نقل المعركة البرية خلف الحدود مع الكيان تطور نوعي في تدبير الحرب أربكت المقاومة الفلسطينية، وخاصة كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس خطط جيش الاحتلال الاسرائيلي وتكتيكاته، من خلال نقل المعركة البرية إلى خلف حدوده وتحصيناته. وسجلت كتائب القسام أكثر من عملية نوعية، تمكنت من خلالها نقل عدد من مقاتليها إلى خلف الحدود الإسرائيلية من خلال شبكة أنفاق ما زالت تشكل هاجسا مرعبا لجنود الاحتلال. وتشير عمليات التسلل التي تنفذها كتاب القسام وتتمكن من خلالها الوصول الى خلف الحدود مع إسرائيل إلى قرار المقاومة بنقل المعركة البرية إلى الأراضي الإسرائيلية وعدم اقتصارها على أرض غزة وفق ما جرى فجر الاثنين، حيث تسلل عدد من المقاومين الى خلف الحدود وانقسموا هناك إلى مجموعتين خاضتا اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال المتمركزة على الحدود مع غزة وعاد عدد منهم إلى داخل غزة فيما اعترفت مصادر إسرائيلية بمقتل 5 جنود في عمليتين منفصلتين نفذتهما فصائل المقاومة. وأقرت مصادر إسرائيلية بتمكن مجموعتين من المقاومين الفلسطينيين من الدخول خلف خطوط جيش الاحتلال جنوب عسقلان، في المنطقة الواقعة بين «إيريز» و»نيرعام» . وعلى وقع حالة الارباك التي يعيشها المستوى الأمني الإسرائيلي من قرار الفصائل نقل أجزاء من المعركة البرية للأراضي الإسرائيلية أقر الناطق بلسان جيش الاحتلال، الاثنين، بأن مجموعتين من المقاتلين الفلسطينيين وصلتا إلى المنطقة عن طريق نفق في شمال قطاع غزة. وبحسبه فإن أجهزة الرصد تمكنت من معاينتهم، وقامت طائرة بقصف المجموعة الأولى، فيما انسحب الباقون باتجاه قطاع غزة، إلا أن مصادر اسرائيلية أخرى قالت إن المجموعة الثانية التي دخلت عن طريق النفق استهدفت مركبة عسكرية بصاروخ مضاد للدبابات. ومن جهتها أعلنت كتائب القسام في بيان مقتضب الاثنين إنها «نفذت عملية إنزال خلف خطوط العدو»، مؤكدة أن هذه العملية تأتي ردا على مجزرة حي الشجاعية التي راح ضحيتها ما يزيد على 73 شهيدا وإصابة المئات. وقالت الكتائب إن مجاهديها تمكنوا من تدمير جيب عسكري إسرائيلي أثناء عملية الإنزال فيما أعلن جيش الاحتلال أنه قتل عشرة مقاومين في معارك شرق غزة فجر الاثنين معترفا في الوقت ذاته باصابة 6 جنود في غزة جراح اثنين حرجة والباقي متوسطة. وتأتي عمليات القسام نقل المعركة البرية خلف الحدود مع إسرائيل في تطور نوعي لم يعهده جيش الاحتلال على صعيد المقاومة التي تحاول أن تجعل من الأرض الاسرائيلية مسرحا للعمليات البرية وعدم اقتصارها على أرض غزة، وذلك من خلال شبكة الانفاق التي شيدتها خلال السنوات الماضية للوصول لداخل إسرائيل بعيدا طائرات المراقبة ورادارات الرصد والتتبع. وعلى وقع المفاجآت التي يتلقاها جيش الاحتلال من المقاومة التي تسعى لنقل المعركة البرية إلى خلف الحدود وفي محيط المستوطنات القريبة من غزة بدأ المستوى السياسي والامني الاسرائيلي يسير نحو التوجه لحرب شاملة في غزة بعد أن كان التوجه مقتصرا على عملية عسكرية تقرر إسرائيل بدايتها ونهايتها إلا أن إعلان كتائب القسام عن أسر جندي إسرائيلي أربك الحسابات الاسرائيلية، وفتح الباب على مصراعيه أمام إمكانية استمرار قوات الاحتلال في الحرب البرية غير المستعدة لها أصلا وفق ما يقوله بعض المحللين الاسرائيليين. وفي ذلك الاتجاه كتب المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، الاثنين، يقول إن الجيش الإسرائيلي وقع في عدة أخطاء خلال العدوان الحالي على غزة، «وفقا للتحقيقات الأولية»، أولها استخدام آليات قديمة، مثل المدرعة من الطراز القديم، التي استهدفتها المقاومة الفلسطينية بقذيفة مضادة للمدرعات وأسفرت عن مقتل سبعة جنود من بين الجنود ال13 القتلى، ليلة الأحد. وخطأ آخر ارتكبته قوات الاحتلال، وفقا لهارئيل، يتعلق بتجمع عشرات الجنود من لواء «جولاني» في بيت أصيب بقذيفة أطلقها المقاتلون الفلسطينيون. «وهذا الأمر يرتبط بالإخفاقات الكبيرة» لدى تفجير نفق في غزة، يوم السبت، ما أسفر عن مقتل ضابط وجندي إسرائيليين. وأشار هارئيل إلى أن «الجيش الإسرائيلي لم يختبر خلال السنوات الماضية القتال البري عامة وفي قطاع غزة خاصة، وتم فقدان جزء من الخبرة العسكرية مع تسرح جيل من الضباط». وأضاف أنه «حدث تراجع على مستوى التدريبات أيضا، في العام الأخير، بحجة عدم توفر ميزانيات كافية».