بنعبدالله: من الصعب تأجيل إصلاح أنظمة الحماية الاجتماعية الحوار بين الفرقاء ضروري ليتحمل الجميع مسؤوليته دق محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ناقوس الخطر الذي بات يتهدد أنظمة الحماية الاجتماعية بالمغرب وخاصة أنظمة التقاعد التي أصبحت مهددة بالإفلاس. وقال محمد نبيل بنعبد الله، في كلمة له خلال اليوم الدراسي الذي نظمه فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب حول موضوع «إصلاح أنظمة التقاعد بين الإكراهات المالية والمتطلبات الاجتماعية»، إنه من الصعب تأجيل إصلاح أنظمة التقاعد، ليس من باب الإفلاس الاقتصادي ولكن من باب الحفاظ على مصالح الناس، أي أنه إذا لم نتحمل المسؤولية الآن، قد تصبح الدولة المغربية غير قادرة على تأدية واجبات التقاعد في المستقبل». ودعا نبيل بنعبد الله إلى ضرورة مباشرة الإصلاح وفق مقاربة شمولية تراعي متطلبات هذا الإصلاح في المحافظة على التوازنات المالية والتوازنات الاجتماعية، مؤكدا في هذا السياق، أن الحوار الاجتماعي بين جميع الفرقاء أصبح ضروريا ومصيريا، حتى يتحمل الجميع مسؤوليته بما فيها النقابات. وذكر نبيل بنعبد الله أن حزب التقدم والاشتراكية، انطلاقا من مبادئه ومن هويته، يسعى إلى أن يكون إصلاح أنظمة التقاعد إصلاحا عادلا إلى أقصى ما يمكن، مع مراعاة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقة المتوسطة. وعزا بنعبد الله تأخر الحكومة في مباشرة الإصلاح إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب خلال السنتين الأخيرتين، خاصة الأوضاع السياسية التي جعلت المغرب في وضعية انتظار أدت إلى تأجيل العديد من الإصلاحات الضرورية، مؤكدا على أن الحكومة الحالية عازمة على مباشرة الإصلاح خلال الولاية الحالية، لأنه بحسبه، «لن نلقي بالكرة في ملعب الحكومة المقبلة». من جانبه، أكد رشيد روكبان رئيس فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب على ضرورة تدبير ملف إصلاح أنظمة التقاعد في إطار منهجية التشارك والانفتاح على كل الفعاليات والفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين ومكونات المجتمع المدني ضمن التلاحم الوطني وما تقتضيه مستلزمات تعزيز الجبهة الداخلية كشرط لا محيد عنه لربح الرهانات والتحديات ذات الصلة بقضيتنا الوطنية. وأوضح رشيد روكبان على أن منظور فريق التقدم الديمقراطي للإصلاح، يرتكز بالأساس على التوفيق بين الإكراهات المالية والاستجابة للمتطلبات الاجتماعية، مؤكدا، في الوقت ذاته، على أن إصلاح أنظمة التقاعد يعد أحد الإصلاحات الضرورية والمستعجلة التي تتطلب جرأة وشجاعة وتغليب المصلحة العليا للوطن. ووقف حسن بوبريك مدير التأمينات والاحتياط الاجتماعي بوزارة الاقتصاد والمالية، على الخصائص المميزة لأنظمة الحماية الاجتماعية بالمغرب وخاصة أنظمة التقاعد بأنواعها المختلفة، مشيرا إلى أن السمة البارزة لهذه الأنظمة هي غياب رؤية منسجمة للقطاع، حيت «يتضح تباين الإطارات المؤسساتية وضعف الحكامة، وتباين طرق التدبير والاشتغال، الأمر الذي نتج عنه غياب العدالة بين المنخرطين». كما تتمثل هذه الخصائص، حسب حسن بوبريك، في ضعف نسبة تغطية أنظمة التقاعد للساكنة النشيطة، والتي لا تتعدى 33 في المائة، ووجود عجز مالي كبير يهدد توازنات هذه الأنظمة وخصوصا منها الصندوق المغربي للتقاعد. واستعرض بوبريك المبادئ العامة التي يجب أن تؤطر إصلاح أنظمة التقاعد، مشيرا على الخصوص إلى مبدأ الحفاظ على الحقوق المكتسبة للمنخرطين حتى تاريخ الإصلاح، وتوفير معاش يضمن الحد الأدنى للعيش الكريم، وكذا توسيع التغطية لغير الأجراء. بدوره، أكد عبد الأحد الفاسي الفهري، خبير وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على ضرورة مباشرة إصلاح أنظمة التقاعد وفق مقاربة شمولية، مشيرا إلى أن اقتصار الإصلاح على الجانب المالي والمحاسباتي لن يعط أكله، ولن يؤدي إلى حلول عميقة ونهائية. وأعتبر عبد الأحد الفاسي، أن ما يروج من تسريبات بخصوص سيناريوهات الإصلاح، هي فقط جزء من الحل، لكنها ليست هي الحل الشمولي الذي يقتضي «وضع مخطط مضبوط ومحدد بأهداف واضحة، من قبيل وضع الآليات الأساسية لتوسيع التغطية الاجتماعية خاصة في أنظمة التقاعد، كأن يتم تحديد هدف الانتقال من نسبة 33 في المائة إلى نسبة 55 في المائة من المنخرطين في ظرف الثلاث سنوات المقبلة، أي التعبير عن أهداف مدققة قابلة للإنجاز». من جانبه، عزا محمد الشيكر عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، ورئيس مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال، أزمة أنظمة التقاعد إلى «عدم رأسملة التجارب والاستفادة من التراكمات الإيجابية في هذا المجال»، مشيرا إلى أن الإشكالية الحقيقة هي «مشكل مفهوم الإصلاح، وعدم إغلاق الدولة لأغلب الأوراش الإصلاحية التي تفتحها، ولا تقوم بالتقييمات الضرورية لها». وطرح محمد الشكير مجموعة من الأفكار التي يتعين أن تكون موضوع نقاش كل الفاعلين من قبيل الربط بين شركات التأمين على الحياة، والتقاعد، وكذا ربط صندوق الإيداع والتدبير وأنظمة التقاعد، على اعتبار أنه من غير الممكن، يقول محمد الشيكر «الحديث عن إصلاح أنظمة التقاعد دون الأخذ بعبن الاعتبار جميع المتدخلين». وشدد محمد الشيكر على ضرورة اعتماد مقاربة شمولية لإصلاح أنظمة التقاعد لا تراهن فقط على الشق المالي والموازناتي، وتقييم الإصلاحات التي عرفها هذا القطاع في السابق بغية عدم تكرار الأخطاء، وكذا ضمان تدبير شفاف للأنظمة المعنية. من جانبه، دعا محمد حيتوم عضو اللجنة الإدارية للاتحاد المغربي للشغل إلى ضرورة العودة إلى مفهوم الوظيفة الأساسية لأنظمة الحماية الاجتماعية بما فيها أنظمة التقاعد باعتبارها مكسبا من مكاسب الطبقة العاملة، مشيرا إلى أن هذه الوظائف تحدد أساسا في الوظيفة الاجتماعية وكذا الحفاظ على الدخل حتى ما بعد الممات بالإضافة إلى وظائف أخرى بما فيها الوظيفة الاقتصادية. وطرح محمد حيتوم مفهوم الإصلاح كما يراه الاتحاد المغربي للشغل، الذي يقترح مقاربة شمولية لإصلاح أنظمة التقاعد، كما دعا إلى ضرورة تجريم عدم التصريح في الضمان الاجتماعي من قبل أرباب العمل والمقاولات، وإلى خلق ممر بين الضريبة على الشركات وصندوق الضمان الاجتماعي كآلية للمراقبة. ودعا محمد حيتوم إلى ضرورة صياغة تعاقدات صغرى في أفق صياغة تعاقد اجتماعي كبير وذلك لمقاربة كل الأوراش الاجتماعية والاقتصادية التي يتعين الانكباب عليها من منظور تشاركي يراعي المصلحة العليا للوطن.