مقبرة الخليج... تتواصل ككل موسم هجرة اللاعبين المغاربة نحو دوريات الخليج العربي، ومن بين الأسماء التي رحلت قبل بداية الموسم هناك محسن متولي، عصام الراقي، يونس الحواصي، يوسف القديوي، وغيرهم من اللاعبين الذين فضلوا كالعادة الرحيل نحو دوريات الدول النفطية. ويعتبر هؤلاء الأربعة من بين أبرز الأسماء التي أنجبتها البطولة الوطنية لكرة القدم خلال السنوات الأخيرة، كما ينتظر خلال فترة الانتقالات الشتوية، رحيل مجموعة أخرى من اللاعبين البارزين... وتعتبر عملية الانتقال عموما، مؤشرا إيجابيا عن قيمة المنتوج الكروي في أية بطولة، إلا أن الوجه الثاني للعملة يكمن في أن أغلب المنتقلين قصدوا الخليج العربي، وبصفة خاصة قطر، الإمارات، البحرين، وعمان، ونسبة قليلة توجهوا نحو الدوري السعودي الذي يبقى الأقوى على صعيد المنطقة. كل هذه المعطيات تؤكد بلا مجال للشك، أن بطولتنا الوطنية تعيش نزيفا موسميا، اسمه الهجرة نحو الخليج العربي الذي يعتبر بحق مقبرة حقيقية للاعبين المغاربة، بعدما ألفنا من قبل انتقال لاعبين اقتربوا من سن التقاعد الرياضي، إلى الخليج بحثا عن نهاية مادية سعيدة لمشوار طويل، وهو اختيار طبيعي وعادي، لا نقاش فيه، وقد اهتدى له أخيرا مجموعة من نجوم كرة القدم الأوروبية، تحت تأثير بريق البترودولار الذي لا يقاوم. إلا أن الإشكال الحقيقي الآن، يتجلى في كون أغلب اللاعبين المغاربة الذين انتقلوا للخليج العربي خلال السنوات الأخيرة، انتقل بعضهم في سن مبكرة، ليختفوا عن الأنظار دون أن يظهر لهم الأثر في خريطة الممارسة الكروية، فلا الأندية التي كونتهم استفادت من عطائهم، ولا هم دعموا المنتخبات الوطنية سواء الفئات الصغرى أو الكبرى. الأمثلة في هذا الشأن كثيرة، فهناك العديد من اللاعبين الذين قصدوا الخليج العربى طمعا في كسب مالي، حتى ولو كان قليلا مقارنة مع ما يتقاضاه الأوروبيون والبرازيليون والأرجنتينيون، لكنه يبقى - على كل حال - أفضل بكثير مما يتقاضونه بالبطولة المغربية، لكن على حساب المستقبل الرياضي. الرحيل المبكر نحو الخليج العربي، يقضي أولا على مستقبل اللاعب، ويضعف الأندية، كما يشكل نزيفا كبيرا لمواهب البطولة الوطنية. نحن مع الانتقال للخارج، لكن نحو أوروبا، أما الخليج فتوقيته معروف، ويتحدد في الوصول إلى سن اليأس كرويا، يكون فيها اللاعب قد قدم الشيء الكثير داخل الملاعب الوطنية التي هي في أمس الحاجة إلى نجوم محليين قادرين على جلب الجمهور، وجلب الاهتمام الإعلامي والمستشهرين والمستثمرين... وبدون شك، فإن الوصول إلى حل لهذا المشكل المزمن يكمن في تقوية الأندية الوطنية، وتأهيلها من الداخل حتى تصبح قادرة على الاحتفاظ بكامل عناصرها، وتقيهم من إغراءات سماسرة الخليج المنتشرين بجل ربوع البلاد، وهمهم الوحيد استغلال بحث اللاعبين والأندية - على حد سواء - عن الاستفادة المادية الآنية... الكرة بمرمى جامعة كرة القدم المطالبة بالتدخل لتحديد نظام جديد للانتقالات، صحيح أن المفاهيم تغيرت، والمنطلقات تبدلت، وحرية الاختيار تعمقت، لكن المصلحة العامة ما تزال قائمة، ومن الضروري التدخل لوضح حد لنزيف طال أمده... هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته