سجل التاريخ الحديث للشعب العراقي صفحات مشرفة في الكفاح الوطني والقومي. من بينها ما ثبت موقفا واضحا من المخططات والمشاريع الصهيو امبريالية في المنطقة العربية، وأعلن تضامنا واسعا مع نضال الشعب الفلسطيني الشقيق ضد تلك السياسات التي استهدفت وجوده ووطنه ومستقبله. وهذه المظاهرة شاهد عيان واثبات له. وهي مؤشر للوعي الوطني والقومي وتفتح الفكر التقدمي لدى النخب السياسية والثقافية في العراق في تلك الفترة الزمنية، في نهاية الربع الاول من القرن الماضي. هذه المظاهرة بداية مشوار الدعم وإشارة التفهم والإسناد لقضايا الشعوب العربية والفلسطيني خصوصا. بينت دور النخب اليسارية في تحريك الشارع وإعلان موقف التضامن والإسناد والمشاركة في الهموم والقضايا الوطنية والقومية. وهي بتفاصيلها صفحة من صفحات التاريخ السياسي للحركة الوطنية التقدمية في العراق. اندلعت المظاهرة احتجاجا على زيارة السير الفرد موند، الصهيوني المؤيد للحركة الصهيونية، الذي كان يزور فلسطين حينها وقرر زيارة العراق «لدراسة احواله الزراعية» كما اعلن يومها. وفق ما كتب المؤرخ الاستاذ حنا بطاطو (1926- 24 يونيو 2000): «وكان السير الفرد موند هو السبب المباشر للمظاهرة. وكان موند مؤيدا بحماسة للحركة الصهيونية»، وأضاف: «وعشية وصوله عقد نادي التضامن اجتماعا مستعجلا توالى خلاله كل من حسين الرحال ويوسف زينل على اقناع زملائهم بان النية الحقيقية لموند هي اقامة مستوطنة صهيونية في العراق. واقترح الاثنان تنظيم مظاهرة، وتمت الموافقة على الاقتراح فورا. وعندما بدأ الطلاب في اليوم التالي مسيرتهم عبر المدينة لحق بهم جمع كبير من الناس، وما كاد المتظاهرون يصلون ال محطة السكك الحديدية حتى تضخم عددهم ليفوق العشرين الفا. وكانت تنتظرهم هناك قوة من رجال الشرطة بادرت الى تهديدهم وإصدار الاوامر لهم بالتفرق.. وبدأ العراك عندما رفض المتظاهرون التزحزح من مكانهم»(1). نادي التضامن هو المحرك للمظاهرة، وهو الذي نظمها ورفع شعاراتها. تأسس عام 1926 ببغداد، نشط فيه شباب يساريون، من ابرزهم حسين الرحال، يوسف زينل ، محمود احمد السيد، زكي خيري، حسين جميل، عبدالله جدوع، محمد سليم فتاح، عاصم فليح، مهدي هاشم، مصطفى علي، عوني بكر صدقي، عبدالفتاح ابراهيم، عزيز شريف، عبد القادر اسماعيل، ابراهيم القزاز، وآخرون بالتأكيد. بينما كتب مؤرخ الوزارات العراقية الاستاذ عبد الرزاق الحسني (1903 – 24 دجنبر 1997) عن الموضوع تحت عنوان: قضية الفرد موند، ما يلي: (في 8 شباط عام 1928م كان موعد زيارة السر الفرد موند للعراق وهو زعيم صهيوني بريطاني معروف بنشاطه الواسع في توسيع الحركة الصهيونية العالمية ومن كبار رجال المال والاقتصاد الانكليز وكان الغرض من زيارته دراسة مشروع مد خط لأنابيب النفط العراقي من كركوك إلى ميناء حيفا المطل على البحر الأبيض المتوسط. فأنتهز البغداديون الفرصة وقرروا القيام بمظاهرات صاخبة تندد بهذا الرجل الصهيوني واستنكار السياسة البريطانية المتبعة في فلسطين فتجمهر طلبة المدارس والناس في عصر ذلك اليوم ورفعوا ألواحا وأعلام كتب عليها (لتسقط الصهيونية) و(ليسقط وعد بلفور) و(تحيا الأمة العربية) حتى تجاوز عدد المتظاهرين عشرين ألف نسمة وتوجهت هذه الجموع البشرية صوب محطة الكرخ ودارت معركة شرسة بين المتظاهرين ورجال الشرطة وجرح الكثير من الطرفين وتسلل الكثير من المتظاهرين ولهم نيتهم في اعتراض موكب هذا الزائر الصهيوني وانتبهت السلطات لخطورة الموقف فذهب مدير الشرطة (حسام الدين جمعة) مع قوات مسلحة إلى نقطة (أبو منيصير) على طريق الفلوجة لتأمين حياة هذا الناشط الصهيوني وقاموا بتغيير طريق وصوله إلى بغداد عن طريق الكاظمية الاعظمية ووصل دار المعتمد السامي البريطاني في الساعة السابعة والنصف مساءا. وأما أصحابه فقد استضافهم أحد أثرياء اليهود وتولت الشرطة حمايتهم تزامنا مع اعتقال العشرات من المتظاهرين وغلقت نادي التضامن الأدبي بحجة أنه كان السبب في تنظيم التظاهرات وصادرت أوراقه واعتقلت أعضاءه ونفت رئيس النادي ( يوسف زينل) إلى خارج بغداد على أساس أنه كان وراء التظاهرات وصدرت الأوامر بمنع التجمهر في الطرق والساحات دون اذن منها وتم طرد عدد غير قليل من الطلبة بحجة اشتراكهم في المظاهرة بعد أن اقتحمت الشرطة القسم الداخلي من دار المعلمين لإخراج الطلاب المطرودين وتسفيرهم إلى ذويهم بعد مقاومة عنيفة من قبل زملائهم وبعدها ذهب وزير المعارف توفيق السويدي إلى مدرسة دار المعلمين وكلف الهيأة التعليمية بوجوب إخبار وإعلام الطلبة بأمر الحكومة وهو أن يعلن للطلاب أنه سيطلق الرصاص على المتظاهرين إذا تظاهروا ونشر ذلك في جريدة العراق العدد 2373 بتاريخ 10 شباط عام 1928م. وعلى أثر هذه المظاهرات العنيفة أحتج المندوب السامي البريطاني لدى الملك فيصل الأول ( إن خبر المظاهرات ضد الصهيونية يترك أثرا سيئا في أوربا ويخل بسمعة العراق وإن من الأهمية بمكان اتخاذ التدابير السريعة التي ترضي العالم المتمدن بأن مثل هذه الإحداث لن تتكرر) والنسخة الأصلية من هذه الوثيقة موجودة في المركز الوطني العراقي لحفظ الوثائق: الأضبارة د 6 / 3 لسنة 1927م إلى سنة 1929م الورقة رقم 21. وأكد الكاتب ( حاييم ي. كوهين) في ص150 من كتابه ( النشاط الصهيوني في العراق) ما يلي: (إن مجيء الفريد موند إلى العراق في شباط عام 1928م تسبب في حصول أول مظاهرة معادية للصهيونية. غير أنها لم تكن معادية لليهود حتى أن مظاهرات غشت عام 1929م التي أعقبت اضطرابات عام 1929م في فلسطين لم تكن في الأساس موجهة ضد اليهود)(2). ومن جهته ارّخ المناضل الشيوعي، الراحل، زكي خيري (11 ابريل 1911- 19 فبراير 1995) في مذكراته: صدى السنين في ذاكرة شيوعي عراقي مخضرم، (3) مشاركته في المظاهرة والإعداد لها والمشاركين فيها. فكتب: كنا نتتبع بقلق بالغ اخبار الشعب الفلسطيني ونضاله ضد الصهيونية والاستعمار البريطاني ومن هنا معارضتنا لسكة حديد بغداد حيفا ولكل مشروع له صلة ببريطانيا ونفوذها في فلسطين. وذات يوم جاءتنا الصحف الدمشقية بأخبار وصول (سير الفريد موند) الذي غدا بعدئذ (لورد بيلتشيت) رئيس شركة الصناعات الكيمياوية الامبراطورية I.C.I الاحتكار البريطاني الضخم. وكان من زعماء الصهيونية. وبلغتنا الاخبار عن وصوله الى دمشق وكيف حاصره الوطنيون في الفندق ثلاث ايام متوالية احتجاجا على الزيارة الاستفزازية. وعلمنا انه سيزور العراق بدعوى من الملك فيصل فاقسمنا ان نفسد عليه الزيارة ونحول دون استقباله رسميا مهما كلف الامر وان لا نكون اقل حصافة من اهالي الشام او اقل غيرة منهم. أضاف كانت مظاهرة العام الماضي، فبراير 1927 أي مظاهرة «الحرية الفكرية» مظاهرة سريعة خاطفة، وأول الرقص حنجلة كما يقال، اما مظاهرة فلسطين هذه الاولى في تاريخ العراق فيجب ان تكون مهيأة ومنظمة وذات شعارات مكتوبة على لافتات من نسيج القطن «الخام الابيض الناصع» ويجب ان تكون مشتركة، أي ان يشارك فيها طلاب الثانوية المركزية وطلاب دار المعلمين الابتدائية في الكرخ. (..) وبدأنا العمل علانية بين طلاب الثانوية وقد امسك حسين جميل بقائمة طويلة وبالقلم لتسجيل التبرعات والمتبرعين لشراء ما يلزم لصنع اللافتات ودفع اجور الخطاط وقمت انا بدور الدعاية والتحريك. اليس من العار علينا ان ندعه يمر في حين اهل الشام حصروه في الاوتيل ثلاث ايام متوالية!. انها مناسبة للاحتجاج على وعد بلفور!. الكل اصغوا باهتمام وناقشونا واستجابوا وتبرعوا بالبيزات والانات الهندية باستثناء يهودي واحد من بين عدد من اليهود بقي يجادل ويبدي عدم قناعته حتى الاخير فتركناه وشانه. وأكمل: سارت المظاهرة.. ووصلت الساحة مقابل مركز شرطة السراي لتأخذ اللافتات من جلال الخياط وكان قد نشرها امام اعين الشرطة. وكانت الشرطة عديمة التجربة في هذا الفن الذي يسمونه مظاهرة منظمة ذات شعارات مخطوطة ومحمولة. هذا الفن الذي عممه الحزب الشيوعي العراقي فيما بعد حتى غدا تقليدا من التقاليد الوطنية. واخترقت المظاهرة سوق السراي وعبرت جسر الشهداء. وفي جانب الكرخ التحمت بمظاهرة دار المعلمين فتضاعف عددها فورا. وواصلت السير في علاوي الحلة حتى الساحة التي يقوم عليها الان المتحف الوطني. وكانت هناك عربات حمل مكشوفة لسكك الحديد. وتوقفت المظاهرة ليلقي الخطباء كلماتهم النارية. وانطلقت المظاهرة بعد ذلك على جسر الاحرار وعبرته ثم مالت في شارع الرشيد الى نهايته الجنوبية على النهر حيث كان مبعوثو امريكا وفرنسا والقائد العام للقوة الجوية البريطانية. والقى الخطباء خطبهم ايضا على كومة من الطين ثم سلمت احتجاجات المتظاهرين على وعد بلفور الى ممثلي الدول الاجنبية. وعادت المظاهرة ادراجها على طول شارع الرشيد الى جسر الشهداء لتعبره مرة اخرى الى الكرخ، مواصلة سيرها باتجاه جسر الخر لتقطع طريق المرور على السيارة القادمة من دمشق والتي تقل الزائر الصهيوني غير المرغوب فيه من الاهالي. وفي اخر النهار لم تعد المظاهرة طلابية فقد بلغ عدد المتظاهرين العشرين الفا من مختلف الفئات الاجتماعية. ومنعت المرور واضطرت السلطات الى تهريب ضيفها الى الكاظمية على طريق ابو غريب الوعر غير المعبد. ودامت المظاهرة حتى الليل.» وختم ما كتبه: كانت المظاهرة علامة واضحة على الوطنية العربية الجديدة المناهضة للامبريالية والصهيونية. فقد دعا الملك فيصل الاول موند املا في ان يستثمر رؤوس الاموال البريطانية والصهيونية في الزراعة في العراق ولم يدر في خلده انه سيفاجأ بمثل هذا الرفض من لدن الشعب. فهل من المعقول انهم يرفضون ان توظف الملايين من الباونات الاسترلينية لأعمار بلادهم الخربة؟! هكذا فكر الملك، ولكن الشعب العراقي كان دائما يباغتهم بوعيه الوطني الثوري. لم تعد الوطنية العربية حكرا لحفنة من الملوك والمشايخ او لحفنة من المثقفين ولاسيما الضباط بل غدت ملكا للجماهير. لقد رفعت المظاهرة اهتمام الشعب العراقي بمصائر الشعب العربي ولاسيما الفلسطيني. اما الطبقات الحاكمة وبإيعاز من المندوب السامي البريطاني فقد اعتقلت قادة المظاهرة وطردت بعضهم من مدارسهم وألغت اجازة نادي التضامن وأبعدت رئيسه المدرس يوسف زينل الى مدينة عانة. وهللت البلاد العربية للعراق وشعبه لنهضته لنصرة الشعب الفلسطيني. بينما كتب الطبيب العراقي (اليهودي) سلمان درويش (1910- ؟) في مذكراته «كل شيء هادئ في العيادة» التي اعادت نشرها مؤخرا جريدة عراقية على حلقات، ونقلتها مواقع الكترونية، ما يخص المناسبة بما يلي: «كان الشعب العراقي- بصورة عامة- خلال العقدين الاولين من القرن العشرين لم يسمع بعد عن الصهيونية وأهدافها عدا قلة من المتعلمين وذلك لأن الاغلبية كانوا من الأميين، لا يقرأون الصحف ولم يكن الراديو قد عم استعماله بعد فلذا عندما زار السر الفريد موند- اللورد ملشت بعدئذ- (؟) بغداد في الثامن من فبراير 1928 حرض المعلمون طلاب الثانوية المركزية ودار المعلمين الابتدائية على القيام بمظاهرة ضده. وكان الطلاب طبعا يهتفون «لتسقط الصهيونية» ويحملون لافتات فيها «لتحيا الأمة العربية» وأخرى «ليسقط وعد بلفور». وكان المارة في شارع الرشيد يتساءلون عن الغاية من هذه المظاهرة ومعناها فقيل لهم- وكان عدد كبير من الطلاب المتظاهرين من اليهود- اننا ننادي بسقوط «البسوانية»» وهي الرسوم التي كانت تستوفيها البلدية لقاء خفارة الدور والمحلات التجارية ليلاً يقوم بها الخفير الذي يسميه العراقيون بالبسوان، وسرعان ما انضم الاهالي الى الطلاب وتغلبت كلمة البسوانية على الصهيونية واختلط الحابل بالنابل وتفرقت المظاهرة عند وصولها الكرخ بعد اشتباك بسيط بين بعض المتظاهرين الطلاب وبين الشرطة أدت الى طرد عدد قليل منهم من مدارسهم والحكم عليهم بالسجن لمدة قصيرة. ووصل السر الفريد موند بغداد عن طريق الكاظمية حسب توجيهات الشرطة عوضاً عن طريق الكرخ- الصالحية. وفي صباح اليوم الثاني زار السر بصحبة عدد من وجهاء الطائفة مدرسة الاليانس وإدارة الطائفة الاسرائيلية ثم اخترق سوق الشورجة لدى عودته بهدوء وسلام مشياً على الاقدام دون أن ينتبه اليه أحد ودون ان يعرفوا ان مظاهرة الامس كانت موجهة ضد قدوم هذا الشخص بالذات» (4). رغم ما في النصوص السابقة من بعض تعارض احيانا وإضافات متباينة، إلا ان الحصيلة منها او جوهر الموضوع فيها هو التأكيد على شهادات تصف المظاهرة وتقر بأهمية تحركها وتعترف بدورها في توضيح موقف النخب الفكرية والثقافية العراقية في تلك الفترة من القضايا العربية، ومن الامبريالية والصهيونية وأساليب الاستعمار العدوانية، وهو الامر المهم والاساس الذي ينبغي الالتفات اليه وتذكره جيدا. فما يلاحظ ان السبب الرئيس لهذه المظاهرة الاولى هو الفرد موند، الصهيوني البريطاني، ومهما كانت اسباب زيارته العراق، فمجرد صفته كافية للاستفزاز والاحتجاج. أما الاسباب فرغم الاختلاف في تحديدها لسرية عمله وضعف وسائل الاعلام انذاك ومحاولات الإنكار والتخفي الرسمية.. فكلها تصب في الاضرار في المصالح الوطنية والقومية وتنفع سياسات الاستعمار والصهيونية. فسواء جاء لدراسة مشروع زراعي او صناعي نفطي فهو بالتأكيد خطط لمشروع يخدم اهدافه وارتباطاته وإشراك العراق فيه دون شك. وقد يكون ذلك اهم من المشروع نفسه، إلا انه بحاجة لغطاء وعنوان يمارس عبره ما تطلب منه وما كانت تعمل عليه الحركة الصهيونية والامبريالية في المنطقة. وهو ما تبين من خلال التدخل البريطاني فيما بعد ومحاكمة المشتركين في المظاهرة وصور الاحتجاج التالية. حيث كتب الاستاذ الحسني ايضا متابعا عنها تحت عنوان: (مظاهرة 10فبراير عام 1928م ): في يوم الجمعة من ذلك اليوم شهد جامع الحيدرخانة تجمعا كبيرا للناس احتجاجا على سياسة الحكومة تجاه المتظاهرين ولإعلان السخط الشديد على وعد بلفور القاضي باتخاذ فلسطين العربية وطنا قوميا لليهود خلافا لمبادئ العدل والقانون وبعدها تعالت الهتافات المدوية بسقوط الصهيونية، وعلى أثر ذلك اتخذت الشرطة تدابير صارمة واحترازية لمنع توسع هذا التجمع لما لا يحمد عقباه وألقت القبض على بعض الخطباء وفرقت هذا الجمع بالقوة المفرطة. هذا الذي حدث خلال فترة قصيرة أصاب الحكومة السعدونية بالذهول وهي ترى أن الأمن في العراق يتدهور بسرعة ولا بد من عمل سريع يعيد الأمن والطمأنينة إلى النفوس ويضع حدا لاستغلال المعارضة لعواطف الجماهير وكان لابد من إصدار مراسيم عقابية صارمة لفرض السيطرة على الأمن ومع غياب مجلس النواب الذي حل من قبل جرت مناقشة حادة بين الوزراء أنفسهم، وبعد يوم من الجدال اصدر مرسومين وزاريين بإنزال أقصى العقوبات بحق من يثبت عليه الاشتراك في الاجتماعات غير القانونية مما يعرض السلم الداخلي للخطر مثل عقوبات مختلفة مثل التوقيف والحجز والإقامة الجبرية والطرد من المدارس والفصل من الوظيفة والجلد والتجميد على مزاولة العمل وغيرها (5). وفعلا صدرت مراسيم واعتقل وحوكم عدد من النشطاء السياسيين. ولكن ظلت هذه المظاهرة عنوانا واضحا للجميع، مقروءة في اللافتات والشعارات التي رفعت، والأعداد الكبيرة من المشاركين في ذلك الزمن، حيث وضوح الموقف والهدف والفعل الوطني. ونتائجها عرّت الحكام والمستعمرين ووضعتهم امام غضب شعبي. وقدمت نموذج مشاركة عراقية في رفض المشاريع الصهيو امبريالية في المنطقة، ودافعت عن حقوق الشعب الفلسطيني اساسا. الهوامش: حنا بطاطو/ كتابه العراق... ، الكتاب الثاني: الحزب الشيوعي، ترجمة عفيف الرزاز، مؤسسة الابحاث العربية، بيروت، ط1، 1992، ص 49. نقلا عن المنشور في الموقع التالي تحت عنوان تاريخ الوزارات العراقية للاستاذ عبد الرزاق الحسني. زكي خيري، صدى السنين في ذاكرة شيوعي عراقي مخضرم، بلا دار نشر او تاريخ اصدار. ص ص60-63. مصدر سابق، الهامش رقم 2.