أكد الناقد السينمائي أحمد السجلماسي في تصريحه لبيان اليوم على هامش الدورة الخامسة عشر للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، الذي تختتم فعالياته مساء يومه السبت، على أنه «آن الأوان لتبني مسألة معمول بها في ما يتعلق بالفيلم القصير، وهي ضرورة أن يكون هناك انتقاء للأفلام الصالحة لأن تكون ضمن المسابقة الرسمية، ذلك أن الأفلام التي شاهدناها لحد الآن، يمكن تصنيفها إلى صنفين، وأنا هنا أتحدث عن الأفلام الروائية الطويلة، هناك صنف يتوفر فيه حد أدنى مقبول من الجودة، من حيث الشكل والمضمون،أعني أنها أعمال تنم عن مجهود على مستوى الكتابة السينمائية أو جدة المواضيع المطروقة وغيرها، حيث يمكن القول بلا مبالغة، هناك عشرة أفلام هي الصالحة للعرض، فالمسابقة الرسمية ينبغي أن تدرج بها هذه النسبة من الأفلام فقط، أما باقي الأفلام فهي أفلام يمكن تسميتها بأفلام إذاعية، بمعنى أن الحوار الذي يعد مجرد عنصر من بين عناصر كثيرة في التعبير السينمائي، نجده طاغيا في تلك الأفلام، بحيث يمكن للمتلقي أن يبتعد عن الشاشة ولا ينظر إليها، ويكتفي باستخدام حاسة السمع فقط، لكي يتابع الأحداث»، كما أن هذه الأفلام، يضيف السجلماسي «تشتمل على شيء من المباشرة، إنها أفلام ثرثارة ولم تضف أي شيء إلى الجانب المتعلق بالكتابة السينمائية، وكثير من هذه الأفلام هو أقرب إلى التلفزيون منه إلى السينما، وفي ما يتعلق بالفيلم الناطق بالأمازيغية، يمكن لي أن أصنفه كذلك إلى صنفين، هناك الأفلام السوسية، هي أفلام في واقع الأمر ضعيفة، على مستوى كتابتها وحتى المواضيع التي تناولتها، هي مواضيع ليس جديدة، إنها مواضيع كلاسيكية، أو استهلكت في السينما الهندية، والمصرية وحتى المغربية. كما يحضر فيها على مستوى السيناريو، عنصر الصدفة، بمعنى أن كاتب السيناريو لا يقدر على الربط بين الأحداث بطريقة منطقية، فيلجأ باستمرار إلى عامل الصدفة، وعندما تحضر المصادفة بشكل كبير، فإن هذا دليل على أن السيناريو غير محبوك بشكل جيد، وأن كاتبه غير متمكن من أدوات اشتغاله. وهناك صنف آخر من الأفلام الأمازيغية، هو ذلك المحسوب على اللغة السوسية، وهي أفلام صورت في الغالب بأكادير ونواحيها، هي أفلام تشكو من نقص على مستوى كتابتها السينمائية، وتغيب فيها الجدة من ناحية المواضيع، لكن المفاجأة هي الأفلام الناطقة بالريفية، إنها أفلام متميزة، وجلها عبارة عن الأعمال الأولى لمخرجيها، مثل فيلم وداعا كارمن لمحمد العمراوي، إنه فيلم متميز جدا وقوي على مستوى كتابته، ومختلف عناصره متكاملة، رغم أن مخرجه استعان بممثلين غير محترفين، ولكن إدارته لهم، كانت في المستوى، حيث شعرنا أنهم يمثلون بشكل تلقائي، إنه نوع من السيرة الذاتية للمخرج، يسرد فيها مرحلة طفولته، يحكي لنا كيف تعرف على السينما، وظيفة السيدة كارمن التي كانت تبيع التذاكر في شباك القاعة السينمائية، هذا فيلم متكامل سواء من ناحية الموسيقى التصويرية أو التشخيص أو الموضوع، وأنا أرشحه للفوز إما بالجائزة الكبرى أو على الأقل جائزة العمل الأول. بالإضافة إليه هناك فيلم سليمان لمحمد البدوي، الذي وإن كنت أعيب عليه وقوعه في التمطيط بعض الشيء، حيث نجد مشاهد تتكرر، إلا أنه أعطى أهمية قصوى للصورة، إنه يعبر بواسطة الصورة أكثر، مع اقتصاد شديد في الحوار، على عكس الأفلام الأخرى، التي تشكو من الثرثرة. إذن بشكل عام، تبقى الأفلام الثلاث والأربعون المشاركة ضمن المسابقة الرسمية، ليست كلها صالحة للمسابقة، وفي نظري لو تم تطبيق عملية الانتقاء، فإن العدد المشارك لن يتجاوز في المجمل عشرين شريطا، يتوفر فيها الحد الأدنى من حضور اللغة السينمائية، وليس من الضروري أن تكون مدة المهرجان تسعة أيام، فإذا تم اختيار الأفلام الجيدة والمتميزة فإن المنافسة ستكون شديدة، وهو ما سيساهم في الدفع بالعجلة السينمائية إلى الأمام، بمعنى أنه سيتم الانتقال من الكم إلى الكيف». البشير واكين وذكر الممثل البشير واكين أنه يواكب المهرجان منذ دوراته الأولى، غير أنه لحد الساعة لم يلمس تطورا من حيث الكيف، مؤكدا على أنه «ينبغي لنا أن نكثف الجهود لنضمن لهذه السينما جانبها الكيفي وليس الكمي فقط، أقصد بالكيف الطموح إلى مستوى آخر يمكن أن نحقق فيه نوعا من المنافسة لا أقول العالمية، ولكن على الأقل على مستوى الدول العربية، صحيح هناك منافسة، ولا أقول إن إنتاجنا السينمائي كله دون المستوى، بل هناك اجتهاد لعدة مخرجين وكتاب سيناريو، يبدعون ويسعون إلى الرقي بهذه السينما إلى مراتب أعلى، لكن عند الحديث عن المهرجان، لا نعثر سوى على أفلام قليلة جدا، يمكن أن تحقق المنافسة في مهرجانات عالمية. هناك تطور، هناك قفزة نوعية للفيلم المغربي وأصبح ينافس السينما العربية، في عدة مناسبات، لكن علينا أن نتقدم أكثر، علينا أن نستمر في خلق فضاءات أخرى، للعمل، للإبداع، ونحن نشكر المركز السينمائي، لأنه الوحيد الذي يدعم الفيلم المغربي، وأتمنى أن ينخرط القطاع الخاص في هذا الاتجاه، ولا يقتصر دعمهم على أفلام شباك التذاكر، بل أفلام المؤلفين كذلك التي يمكن المنافسة بها على الصعيد العالمي. وإن كانت المشاركة في حد ذاتها أمر مهم، لأنها تساهم في التعريف بالفيلم المغربي خارج الحدود، وإطلاع المخرج الأجنبي على فضاءاتنا الجغرافية الهائلة: الثلج، الصحراء، الجبال، الهضاب، الفيلات، البراريك، أي هناك تنوع في ما يخص الطبيعة وغيرها ببلادنا. وهذا يشكل في حد ذاته إضافة». وأشار المخرج السينمائي الشريف الطريبق بدوره إلى أنه كأي دورة من دورات المهرجان «نلمس الأفلام الجيدة وتلك التي يمكن أن يكون حولها إجماع على أنها دون المستوى المطلوب. هذا أمر طبيعة خصوصا وسط هذا الكم الهائل من الأفلام المشاركة، حيث لا يمكن أن تكون لها كلها جيدة، هناك أفلام أخرجت لأجل شباك التذاكر، وهناك أفلام لا تحظى بنجاح جماهيري، لكن النقاد السينمائيين يثنون عليها، لأنها تحترم جوهر العمل السينمائي». وأوضح مخرج زمن الرفاق أن «الأساسي في هذا كله، هو استقرار الإنتاج، أو مروره في خط تصاعدي، وهذا شيء إيجابي، كما أن الأمر الآخر الجيد، هو الحضور في حد ذاته، حيث يظهر ممثلون جدد، وفي كل دورة يلتحق مخرجون جدد كذلك، أو يعود آخرون إلى هذا الميدان بعد غياب طويل. هذه الدينامية أمر عادي في المهرجان، أما المسائل الأخرى فليست مهمة، من قبيل النقاش الذي يجري في الندوات، حيث يسود أحيانا بعض التشنج، وهذا شيء طبيعي، يقع حتى في أكبر المهرجانات، غير أن الأساسي هو أن هناك إنتاجا في اعتقادي يعرف تطورا من حيث الجودة كذلك وليس الكم فقط، علينا فقط أن نغير رؤيتنا لهذا الإنتاج، ولا نظل ننظر إلى الأمور بأفكار مسبقة، ونحكم على الإنتاج السينمائي بشكل قاس. بالإضافة إلى أن السينما المغربية-يضيف الطريبق- هي سينما شابة، تحتاج فقط إلى مقاربة جديدة، مقاربة تتطور بالموازاة مع تطور الإنتاج السينمائي».