر عن مساندته للمرزوقي "تصديا لشخص الباجي قائد السبسي لا غير" *مجموعة أحزاب صغيرة: حزب البناء الوطني وحزب الإصلاح والتنمية وحركة البناء المغاربي وحزب العدالة والتنمية والحركة الوطنية للعدالة والتنمية *عدد من المشاهير