رئيس الحكومة يطالب وزارة العدل بتنزيل أقصى العقوبات بالمعتدين على الأطفال في خطوة جريئة، دعا رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إلى ضرورة تجريم أفعال الإهانة التي قد يتعرض لها الأطفال المولودون نتيجة علاقة غير شرعية، منددا بشكل لافت بما أصبح يعرف بظاهرة قتل المواليد الجدد الناتجين عن علاقات خارج مؤسسة الزواج، داعيا وزير العدل إلى إيلاء فائق العناية لملفات الشكايات التي تتعلق بالاعتداء على الأطفال أيا كانت ظروفهم، خاصة الاعتداء الجنسي، وتنزيل أقصى العقوبات في حق المعتدين، قائلا «إن كل اعتداء على الأطفال يعد اعتداء على المجتمع». وأقر رئيس الحكومة خلال افتتاحه أشغال المناظرة الوطنية الأولى حول مشروع السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة التي تنظمها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بتعاون مع اليونيسيف بقصر المؤتمرات بالصخيرات على مدى يومين، بمسؤولية الدولة في الاضطلاع بحماية الأطفال من شتى الاعتداءات، وبمسؤولية المجتمع وكل مواطن للقيام بذلك والتبليغ عن مقترفي مختلف أفعال الاعتداء وانتهاكات في حق الأطفال، مشيرا للآثار الخطيرة التي تخلفها تلك الممارسات على نفسية الأطفال الذين هم رجال ونساء الغد . وشدد في هذا الصدد، على ضرورة تغيير الإدارة لسلوكها اتجاه أولياء الأطفال المنتمين للفئات الهشة الذين كثيرا ما لا يتم إيلاء العناية اللازمة لمطالبهم حينما يلجون بعض المؤسسات بالنظر لمظهرهم الخارجي، كما نبه مكونات الهيئة التربوية بمختلف فئاتها إلى التعامل مع الأطفال بصرامة والابتعاد عن ممارسة بعض من السلوكات المرنة كالحنان المقرون بالتقبيل الذي وإن كان بريئا قد يفسر من طرف البعض على أنه تحرش أو اعتداء جنسي، مشيرا على أنه يجب إعادة ملامسة قضايا الأطفال لكون الأمر لا يتعلق باستثمار في أجيال المستقبل بل الأمر يرتبط بمسؤولية وأمانة وضع طرق ومناهج تعامل كفيلة ببناء نساء ورجال الغد. كما أكد بنكيران على أن وضع المخططات والبرامج الخاصة بالنهوض بأوضاع الأطفال وبحمايتهم هي في غاية الأهمية لكن يبقى تفعيل تلك المخططات والبرامج أهم جانب في هذا المسار، مشيدا في هذا الصدد بالدور المحوري الذي يقوم به المجتمع المدني في جانب توفير الحماية ومواكبة الأطفال خاصة اليتامى والمتخلى عنهم، داعيا إلى التشجيع على تكوين المزيد من الجمعيات التي تقوم بمثل هذه الأدوار التي ترتبط بضمان حماية الأطفال من كافة أشكال الإهمال، والاعتداء، والاستغلال والعنف؛ والوقاية منها، سواء من خلال التكفل أو الإدماج أو المتابعة بما فيها القيام بمزيد من التحسيس والتوعية بقضايا الطفولة في صفوف الأسر الهشة.. ومن جانبها، كشفت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة حقاوي، عن مضامين مشروع السياسة العمومية، إذ اعتبرته إطارا استراتيجيا، وهو يسعى إلى تعزيز فعالية وجودة الخدمات التي تقدمها القطاعات الحكومية المعنية والمؤسسات الوطنية، وتقديم أجوبة بشأن المساعدة الاجتماعية والتكفل والإدماج وتحسين ولوج الأطفال لمختلف الخدمات، حيث يتوزع المشروع بين سبعة أهداف استراتيجية تتلخص في: إدماج أهداف حماية الطفولة في كل السياسات والبرامج العمومية، تكثيف الجهود بخصوص الجوانب الوقائية، وتعزيز الإطار القانوني وتقوية فعاليته الخاص بحماية الأطفال، فضلا عن وضع معايير للخدمات والممارسات، وأجهزة ترابية مندمجة لحماية الطفولة والنهوض بالقيم الاجتماعية الحامية لحقوق الطفل، ومنظومة معلومات فعالة وموحدة للتتبع والتقييم المنتظم. هذا ولم يفت المسؤولة الحكومية التأكيد على الجهود التي بذلها المغرب في مسيرة ترسيخ حقوق الطفل، والإرادة القوية والراسخة على هذا المسار والتي تتم بقيادة ملكية وانخراط شخصي من سمو الأميرة للامريم كرئيسة للمرصد الوطني لحقوق الطفل، معتبرة مشروع إقرار سياسة عمومية مندمجة لحماية الأطفال بأنها لبنة جديدة تنضاف لإعطاء دفعة قوية لحماية الأطفال ضد كل أشكال العنف والاعتداء والاستغلال والإهمال. وأوضحت أن هذا المشروع يستهدف كل أطفال المغرب، سواء الذين يعيشون فوق التراب المغربي أو المهاجرين، والذين يعيشون في كنف أسر ترعاهم أو الأطفال المحرومين من الأسر بمن فيهم اليتامى والمتخلى عنهم، مبرزة أن الحماية تزداد تحديا وصعوبة أمام تزايد المشاكل الاجتماعية المرتبطة بالأسر في وضعية هشة، بل وتستعصي بعض ظواهرها في حالة الأطفال في وضعية الشارع والأطفال المهملين والأطفال المدمنين على المخدرات والأطفال المتسولين أو المتسول بهم، والأطفال المهاجرين المعزولين عن أسرهم، إضافة إلى الأطفال ضحايا العنف والاعتداء والاستغلال الجنسيين. وأفادت المسؤولة الحكومية أنه تم اعتماد مسار تشاوري لإعداد مشروع السياسة العمومية، إذ شارك فيه أزيد من 600 مشارك، من مختلف القطاعات العمومية والخاصة والمؤسسات الوطنية الفاعلة في مجال الطفولة وهيئات المجتمع المدني العاملة في مجال محاربة العنف ضد الأطفال، فضلا عن إشراك أكثر من 730 طفل ينتمون ل 22 مدينة، وقد أفضى إلى تحديد المجالات ذات الأولوية وسبعة أهداف إستراتيجية السالف ذكرها. أما ممثلة صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (اليونسيف) بالمغرب، ريجينا دو مينيسيس، فأكدت على التقدم الملموس الذي أحرزه المغرب في مجال حقوق الطفل منذ تصديقه على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، خاصة على مستوى تنفيذ التزاماته سواء في الجانب المؤسساتي أو السياسي، مشيرة إلى خطة العمل التي أطلقها المغرب والتي ترتبط بالفترة الممتدة ما بين سنوات 2006 و2015، والتي أظهر التقييم النصف المرحلي الأول لها سنة 2011 عن تحقيق تقدم ملحوظ في مجال التعليم والصحة وذلك بالنظر للتوجهات الاستراتيجية الواضحة والتي تم اتخاذها بشكل تشاوري، لكن مع ذلك يبقى هناك عدد من الأطفال في وضعية هشاشة لا يستفيدون من الحماية التي هي من حقهم. وأكدت المسؤولة الأممية أن التجارب الدولية أظهرت أن حماية ناجعة للأطفال لا يمكن أن تتوفر إلا إذا كانت هناك إجابة سياسة مندمجة وعملية تأخذ بعين الاعتبار الالتقائية وشمولية حقوق الطفل، معتبرة أن إقرار سياسة عمومية مندمجة لحماية الأطفال هي في حقيقة الأمر تتعلق بتغيير الثقافة السائدة، مشددة على أن تكتل الدولة والمجتمع المدني على هذا المستوى يعد مفتاح نجاح هذا المسار. واعتبرت أن إعداد مشروع السياسة العمومية الذي تم تقديمه خلال هذه المناظرة ليس نهاية لمسار حماية الأطفال بل هو بداية لمسلسل سيكون في غاية الأهمية إذا قام المغرب بمواكبته بخطوات عملية قبل أن يتم تقديم تقريريه الدوريين الثالث والرابع أمام لجنة حقوق الطفل بجنيف حول تنفيذ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، مبرزة أن ذلك سيكون أفضل ما تقدمه المملكة المغربية إحياء للذكرى 25 للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.