اليمين المناهض للاتحاد يضاعف مقاعده بالبرلمان الأوربي زلزال سياسي قوي عرفته القارة العجوز، في أعقاب نتائج الانتخابات الأوربية التي أعلن عن نتائجها مساء أول أمس الأحد، والتي منحت الفوز للقوميين المتشككين في الاتحاد الأوروبي، بما فيها أحزاب اليمين المتطرف، بحصولهم على أكبر عدد من المقاعد في تاريخ البرلمان الأوربي، مما بات يهدد مستقبل الاتحاد. وحسب النتائج االأولية المعلنة في دول الاتحاد الأوربي، بعد اقتراع دام أربعة أيام، فإن أحزاب الوسط المؤيدة للاتحاد فازت ب 212 من مقاعد البرلمان الأوروبي البالغ عددها 751 مقعدا، بينما فازت الأحزاب الاشتراكية ب 186 مقعدا، والديمقراطيون الليبراليون 70 مقعدا، والخضر 55 مقعدا، والمحافظون 44 مقعدا، واليساريون 43 مقعدا. في فرنسا حققت الجبهة الوطنية اليمينية فوزا ساحقا، بحصولها على حوالي 25 في المائة من مجموع أصوات الناخبين، واستطاعت مضاعفة عدد مقاعدها بالبرلمان الأوربي 6 مرات، منتقلة من 4 مقاعد التي حصلت عليها سنة 2009 إلى 24 مقعدا في انتخابات هذه السنة. وتراجع الحزب الاشتراكي، حزب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى المرتبة الثالثة، بحصوله على 14.7 في المائة من الأصوات، وفاز ب 13 مقعد بالبرلمان الأوربي، وهي أسوأ نتيجة يحققها الحزب الحاكم في فرنسا في تاريخ مشاركته في الانتخابات الأوربية، بينما احتلت الحركة من أجل الجمهورية المرتبة الثانية وراء الجبهة الوطنية، بحوالي 20 في المائة من الأصوات، وفازت ب 19 مقعد. ولم يكن حال بريطانيا أحسن من جارتها فرنسا، حيث اكتسح حزب استقلال المملكة المتحدة الانتخابات الأوربية، وحقق فوزا كبيرا بعد فرز نصف صناديق الاقتراع، على كل من حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وحزب العمال. ويعتبر حزب استقلال المملكة المتحدة من الأحزاب المناهضة للاتحاد الأوربي ويطالب بالانسحاب الفوري لبريطانيا من الاتحاد. وشكلت هولندا واحدة من الاستثناءات داخل دول الاتحاد، حيث لم يحقق حزب اليمين الهولندي المتطرف الذي يتزعمه خيرت فيلدرز، المعادي للمهاجرين والإسلام، ما حققته الأحزاب اليمينية في بلدان أخرى. وفي ألمانيا، التي تتوفر على أكبر عدد من المقاعد بالبرلمان الأوربي، وإيطاليا استطاعت أحزاب الوسط الصمود أمام اكتساح المناهضين للاتحاد الأوربي، وتمكنت من الحفاظ على تقريبا عدد مقاعدها في النسخة السابقة من البرلمان الأوربي. ويعكس الانتخابات الأوربية التي جرت ما بين 22 و25 ماي الجاري غضب الناخبين من التوجهات المتبعة من طرف حكومات الدول الأوربية، وسخطهم على السياسات الاقتصادية القائمة على التقشف، والتي نتجت عنها ارتفاع قياسي لمعدلات البطالة في دول الاتحاد، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين. وذهلت الطبقة السياسية بفرنسا من الصعود غير المتوقع للجبهة الوطنية الفرنسية، ذات التوجه اليميني المتطرف، بزعامة مارين لوبين، نجلة الزعيم التاريخي للحزب جون ماري لوبين، حيث اعتبر الوزير الأول الفرنسي هذه النتائج بمثابة «الزلزال السياسي» داعيا في نفس الوقت إلى المزيد من التدابير الاقتصادية والاجتماعية لإعادة ثقة الناخبين. أولى ردود الفعل بفرنسا كانت استدعاء الرئيس فرانسوا هولاند للوزير الأول، مانويل فالس، إلى اجتماع عاجل بالإليزي أمس الاثنين، فيما وصف باجتماع خلية أزمة لتحليل النتائج التي وصفها المراقبون ب «الكارثية» على الحزب الحاكم، بالمقابل استدعى حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، المعارض، مكتبه السياسي لاجتماع عاجل يومه الثلاثاء، لتدارس وتقييم نتائج الاقتراع الأوربي، النتائج الهزيلة التي حققها الحزب، مقارنة مع سنة 2009.