الدورة الرابعة تكرم نقيب الموسيقيين المغاربة مولاي أحمد العلوي يواصل مهرجان صيف لوداية فعاليات دورته الرابعة التي تنظمها وزارة الثقافة بتعاون مع المجلس الوطني للموسيقى في الفترة ما بين 31 يوليوز و9 غشت الجاري بفضاء حدائق لوداية الشهيرة، بتقديم فقرات فنية متنوعة.. وبهذه الدورة بدأت تظاهرة «صيف الأوداية» ترسم ملامح معالمها الرئيسية وهويتها المهرجانية باعتبارها صارت «ملتقى دوليا للثقافة والفنون»، وموعدا سنويا قارا ضمن المشهد الثقافي والفني الوطني عموما والرباطي على وجه الخصوص.. وتأتي هذه الدورة، يقول وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي، أسابيع قليلة بعد ترؤس صاحب الجلالة الملك محمد السادس انطلاق مشروع «الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية» الذي سيجعل من الرباط «منارة علمية وفكرية وثقافية بفضل المشاريع الجديدة التي تعتمد على الموروث الحضاري لهذه المدينة ومؤهلاتها البشرية وعلى الدينامية الثقافية والفنية التي تتميز بها». ويؤكد الصبيحي في الكلمة الافتتاحية التي تصدرت كاتالوغ المهرجان، أن وزارة الثقافة، سعيا منها إلى «الانخراط في هذه المشاريع الطموحة، وترسيخا للقيام بدورها في المحافظة على التراث الثقافي وتثمينه وصيانته والمساهمة في إحياء ذاكرته وإنعاش روحه ليصبح تراثا حيا فاعلا ومتفاعلا مع محيطه، يشهد فضاء الأوداية الأثري فعاليات هذه الدورة ليتم التزاوج بين الاحتفاء بالتراث المادي عبر هذا الفضاء الجميل المميز بحديقته الأندلسية وهندسته المعمارية وأسواره العالية، والتراث غير المادي من خلال باقة من الألوان الفنية والتراثية، بمساهمة مجموعة من المبدعين والفنانين المغاربة والأجانب». وفي نفس السياق، اعتبر والي جهة الرباطسلا زمور زعير، عبد الوافي لفتيت، أن مدينة الرباط باعتبارها «قلب المملكة النابض ومركزها الإداري والسياسي، تقف اليوم شامخة بموروثها الثقافي التاريخي الذي تم تصنيفه تراثا إنسانيا عالميا». مضيفا أن هذه المدينة «ذات الحمولة التاريخية والثقافية والتي تشهد معالمها على الحضارات التي مرت بها، أصبح الفعل الثقافي حاضرا بقوة في مختلف مواقعها التاريخية..»؛ وذكر والي الجهة، بدوره، بمشروع «الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية»، حيث «تتمركز بها أهم المؤسسات الثقافية كما أنها تحتضن أهم الأنشطة الثقافية والفكرية للمملكة، إنها مدينة تؤكد انخراطها في المستقبل بارتباط وثيق بموروثها الثقافي والتاريخي الفني المتميز». كما دعا المسؤول الترابي للعاصمة إلى تقاسم المسؤولية بين الجميع من أجل العمل على «المحافظة على هذا التراث الإنساني العالمي وتنميته وإنعاشه حتى يبقى حيا شاهدا على الحضارة العريقة لبلادنا الغالية». من جانبه، اعتبر رئيس المجلس الوطني للموسيقى، الفنان حسن ميكري، أن «هذا المهرجان رفيع المستوى سيتموج في قلب الاحتفالات الملكية وسط أجواء صيفية، مع استضافته طيلة عشرة أيام لفنانين ذوي صيت عالمي منحدرين من المغرب والكونغو وضيف شرف الدورة الرابعة: فلسطين». ويضيف الفنان مكري، في كلمة وقعها بكراس المهرجان، أنه «إذا كانت فعاليات المهرجان الفنية موسومة بالتعدد الثقافي والحفاظ على تراث بلدنا، بلد الشمس المبهرة وهي تشرف على الغروب، فإنها تمتاز بالتنوع وفق برمجة تم إقرارها بعلمية في أفق الاستجابة لانتظارات الجمهور الرباطي المغربي والأجنبي، وإبراز كلية الفن العريق الضارب في القدم أو التقليدي، الفن الذي يتسامى على هالة هويته الخصوصية». وسواء تعلق الأمر بالحديقة الأندلسية الساحرة والخلابة أو بالفضاء الخارجي لقصبة الأوداية المشع بالخضرة، يقول الفنان ميكري، فالأصالة والمعاصرة ستتجاوران في تآلف وانسجام تنسجهما خيمياء الأنغام الجميلة الممتطية صهوة الإيقاعات الفتانة والباهرة لموسيقى الراي والكناوي والملحون، والموسيقى الكلاسيكية والأمازيغية والعالمية، مع حضور جميع أصناف المزج بين الأشكال الموسيقية الذي يسمح لأجيال الفنانين الجديدة، المنفتحة على ثقافات العالم، بالتعبير بحرية عن طريق سهراتها غير المسبوقة وفي إطار الاحترام المتبادل والمشترك. وأعمق من ذلك، يؤكد ميكري، فمهرجان «صيف الأوداية» الدولي حدث احتفالي وتشريفي يتوج الرواد من الملحنين والموسيقيين المغاربة البارعين الذين ساهموا في ازدهار الأغنية المغربية بشتى طاقاتها وخصوصياتها الموسيقية. وتجدر الإشارة أن مهرجان صيف الأوداية منح هذه السنة «درع المهرجان» للملحن الكبير مولاي أحمد العلوي، في التفاتة تكريمية لائقة ورائعة، كما منح جائزة «الفارابي» للموسيقى العتيقة في شخص الفنان الكناوي المعلم غينيا، و»الخلالة الذهبية» للموسيقى الأمازيغية لمجموعة إزنزارن الشامخ، و»الجائزة العالمية للموسيقى العربية» لرائد فن الراي الحديث الشاب قادر. هذا وعرف حفل الافتتاح، ليلة الخميس الماضي (31 يوليوز)، تكريم الموسيقار مولاي أحمد العلوي، رئيس النقابة المغربية للمهن الموسيقية، بحضور وزير الثقافة وسفير مصر بالرباط وعدد من الفنانين وأصدقاء المكرم وجمهور غفير حج إلى حديقة الأوداية التي تحول فضاؤها إلى قاعة للعرض في الهواء الطلق، بتأثيث سينوغرافي وجمالي يستجيب لمتطلبات العرض الفني.. هذا الحفل تميز بتقديم عروض موسيقية وغنائية لفرقة «الأشجان للأوتار الموسيقية» برئاسة الفنان نبيل الشراط الذي عرف كيف ينسق ويقود باقتدار وبمهنية عالية جملة من الفقرات الفنية أداها عدد من شباب الرباط، سواء تعلق الأمر بالمجموعة الصوتية للكورال أو الفتيان والفتيات الذين أدوا غناء منفردا أو الطاقم الفني المكون من موسيقيين وعازفين شباب أبانوا عن مهارات وحققوا إنجازا فنيا ناجحا.. هذا وقبل أن يصعد وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي إلى الخشبة رفقة سفير جمهورية مصر لتقديم درع المهرجان للفنان المكرم، تناوب على المنصة كل من الإعلامي والمسرحي الحسين الشعبي، والفنان المسرحي والباحث في التراث الموسيقي عبد المجيد فنيش، ليلقيا شهادتين مقتضبتين عن الفنان المكرم.. وقبل ذلك أدى الفنان مولاي أحمد العلوي بصوته قطعة غنائية بعنوان «رحلة الأيام» وهي من آخر إبداعاته الموسيقية التي يضمها ألبومه الجديد «العكاز»، وهي أغنية من كلمات الشاعر الزجال الراحل علي الحداني.. يشار إلى أن مهرجان «صيف الأوداية» ينظم كل سنة بمناسبة عيد العرش من قبل وزارة الثقافة بتعاون مع المجلس الوطني للموسيقى، بالفضاء التاريخي قصبة الأوداية. وتشارك في الدورة الرابعة لهذه السنة مجموعة من الفنانين من فلسطينوالكونغو والمغرب. وتتوزع فضاءات المهرجان على منصتين: الأولى داخل قصبة الأوداية بالحديقة الأندلسية (من 31 يوليوز إلى 4 غشت)، والثانية بالفضاء الخارجي للقصبة (من 5 إلى 9 غشت). ومن أبرز الأنشطة التي تشهدها الحديقة الأندلسية، بعد حفل الافتتاح المشار إليه سابقا، عروض غنائية لكل من الفنان الفلسطيني عماد صالح، والإخوة العكاف، والفنان أمينو بليماني، والفنان محمد الغاوي. وبالفضاء الخارجي لقصبة الأوداية، ستقدم عروض لكل من ناصر ميكري، الشاب قادر (جائزة الموسيقى العالمية)، المعلم غينيا (جائزة الفارابي)، الفنان منصف الجيلالي، فرقة التشابوالا (الكونغو)، الفنان عصام كمال، مجموعة إزنزارن الشامخ (الخلالة الذهبية تكريما لروح الفقيد المجموعة عزيز الشامخ). وبالموازة مع الليالي الفنية، يشهد فضاء باب الكبير تنظيم معرض للفنون التشكيلية بمشاركة الثلاثي الخمليشي، زينب، وهيبة وغيثة.