تكريم القاص الراحل مبارك الدريبي الدفء والحميمية هو الإحساس الذي ينتابك وأنت تحط الرحال بمشرع بلقصيري، المدينة الجميلة القابعة في جهة الغرب، والتي أصبحت قبلة عشاق القصة القصيرة من مختلف ربوع المغرب، عبر مهرجانها الوطني العاشر للقصة القصيرة، الذي نظمته جمعية «النجم الأحمر للتربية والثقافة والتنمية الاجتماعية» مؤخرا، وقد تميزت الدورة بالانفتاح على المؤسسات التعليمية من خلال اللقاءات المفتوحة مع المبدعين التي انطلقت بها فعاليات المهرجان، وذلك بثانويتي الأمير مولاي رشيد ومشرع بلقصيري التأهيليتين، وبثانويتي ابن بصال والليمون الإعداديتين، بمشاركة ثلة من المبدعين: عبد القادر الدحمني، ربيعة عبد الكامل، ليلى بارع، ليلى مهيدرة، المصطفى كليتي، محمد لغويبي، علي بنساعود، أحمد شكر. كانت الساعة تشير إلى حوالي الثامنة مساء، عندما بدأ المبدعون والنقاد بالتوافد على قاعة قصر البلدية، للاحتفاء بالقصة القصيرة وبالقاص الراحل مبارك الدريبي المحتفى به خلال الدورة العاشرة. وقد انطلق حفل الافتتاح بشريط «ذاكرة المهرجان» وتميز بمشاركة الفكاهي الياسين الركراكي الذي أتحف ضيوف المهرجان بفقرات فكاهية، ثم تناول الكلمة الأستاذ بنعيسى الشايب (رئيس الجمعية) مرحبا بالمشاركين والحاضرين، مؤكدا على أن مهرجان القصة القصيرة أصبح تكريسا سنويا بهذه المدينة، كما حيى كل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاح فعاليات الدورة العاشرة، من قصاصين ونقاد وإعلاميين ومهتمين بالشأن الثقافي. وتخلل حفل الافتتاح الإعلان عن نتائج الدورة الحادية عشرة لمسابقة أحمد بوزفور للقصة القصيرة، التي سهرت عليها لجنة القراءة المكونة من الأساتذة: المصطفى كليتي، عبد الهادي الزوهري، محمد صولة، حيث فاز بالجائزة الأولى القاص عز الدين الماعزي (الجديدة)، والجائزة الثانية فاز بها القاص توفيق بوشري (سيدي سليمان)، في حين فاز القاص علاء الشاوي (الدارالبيضاء) بالجائزة الثالثة. واختتم الحفل بفعاليات تكريم القاص المغربي الراحل مبارك الدريبي بحضور أفراد أسرته، وهي التفاتة مميزة من طرف جمعية «النجم الأحمر». وبعد استراحة قصيرة، انطلقت فعاليات الندوة التكريمية للقاص الراحل مبارك الدريبي،والتي تمحورت حول موضوع: «مبارك الدريبي قاصا وإنسانا»، وقد شارك الأستاذ إدريس الصغير بورقة تحدث فيها عن علاقته الحميمية بالقاص الراحل، وعن تجربته الإبداعية في مجال القصة والرواية ومعاناته من المشهد الأدبي، وركز الأستاذ الميلودي السعدي في ورقته على تقديم قراءة نقدية لرواية القاص الراحل «شارع ناصية البحر»، أما الأستاذ محمد صولة فقد تناول في ورقته المعنونة ب «المتخيل وأسئلة الروائي»، قراءة في الرواية السالفة الذكر، في حين قدم الأستاذ مصطفى أجماع في ورقته قراءة عاشقة في أحد نصوص القاص الراحل مبارك الدريبي. فعاليات اليوم الثاني من المهرجان، انطلقت بقراءات قصصية بمشاركة: أحمد السقال (العرائش)، حسن البقالي (تيفلت)، حسن اليملاحي (تطوان)، علي بنساعود (فاس)، محمد البغوري (طنجة)، ليلى مهيضرة (الصويرة)، عبد الحق الشنوفي (سيدي سليمان)، تلتها ندوة نقدية حول موضوع: « عنوان القصة»، تميزت بمشاركة الأستاذ أحمد بوزفور بورقة ركز فيها على ثلاثة محاور: العنوان الاسم الذي يشكل محور القصة، والعنوان الوظيفة وهو عنوان لا علاقة له بالموضوع لكنه يعتبر جزءً من القصة، والعنوان النشاز وهو شائع لدى كتاب صحاري أمريكا يعبر عن الغرابة في موضوع القصة، وتحدث الأستاذ الحبيب دايم ربي في ورقته التي عنونها ب»الشطط في العنوان» عن الاسم الشخصي للكاتب وقضية العنوان، باعتبارهما يحددان الهوية أو الرمزية، فالإسم محكوم بإكراهات شجرة العائلة والزمان والمكان، كما يصبح العنوان قدرا في القصة أو الرواية، في حين ركز الأستاذ المصطفى كليتي في ورقته التي عنونها ب»يرشَحُ ماء النص من عنوانه: منجز أحمد بوزفور نموذجا» على التعريف اللغوي للعنوان ودروب تأويله عند التلقي ومجالات النقد، كما تحدث عن جوانب من استراتيجية العنوان عند القاص أحمد بوزفور من خلال أعماله القصصية، أما الأستاذة سلوى الكحلاني - ضيفة المهرجان من اليمن - فقد تحدثت في ورقتها عن العنوان ودوره في النص، مستشهدة ببعض الأعمال القصصية والروائية لكتاب من اليمن. وفي مساء اليوم نفسه، وعلى تمام الساعة السابعة مساء شهدت قاعة دار الشباب القدس فعاليات الأمسية القصصية، بمشاركة ثلة من القصاصين والقصاصات: أحمد بوزفور (الدارالبيضاء)، عبد الحميد الغرباوي (الدارالبيضاء)، سعيد منتسب (الدارالبيضاء)، زهير الخراز (أصيلة)، عبد المجيد الهواس (الرباط)، مصطفى المودن (سيدي سليمان)، رشيد شباري (طنجة)، عبد السلام الجباري (أصيلة)، محمد الحفيظي (زاكورة)، باتول المحجوب (طانطان)، فاطمة الزهراء المرابط (أصيلة)، نادية الازمي (طنجة)، عبد الهادي الفحيلي (برشيد)، حميد الراتي (سوق أربعاء الغرب)، واختتم اليوم بتكريم الفنانة التشكيلية جمعة دادة من طرف أعضاء الجمعية وبحضور ضيوف المهرجان. وعلى مشارف الساعة الحادية عشر من صبيحة يوم الأحد، توافد تلاميذ الثانويات التأهيلية والإعدادية بالمدينة على فضاء دار الشباب القدس، للمشاركة في الورشة القصصية، التي أشرف على تأطيرها القاص رشيد شباري باسم «الراصد الوطني للنشر والقراءة» وذلك من أجل تشجيع الناشئة وتحفيزها على القراءة والكتابة. وافتتح الورشة بحوار مع التلاميذ حول القراءة وأهميتها في حياة التلميذ الاجتماعية والدراسية، ثم تطرق للحديث عن تقنيات الكتابة القصصية وخصائصها، مستعينا بمقطع حكائي من «ألف ليلة وليلة»، قبل أن تشرع الأقلام الواعدة في نسج نصوص قصصية، تميزت بالحس الإبداعي والتنوع الحكائي والجرأة في تناول المواضيع المختلفة، وقد تناوب التلاميذ على قراءة القصص الناتجة عن الورشة القصصية بحضور ثلة من المبدعين: فاطمة الزهراء المرابط، توفيق بوشري، المصطفى كليتي، محمد لغويبي، محمد الشايب، عماد أحيطور، محمد صولة، مصطفى أجماع. واختتمت فعاليات المهرجان -الذي تخلله معرض جماعي للفن التشكيلي للفنانين: إدريس بوعادي، الطيب اشعيب، عبد الله اليماني وجمعة دادة- بالإعلان عن القاص والروائي إدريس الصغير محتفى به خلال الدورة القادمة. *كاتبة مغربية