10 غشت.. احتفاء وتقويم أحيى المغرب، أمس الأحد، اليوم الوطني للمهاجر الذي يصادف العاشر غشت من كل سنة. ويشكل هذا اليوم الذي أقره جلالة الملك محمد السادس، فرصة للتطرق للإنجازات وتطلعات المغاربة الذين يعيشون في الخارج وتسليط الضوء على مساهمتهم القيمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدهم الأصلي. كما يعد اليوم الوطني للمهاجر مناسبة للتأكيد على المساهمة الكبيرة للجالية المغربية لتحقيق التنمية على جميع المستويات العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وكذا ضمان إشعاع هذه الجهود على الصعيد العالمي. على أن الاهتمام بقضايا الهجرة والمهاجرين لم يعد مرتبطا بظرفية معينة، ولا باقتراب موسم العبور والعودة. إذ أصبحت قضايا مغاربة العالم تطرح، خلال السنوات الأخيرة، بشكل منهجي ومتواصل طوال أيام السنة، انطلاقا من تصورات مختلفة أحيانا، لكنها تلتقي حول أهداف مشتركة. كما تميزت السنوات الأخيرة بالعديد من المبادرات الهامة التي تصب في مصلحة المغاربة المقيمين بالخارج، حيث تم اتخاذ ترسانة من الإجراءات التي تروم في مجملها الاستجابة لانتظارات مغاربة العالم في مختلف المجالات، ومنها مجال الاستثمار، إذ قامت الحكومة بالعديد من المبادرات الهامة لتشجيع المهاجرين المغاربة على الاستثمار في بلدهم الأم. وخصص الدستور الجديد لسنة 2011، جانبا من مقتضياته لتكريس وتعزيز مجموعة من الحقوق لفائدة مغاربة العالم وبصفة خاصة ما يتعلق بالحقوق السياسية، الشيء الذي اعتبر في حينه بمثابة «خطوة جبارة» باتجاه تمكين الجالية المغربية من الإسهام في الحياة السياسية للوطن الأم. علما أن مبدأ المواطنة الكاملة وحق المشاركة السياسية والتمثيلية البرلمانية، لفائدة الجالية، شكلا على مدى عقود مطلبا حيويا لمغاربة العالم الذين ينتظرون حاليا أن يتم تفعيل هذه المقتضيات ضمن القوانين والمساطر الانتخابية. وفضلا عن المبادرات الرامية إلى تحسين الظروف الاجتماعية لأفراد الجالية المغربية، فقد أعلنت الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج عن تمكين المغاربة المقيمين بالخارج من الانخراط في نظام التقاعد بالمغرب في إطار اتفاقية وقعت مع صندوق الإيداع والتدبير في مجال التقاعد من أجل تغطية تتلاءم ومتطلباتهم. كما أن يوم 10 غشت يشكل أيضا مناسبة للتأكيد على الدور الذي تلعبه الكفاءات المغربية بالخارج في الاقتصاد الوطني. وللاستفادة من هذه الكفاءات، أصبح مطروحا على السلطات العمومية، تحدي سن سياسة تهدف إلى تحسين ظروف العمل، عبر الاهتمام بالتكوين المستمر، والتعليم عن بعد، والابتكار والبحث العلمي فضلا عن الحوافز المالية والمهنية. وبهدف ضمان حماية أفضل لحقوق مغاربة العالم، وحكامة جيدة لملف الجالية المغربية، فإن الوزارة الوصية على القطاع تنكب حاليا على وضع استراتيجية وطنية جديدة تتعلق بالجالية المغربية في أفق 2030. وعلى صعيد آخر، وفي إطار السياسة الجديدة للهجرة التي اختار المغرب الانخراط فيها، طبقا للتوجيهات الملكية، يشكل اليوم الوطني للمهاجر كذلك فرصة لإثارة وضعية المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء المتواجدين بالمغرب الذي تحول إلى بلد استقبال بالنسبة لآلاف من المهاجرين الأفارقة لم يتمكنوا من الالتحاق بأوروبا وقرروا الاستقرار في بلادنا بشكل نهائي. وتواجه المملكة، والتي تتوفر على ترسانة قانونية تنظم إقامة الأجانب والهجرة غير الشرعية فضلا عن مصادقتها على الاتفاقيات الدولية الرئيسية ذات الصلة، مشاكل ذات طبيعة اجتماعية وإنسانية، مما يحتم اعتماد مقاربة تعتمد فضلا على الجانب الأمني جوانب أخرى أساسية. وتبقى الحاجة قائمة إلى سياسة جديدة للهجرة تأخذ بعين الاعتبار الدينامية التي يعرفها المغرب على جميع المستويات، وتجيب في الوقت نفسه على أسئلة المهاجرين السريين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، مع الحفاظ على المصالح الاستراتيجية للمغرب، واحتياجات الاقتصاد الوطني ومبادئ حقوق الإنسان.