دشنت إسبانيا، أول أمس، مرحلة جديدة في تاريخها بتولي الأمير فيليب، نجل الملك خوان كارلوس، عرش المملكة عقب تنازل والده. لقد جرت كل المراسيم وفق ما ينص عليه القانون، واحتفى الإسبان بالحدث، وردد المتجمهرون في الشوارع والطرقات: تحيا إسبانيا، ليحيا الملك، ووجه الملك فيليب )46 سنة( خطابه الأول أمام البرلمان، حيث أكد على أهمية أن يستعيد المواطنون ثقتهم في مؤسسات بلادهم، وأن يشعر كل فرد بانتمائه إلى هذه الأمة، مشددا على إيمانه بوحدة اسبانيا، ووعد بملكية «نزيهة وشفافة»، وبأنه سيحكم «بنزاهة وشفافية». الشعب الإسباني انتقل، إذن، أول أمس، من مرحلة خوان كارلوس ليلج مرحلة جديدة، ولم يكن الانتقال بسيطا أو عاديا، ذلك أنه يعني ملكا كبيرا ارتبط اسمه بإنجاح مسار الانتقال الديمقراطي في بلاده، وتسجل له كامل الطبقة السياسية دوره البارز في بناء إسبانيا ما بعد عهد فرانكو، وتفعيل المصالحة الوطنية بين الإسبان، والحرص على خدمة المصالح العليا للشعب الإسباني، وبالتالي الارتقاء بالمملكة الإسبانية إلى مصاف الدول ذات الحضور الفاعل والوازن إقليميا ودوليا. هذه هي المرحلة التي يطوي اليوم الشعب الإسباني صفحتها، وهو يطويها ببعض الجدل فعلا، لكن بكثير من التقدير للأسرة الملكية، ولخوان كارلوس. المرحلة الجديدة تبدأ ضمن سياقات مجتمعية تتسم بالأزمة الاقتصادية وانعكاساتها الاجتماعية داخل البلاد، وذلك ما برر حرص العاهل الإسباني الجديد في خطابه الأول على أن يبعث رسالة تفاؤل لشباب بلاده، داعيا الجميع إلى الوحدة وإلى التطلع إلى المستقبل. في المغرب يتأسس التطلع إلى العهد الجديد في الجارة إسبانيا على ما ستبرزه مدريد من دينامية وتفاعل مع المصالح والقضايا المغربية، وأيضا على صعيد التعاون بين المملكتين الجارتين، ولهذا تعتبر الفترة القادمة مناسبة للتعرف على اتجاه المستقبل، خاصة أن العاهل الجديد يعرف عنه اهتمامه بعلاقات بلاده مع المغرب، كما أن العلاقات بين الأسرتين الملكيتين، المغربية والإسبانية، تتميز بكثير من الحميمية والتفاهم منذ عقود، فضلا على أن التحديات التنموية والإستراتيجية المطروحة اليوم على البلدين والمنطقة تفرض تقوية التعاون الثنائي والإقليمي بما يحمي الأمن والسلم ويعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لفائدة الشعوب.