كرم المهرجان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط في دورته العشرين لهذا العام السينمائي الأسباني خوصي لويس ألكايني الذي يظل واحدا من أعلام السينما الأسبانية، فقد أبدع أزيد من 120 فيلما سينمائيا، على مدى مشواره السينمائي الحافل، وأحرز جائزة مهرجان غويا السينمائي خمس مرات، مثلما توج بالجائزة الوطنية للسينماتوغرافيا، كما توج بجائزة أحسن تصوير في مهرجان كان لدورة 2011. وقد قام ألكايني بتصوير روائع السينما الأسبانية، في القرن العشرين، والقرن الحادي والعشرين، مثل فيلم "الجنوب" و"نساء على حافة الانهيار" و"العشاق" و"العصر الذهبي".. كما اشتغل ألكايني مع عباقرة الإخراج السينمائي في إسبانيا، مثل بيثنطي أراندا وفرناندو طرويبا وكارلوس ساورا، ثم مع بيدرو ألمودوفار، ومع المخرج الأميركي الشهير باريان دي بالما، صاحب التحفة السينمائية "المهمة المستحيلة"، التي أخرجها سنة 1996. غير أن خوصي لويس ألكايني يبقى مخرجا مغربيا، أيضا، حيث ولد في مدينة تطوان، أثناء فترة الحماية الأسبانية. كما عاش ألكايني طفولته في مدينة طنجة الدولية، يومها، وكان والده أحد مؤسسي أول ناد سينمائي بالمدينة في ثلاثينات القرن الماضي. ومن هنا، كان خوصي لويس ألكايني مخرجا كونيا بلا منازع، عاد إلى مدينته تطوان. وعن السينما المغربية، كرم مهرجان تطوان هذه السنة المخرج السينمائي البارز عبدالكريم الدرقاوي، وهو رائد التصوير السينمائي في المغرب، وخريج مدارس أوروبا الشرقية، حيث تخرج الدرقاوي من المدرسة الوطنية العليا للسينما والمسرح والتلفزيون بمدينة لودز سنة 1972، ثم التحق بالمركز السينمائي المغربي إلى حدود 1975، ولمع اسمه خلف الكاميرا مديرا لتصوير أشهر أعمال أخيه المخرج مصطفى الدرقاوي، منذ فيلم "أحداث بلا دلالة"، سنة 1974. أما أهم أعمال عبدالكريم الدرقاوي السينمائية فهي "الناعورة" سنة 1984، و"زنقة القاهرة" سنة 1998، و"وليدات كازا" سنة 2010، فضلا عن العديد من الأعمال التلفزيونية الناجحة. ومن جهة أخرى ناقش سينمائيون وأكاديميون العلاقة بين حقوق الإنسان وصناعة الأفلام في ندوة دولية عقدت ضمن فعاليات مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط. واتفق المشاركون على أن السينما وثيقة الصلة بحقوق الإنسان وما يتفرع عنها من رؤى وأفكار وجدل فلسفي. وشدد المتحدثون في الندوة على تلازم حقوق الإنسان والسينما في كفالة التعبير بلغة الصورة عما تعيشه أكثر من بيئة إنسانية من وقائع وتحولات، وبينوا أن السينما ترنو دوما إلى الحرية وإطلاق المخيلة ولكن بشرطها الإبداعي الخاص. واستذكر الناقد والمفكر المغربي الدكتور محمد نور الدين افاية محطات ومواقف في مسيرة السينما المغربية التي عالجت موضوعات حقوق الإنسان برؤى وأساليب متباينة وتوقف عند نماذج منها : فيلم «جوهرة بنت الحبس» لسعد الشرايبي ، بالإضافة إلى تجارب العديد من المخرجين الشباب الجدد التي أعادت تصوير حقبة زمنية بألوان من الاشتغالات التي تبحث في أحداث صعبة . واستعاد افاية مقولة للمفكرة الألمانية حنا ارتدت «الحق أن تكون هناك حقوق» ليضيف لها السينما بحكم ما بدأت تفرضه من لغة جديدة على التواصل والمعرفة بين الثقافات ، مبينا أن الترفيه حق إنساني أيضا مضت فيه السينما بخصوصية وهي تحتكم إلى الإبداع . وقال الباحث والأكاديمي الجزائري محمد بن صالح أن السينما بوصفها تغوص في دواخل الذات الإنسانية غدت وسيطا مؤهلا لإبراز الحقوق وترسيخ الوعي في المجتمع ولكن في ناي عن التلقين وفجاجة الدعاية. وأوضح الباحث التونسي محمد الصردي أن السينما لم تعد حكرا على بيئة ثقافية دون غيرها فهي لغة العصر الجديد يمارسها الفقير والغني ولكنها في حاجة إلى دعم ومساندة من هم غير قادرين على التعبير من خلالها ولفت إلى التجارب التونسية التي واجهت سطوة الرقابة في حقبة قريبة والتي قلصت من الزخم الإنتاجي . وأشارت الباحثة السينمائية الاسبانية إلى موضوعات السينما الاسبانية في أكثر من فترة ماضية وفيها توخى صناعها عدم الاصطدام بمنظومة من شروط الرقابة إبان فترة حكم الجنرال فرانكو قبل أن تنتقل اليوم إلى فضاءات رحبة من الحرية. وركز المخرج المغربي سعد الشرايبي على تجربته السينمائية في تبيان جوانب من الرقابة المتعددة التي تواجه المبدع والتي لا تحتكرها جهة واحدة وإنما جهات إنتاجية ومنظومة القيم الاجتماعية والثقافية .