ليس الطالب عبد الرحيم الحسناوي إنسانا بلغه أجله ومات ميتة طبيعية ووري جثمانه الثرى وبقي لمن عرفه قيد حياته أو لأهله وذويه أن يدعوا له بالمغفرة والرحمة والرضوان، لكنه، بالإضافة إلى ما سبق، هو ضحية للعنف الهمجي، وقد لفض أنفاسه الأخيرة عقب اعتداء مسلح نسب إلى فصيل»البرنامج المرحلي»، كان تعرض له بالمركب الجامعي ظهر المهراز بفاس، ولذلك لابد لما وقع أن يعتبر عنوانا لجريمة بشعة، ودافعا لتجديد التعبئة من أجل العودة إلى ... العقل. أول أمس السبت شارك الكثيرون في تشييع جنازة الطالب الحسناوي بمنطقة الجرف بإقليم الرشيدية، وقيلت كثير كلمات، وحضر رئيس الحكومة ووزراء وبرلمانيين، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي والبلاغات صدرت الكثير من مواقف الاستنكار ومواقف التنديد بالجريمة، وكان بلاغ للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، قد أكد أن النيابة العامة تجري بحثا بواسطة الشرطة القضائية حول الأحداث التي شهدتها كلية العلوم بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس بتاريخ 24 أبريل 2014، والتي خلفت وفاة أحد الطلبة بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بالمدينة، ثم أضاف أن الأبحاث لا تزال جارية في موضوع القضية، وسيتم ترتيب الآثار القانونية اللازمة على ضوء نتائجها. ندعو هنا إلى تعميق البحث والتحقيق فيما حدث، سواء بشأن الجريمة نفسها، أو بخصوص مسؤوليات مختلف الأطراف عقب وقوع الجريمة « الإدارة، الإسعاف وغيرهما»، ومن ثم تطبيق القانون ضد كل من سيثبت تورطه. وعلاوة على ما سبق، فإن الجريمة تحيلنا على ظاهرة خطيرة هي:»العنف داخل الجامعة»، رغم أن الموضوع ليس جديدا، وهذا يجبر اليوم الكل على إعادة طرح الأسئلة. أولا، الأمر يتعلق بإزهاق روح إنسان ثانيا، الأمر يتعلق بقتل إنسان يملك رأيا مختلفا ثالثا، القتل يتم داخل الجامعة هذه الثلاثية كافية لوحدها أن تهز كل المشاعر، وتحرك كل العقول، وتصيب الجميع بالصدمة والفجاعية. لن نعيد القول بأن الجامعة هي فضاء للعلم والتعلم والمعرفة، ويلجها الطلبة لنيل الشهادات والحصول على المهارات، وعلى التربية على الاختلاف والحوار، ولكننا اليوم نزيد على هذا القول بأن الدولة مسؤولة عن تأمين سلامة وأمن الطلبة الذين يدخلون الفضاء الجامعي للدراسة والتعلم، ومن واجبها تجريم العنف داخل الجامعة ومحاربته بشدة. من جهة أخرى، إن ما يحدث اليوم في بعض جامعاتنا من مواجهات همجية تستعمل فيها الأسلحة البيضاء بين الطلبة، هي عنف يرتكب بين فتيان» لنتأمل الأعمار»مهووسون بقناعات وأوهام وفهم خاطئ ومتطرف للمبادئ والمرجعيات، ومن ثم هم لا يترددون في تحويل مناقشاتهم واختلافاتهم إلى مواجهات جسدية واعتداءات متبادلة قد تؤدي إلى إزهاق أرواح بعضهم البعض، فقط لكي يثبت هذا الفصيل أو ذاك ذاته أو آراءه بشكل أحادي وهيمني. هذا الواقع يسائل منظماتنا الشبابية وأحزابنا الديمقراطية، ويسائل المدرسين بالجامعات ومنظماتهم التمثيلية، ويدعو الجميع إلى لحظة تفكير عميقة بلا سطحية أو مزايدات أو محاولات استغلال. كيف نجعل الجامعة المغربية فضاء للعلم والتعلم أولا، وواجهة للتكوين السياسي والتربية على الحوار والاختلاف؟ هنا تكمن مسؤولية كل القوى الحية اليوم، ودورها أيضا من أجل إنقاذ الجامعة المغربية من... الانحطاط. الرحمة للطالب الحسناوي، والتعزية لأسرته، والدعوة لكل قوى الديمقراطية والتقدم للتعبئة من أجل سيادة العقل في جامعاتنا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته