يتوجه الناخبون في تونس الى مراكز الاقتراع الاحد لانتخاب رئيس بالاقتراع العام للمرة الاولى منذ الثورة في تصويت تاريخي ينهي عملية انتقالية استمرت اربعة اعوام. ودعي الى الانتخابات نحو 5.3 ملايين تونسي من المسجلة أسماؤهم على قوائم الاقتراع لاختيار احد مرشحين رئيسا للبلاد، هما الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي زعيم حزب نداء تونس الذي فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الاول/اكتوبر الماضي. وسيجري التصويت من الساعة الثامنة (7:00 تغ) الى الساعة 18:00 (17:00 تغ)، كما ذكرت الهيئة المكلفة الانتخابات التي سيكون لديها حتى الرابع والعشرين من كانون الاول/ديسمبر لاعلان الفائز في الاقتراع. وسيكون المرشح الفائز اول رئيس ينتخب بطريقة ديموقراطية في تونس التي حكمها منذ الاستقلال الحبيب بورقيبة ثم زين العابدين بن علي الذي اطيح به في 2011. وعين المرزوقي بموجب اتفاق سياسي مع اسلاميي النهضة. وكان قائد السبسي (88 عاما) والمرزوقي (69 عاما) تأهلا الى الدورة الثانية بعدما حصلا على التوالي على نسبة 39,46 بالمئة و33,43 بالمئة من إجمالي اصوات الناخبين خلال الدورة الاولى التي أجريت يوم 23 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وايا تكن نتيجة الدورة الثانية الاحد، سيكلف حزب نداء تونس الذي يقوده قائد السبسي وفاز في الانتخابات التشريعية تشكيل الحكومة وسيكون عليه فور انتهاء الانتخابات العمل على تشكيل ائتلاف مستقر لقيادة البلاد. وكانت بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي أشادت ب"شفافية" و"نزاهة" الانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت في 26 تشرين الاول/أكتوبر والدورة الاولى للانتخابات الرئاسية. لكن الحملة للدورة الثانية شهدت تبادل اتهامات بين المرشحين واججت التوتر في البلاد التي شهدت منذ ثورة كانون الثاني/يناير انتقالا في الفوضى لكنه لم يتسم بالعنف او القمع كما حدث في دول عربية اخرى. وفي ختام هذه الحملة، اختار قائد السبسي شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة حيث التقى تجمعا من انصاره في حين نظم المرزوقي تجمعا في مدينة خزندار بعيدا عن وسط العاصمة. وقال السبسي "على شعبنا ان يختار بين الرجوع الى الترويكا (حزب النهضة الاسلامي وحليفاه التكتل والمؤتمر) التي خربت البلاد خلال ثلاث سنوات أو أناس آخرين يريدون مستقبلا أفضل لتونس". اما المرزوقي فيقدم نفسه كضمانة للحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة، ولعدم انتكاسة البلاد نحو "الاستبداد" الذي كان سائدا في عهد الرئيس المخلوع بن علي. ويعتبر المرزوقي ان قائد السبسي وحزب نداء تونس الذي يضم يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد بن علي، يمثلان "خطرا على الثورة" لأنهما امتداد لمنظومة الحكم "السابقة" في تونس. وركز قائد السبسي حملته الانتخابية على "إعادة هيبة الدولة". وقال مؤخرا في مقابلة مع تلفزيون "الحوار التونسي" الخاص "عندي هاجس أن لا يعترف (المرزوقي) بنتائج الانتخابات".\ ووجهت الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات العامة "تنبيها" الى المرزوقي بعدما قال في إحدى خطبه "بدون تزوير لن ينجحوا" في اشارة الى قائد السبسي. ورفض الباجي قائد السبسي دعوة من المرزوقي بإجراء مناظرة تلفزيونية. واشادت وسائل الاعلام والمراقبون باداء تونس التي نظمت منذ تشرين الاول/اكتوبر انتخابات تشريعية ودورة اولى من الاقتراع الرئاسي اعتبرت كلها حرة. الا انها عبرت عن قلقها من الهجمات الكلامية التي شنها المرشحان. وكتبت صحيفة لوكوتيديان السبت ان "الموعد الانتخابي الذي يفترض ان يحتفي بالحرية والتعددية البناءة تحول الى مهرجان للشتائم"، متسائلة "هل سيتمكن الرئيس الذي سننتخبه غدا من معالجة هذه الجروح الكبيرة المفتوحة؟". ويشعر التونسيون بالاسف لهذه الهجمات الكلامية لكنهم يرون ان الاقتراع يبقى الاساس لمخرج من المرحلة الانتقالية بدون اراقة دماء كما حدث في ليبيا ومصر. وقلص الدستور الذي اقر في كانون الثاني/يناير 2014 صلاحيات رئيس الدولة الى حد كبير. وكانت تونس شهدت في 2013 ازمة سياسية حادة إثر اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي وهما قياديان في "الجبهة الشعبية" (ائتلاف أحزاب يسارية)، وقتل عشرات من عناصر الجيش والشرطة في هجمات نسبتها السلطات الى اسلاميين متطرفين. وتبنى جهاديون انضموا الى تنظيم الدولة الاسلامية، في شريط فيديو نشر على الانترنت مساء الاربعاء عمليتي اغتيال بلعيد والبراهمي مهددين بتنفيذ اغتيالات أخرى. وهذه المرة الاولى التي يتم فيها تبني اغتيال المعارضين. واكدت وزارة الداخلية التونسية ان أحد الذين ظهروا في الشريط ويدعى "أبو مقاتل" واسمه الحقيقي ابو بكر الحكيم، تونسي فرنسي مطلوب لدى السلطات التونسية بتهمة الضلوع في اغتيال بلعيد والبراهمي. واعتبرت الحكومة التونسية في بيان ان "هذه تهديدات لن تثني الناخب التونسي عن الاقبال بكثافة على صناديق الاقتراع" مؤكدة انها اتخذت كل "الاستعدادات الماديّة واللوجستيّة لتأمين الدور الثاني من الانتخابات الرئاسيّة" مع نشر عشرات الالاف من رجال الشرطة والجيش. وقررت الحكومة اغلاق المعبرين الحدوديين راس جدير وذهيبة مع ليبيا التي تشهد حالة فوضى تامة من منتصف ليل الخميس الجمعة وحتى 24 كانون الاول/ديسمبر "باستثناء الحالات الاستعجاليّة والإنسانيّة".