الواقع الحقوقي للمهاجرين يقود إلى إحداث شبكة للدفاع عن حقوق مغاربة العالم في بلاد المهجر شكل موضوع حماية حقوق المهاجرين في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، محور لقاء دراسي دولي أقامته، أمس بالرباط، الوزارة المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، للاحتفاء باليوم الوطني للمهاجر في دورته الثامنة والذي يصادف تاريخ 10 غشت من كل سنة. وأوضح الوزير محمد عامر أن الأهداف الأساسية وراء تنظيم هذا اللقاء تتمثل في القيام بتشخيص للواقع الحقوقي والإشكاليات القانونية التي يعاني منها المهاجرون، وذلك عبر مقاربة مختلف الإشكاليات القانونية التي تعترض أفراد الجالية، وكذا وضع برنامج عمل تشاركي لمواكبة الجالية وخاصة الفئات التي تعاني أكثر من الهشاشة، هذا فضلا عن وضع اللبنات الأولى لتشكيل نواة شبكة للدفاع عن الحقوق الأساسية للمهاجرين في بلاد المهجر تضم في عضويتها مجموعة من الحقوقيين والخبراء والجمعيات الفاعلة في مجال الهجرة. وأكد الوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج أن وضع اللبنات الأولى لتأسيس هذه الشبكة والتي فرضها سياق الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي يعيش المهاجرون حاليا تداعياتها، يعد أحد الأهداف الاستراتيجية والأساسية المرجوة، على اعتبار أن تلك الآلية ستمكن من تقديم دعم لأفراد الجالية خاصة تلك التي توجد في وضعية صعبة، بل وستمكن من جعل النخب الناجحة من المهاجرين تعمل من أجل قضايا فئات المهاجرين في وضعية الهشاشة. وأضاف عامر الذي كان مرفوقا بوزير الدولة محمد اليازغي، ووزير العدل محمد الناصري، ووزير التشغيل جمال أغماني، والكتاب العامين لعدد من القطاعات الوزارية، أن الاحتفاء باليوم الوطني للمهاجر يعد مناسبة لإجراء تقييم لكل الخطوات والسياسات والبرامج التي يتم اعتمادها لفائدة الجالية، مذكرا بالمحاور الأربعة التي يتأسس عليها البرنامج الحكومي بهذا الخصوص، ممثلة في الجانب الثقافي، والجانب الاجتماعي عبر العمل على دعم النسيج الجمعوي، ومحور تنموي من خلال تشجيع استثماراتها وتعبئة كفاءاتها، والمحور الحقوقي. وأبرز أن الحكومة، في تعاطيها لهذه المحاور، تعتمد مقاربة تضامنية تشاركية حداثية ومنفتحة على المستقبل، وتعتبر الجالية جسرا لبناء علاقات قوية بين المغرب ودول الاستقبال. من جانبه أشار جمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني، أن حماية حقوق الجالية المغربية بالخارج التي تعد من أهم أولويات الحكومة، تتطلب وضع مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار جميع مضامين المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعددة المتعلقة بحقوق الإنسان سيما حقوق المهاجرين، وبنود الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالضمان الاجتماعي المبرمة بين المغرب ومجموعة من الدول الأجنبية. وقال إن المغرب في هذا الصدد أبرم من خلال وزارة التشغيل ما يناهز 17 اتفاقية ثنائية، منها 12 اتفاقية دخلت حيز التنفيذ وتهم كلا من فرنسا، بلجيكا، هولندا، إسبانيا، السويد، ألمانيا، الدانمارك، رومانيا، تونس، البرتغال وكندا، في حين باقي الاتفاقيات توجد في مسطرة المصادقة. وأعلن في المقابل، أنه تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير التنظيمية من أجل الشروع في إجراء مفاوضات مع تونسوبلجيكا والنرويج واليونان وتركيا وبلغاريا لإبرام اتفاقيات ثنائية في مجال الضمان الاجتماعي، وكذا إجراء اتصالات أولية مع بعض دول الخليج والولايات المتحدةالأمريكية وإنجلترا قصد دراسة إمكانية إبرام اتفاقيات ثنائية معها. وفي ما يمكن اعتباره ردا ضمنيا على بعض الانتقادات التي توجه للوزارة بخصوص تشغيل بعض العاملات في إسبانيا، أشار الوزير أن المشرع المغربي خص العمال والعاملات المغاربة المرشحين للهجرة إلى الخارج بمجموعة من المقتضيات القانونية تضمن حقوقهم الاجتماعية، بحيث نص على وجوب التوفر مسبقا على عقود عمل تتضمن حقوق وواجبات الطرفين، مصادق عليها من قبل المصالح المختصة لدى الدول المستقبلة، ومؤشر عليها من قبل السلطة الحكومية المغربية المكلفة بالشغل. أما عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، فقد أكد على ضرورة امتلاك المغرب للأدوات اللازمة للدفاع عن حقوق مواطنيه بالخارج، داعيا أفراد الجالية إلى الانخراط بشكل أكثر في مجال حماية حقوقهم والعمل على هيكلة النسيج الجمعوي في بلاد المهجر الذي يتسم بحالة التشتت، على حد قوله. وأبرز «الصعوبات» التي تعترض مجال حماية هذه الحقوق حيث أن هناك الكثير من الحكومات تعتبر دفاع الدول عن مهاجريها بمثابة تدخل في شؤونها الداخلية، خاصة إن كان الأمر يتعلق بقضايا حساسة كالحقوق الدينية.ودعا بوصوف في هذا الصدد إلى بلورة منظور مغاير حول الجالية حتى تكون عنصر أمن وازدهار واستقرار وقيمة مضافة بمجتمعات دول الاستقبال، والعمل على تغيير الصورة النمطية ونظرة الشك والريبة التي تحيط بالمهاجرين، قائلا «إنه مهما كانت قوة الترسانة القانونية، فلا يمكن أن تجعل المهاجر في مأمن من فقدان بعض حقوقه». أما يوسف العمراني الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية، فقد أشار إلى أن قضايا الهجرة تعد إحدى أولويات الدبلوماسية المغربية، «فاعتبارا للدور الطلائعي لأفراد الجالية كسفراء للمغرب وفي الحوار الدائم مع شركاء المغرب الأروربيين، فإن قضايا الجالية تحتل المرتبة الثانية بعد القضايا السياسية في أجندة الوزارة». وأوضح أن المديرية العامة للشؤون القنصلية والاجتماعية التابعة لوزارة الخارجية تعمل في هذا الإطار على تفعيل وتوسيع العمل القنصلي والتواجد أكثر بالمناطق التي تعرف حضورا مكثفا للجالية.