إذا كان الإنسان هو مصدر الحياة على الأرض وقد أعزته وكرمته كل الأديان والملل والمعتقدات والدساتير والقوانين والإيديولوجيات، فقد جاء المسرح من أجل هذا الإنسان وبواسطته لصيانة وضمان ذلك التكريم الأزلي له وحمايته وحماية حقوقه في المعتقدات والممارسات.. الحق... أحق ... والباطل... أزهق ... والمسرح لا يمكن إلا أن ينتصر للإنسان، وفي ذلك انتصار بين للقيم الحقوقية الكونية، بما هي مبادئ وممارسات تقوم على احترام الإنسان وتكريمه ككائن بشري له الحق في الوجود والحياة، والتعبير والاختلاف، والسلم والأمن والاطمئنان، وكل الحقوق التي تخول له أن يعيش كينونته كإنسان.. لذا فل لمسرح دور كبير في النهوض بهذه القيم الإنسانية النبيلة والتحفيز على التعايش والتسامح، كما للمسرح قدرة خلاقة على الترافع بشكل جمالي وفني وبيداغوجي من أجل الدفاع عن الحرية والديمقراطية في شتى تجلياتهما السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية.. فكل هذه القيم النبيلة تعد من الحقوق والواجبات التي تنتصب بجلاء في كل إبداعات أهل الخشبة، في كل العالم، مهما تعددت وتباينت مرجعياتهم الفكرية ومدارسهم الفنية.. ألا يعتمد المسرح على التحذير والتنبيه والاستنكار بل الفضح والبوح ونبذ الغش والظلم والاستبداد والاستغلال؟ فمنذ أن أبدعت البشرية شكلا فنيا تحت اسم المسرح، لم يسجل التاريخ الإنساني أي مسرحية تدعو للكراهية والظلم والتمييز والعنصرية والحرب والتخلف.. فالمسرح منذ أن نشأ وهو يعانق الحق والخير والجمال والتقدم.. ألا يحق لنا أن نقول إن المسرح لغة الحق والانعتاق من الأغلال والقيود واللجوء إلى التعبير الحر الذي يضمن كرامة الإنسان ... ألا يحق لنا أن نقول إن المسرح هو لغة التجلي... التجلي بالحقيقة المثلى التي تتأسس على ثقافة الحق ضد الباطل. إن المسرح لغة التغيير، لغة التطوير والتطهير بما يضمن للإنسان كينونته وكرامته ووجوده الحر. انطلاقا من ذلك، تحاول مسرحية «الساروت» تمثل هذه المهام التربوية بشكل إبداعي يقوم على التذكر والنسيان، والبوح والعصيان، والتجاوز والأمل.. إمضاء: