الإصلاح المرتقب لأنظمة التقاعد يجب أن يكون مبنيا على الإنصاف والعدالة الاجتماعية قال إسماعيل العلوي، رئيس مجلس الرئاسة لحزب التقدم والاشتراكية «إن أهمية أنظمة التقاعد تزداد رسوخا في كل المجتمعات المعاصرة خاصة بالمغرب، لما لها من تداعيات اجتماعية وتأثير على السلم الاجتماعي». وأضاف خلال إدارته للقاء الذي نظمه حزب التقدم والاشتراكية حول موضوع «أنظمة التقاعد وقضايا المتقاعدين» السبت الماضي بالرباط، أن على عملية إصلاح أنظمة التقاعد أن لا تخضع لمنظور مستقبلي يركز فقط على التوازنات، بل عليها أن تضع في الحسبان أداء النظام الاقتصادي ونجاعة آلية التشغيل بالمملكة في إطار معادلة تستند إلى تصور واضح حول تطوير نظام الادخار والاستجابة لحاجيات المتقاعدين. وأوضح إسماعيل العلوي أن حل إشكالية التقاعد في المغرب يقتضي تطوير التركيبة الاقتصادية لتصل إلى مستوى عال في أفق تطبيق فكرة «لكل حسب احتياجاته»، مبرزا أن الحسم في السيناريو الأمثل لمعالجة أزمة أنظمة التقاعد بالمغرب يجب أن يتم وفق مبدإ الإصلاح الشمولي للنظام، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية ما فتئ يدعو إلى ضرورة إصلاح هذا النظام، انطلاقا من أهميته في الحفاظ على الحماية والسلم الاجتماعيين. وتعتبر فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب، أن أي إصلاح مرتقب لأنظمة التقاعد، يجب أن يكون مبينا على الإنصاف والعدالة الاجتماعية، وأن يرتكز على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تحفظ كرامة المتقاعدين. وخلال الندوة التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية حول «أنظمة التقاعد وقضايا المتقاعدين» نهاية الأسبوع الماضي بالرباط، قال العربي العزاوي رئيس فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب «إن الإصلاح المرتقب لأنظمة التقاعد يجب أن يكون مبنيا على الإنصاف والعدالة الاجتماعية» ومرتكزا على مبادئ يراها ضرورية، لخصها في الحفاظ على المكتسبات وعلى الطابع التسلسلي للإصلاح وضمان استمرارية نظام التقاعد على المدى البعيد، واعتماد نسبة المعاش مقارنة مع آخر أجرة تكون ضامنة لدخل محترم دون المس بضمان الاستمرارية المنشودة للتقاعد. ودعا العربي العزاوي إلى احترام التوازن بين سن التقاعد وأمل الحياة وقيمة المعاش بالنسبة لآخر أجرة بالإضافة إلى مستوى الاقتطاعات، مشيرا إلى أن فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين، تأمل في أن يكون سن التقاعد يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات القطاعات المهنية، وأمل الحياة الذي يختلف باختلاف طبيعة المهنة. وفي انتظار ما سيسفر عنه الإصلاح، أفاد العربي العزاوي أن معالجة الوضعية الحالية للتقاعد تكتسي طابع الاستعجال وذلك من خلال إعفاء المتقاعدين من الضريبة على المعاش، وتحديد سن معاش أدنى للمتقاعدين يوفر لهم العيش الكريم وتحسين نسبة المعاش المتبقى للأرملة وتمثيلية المتقاعدين في المجالس الإدارية لصناديق التقاعد، وضمان التغطية الصحية لكافة المتقاعدين والأرامل، وتخصيص فضاءات وأندية للمتقاعدين على صعيد المجالس البلدية، وإشراك المتقاعدين في دراسة مشروع إصلاح أنظمة التقاعد. من جانبه، وقف محمد الشيكر، خبير اقتصادي، وعضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، على إشكالية التقاعد من منظور اقتصادي، موضحا أن التوازنات الماكرو اقتصادية يجب أن تكون في خدمة التوازنات الاجتماعية. وقال محمد الشكير «إن إشكالية التقاعد في المغرب لا علاقة لها بإشكالية التقاعد في الدول المتقدمة» مشيرا إلى أن لهذه الإشكالية أبعادا متعددة، وأن معالجة نظام التقاعد بالمغرب يستلزم مراجعة هيكلية، كما يقتضي امتصاص البطالة وتوفير مناصب الشغل، لأن ما يعاني منه المغرب هو ناتج عن ضعف القدرة الاستيعابية للاقتصاد المحلي. وأفاد محمد أيت عزيزي، عن وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، أن عدد المسنين بالمغرب، ضمنهم المتقاعدون الذين تتجاوز أعمارهم 60 سنة، وما فوق، بلغ 2.5 مليون وفق إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط سنة 2008، وهو ما يشكل حسب المتحدث نسبة 8% من إجمالي السكان، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 5.8 مليون مسن مع نهاية 2030 وهو ما سيشكل نسبة 15% من إجمالي سكان المغرب، سيكون من بينهم 8.1% أرامل رجال و65.15 % أرامل نساء. وأوضح أيت عزيزي، أن أغلب المسنين في المغرب لا يتوفرون على معاش، وأن فقط 16.1% يتوفرون على معاش، و31% يشاركون في الحياة العملية، وتصل نسبة الأمية في صفوفهم إلى حوالي 83%، كما أن 83.7 في المائة لا يتوفرون على أي تعويض. وأضاف المتحدث، أن نسبة الإعاقة وسط المسنين تصل إلى 21.4%، كما أن 6.8% منهم يعانون من العزلة وذلك بسبب تغير في قيم المجتمع التي كانت ترتكز على التضامن والتكافل. واعتبر محمد أيت عزيزي أن الشيخوخة بالمغرب «رهان مجتمعي أساسي يتعين معه وضع استراتيجية وطنية لحماية هذه الفئة ونشر ثقافة التضامن بين الأجيال»، وأضاف أنه لا يمكن أن نجزئ المسن بين متقاعد وغير متقاعد بل يجب اعتماد مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار كل القضايا المرتبطة باحتياجات المسنين عموما، معتبرا أن حماية هذه الشريحية، بمثابة الورش الكبير الذي يحتاج إلى إبداع مجتمعي لصياغة مشروع وطني وبناء أجوبة مرتكزة على حقوق الإنسان. ووجه صلاح الدين بنجلون عضو فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب، نداء إلى الأحزاب السياسية والقوى الحية للاهتمام بقضايا المتقاعدين ومشاكلهم، والحفاظ على حقوقهم المكتسبة، مشيرا إلى أن إشكالية التقاعد ليست مجرد إشكال تقني بل هي اختيارات اجتماعية واضحة تحيل على طبيعة المجتمع الذي نريده. ودعا صلاح الدين بنجلون إلى وضع إطار قانوني يضطلع بالمراقبة المالية لمختلف صناديق التقاعد، كما دعا إلى تعميم الوقاية الاجتماعية على غرار باقي دول العالم التي توفر الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية.. يشار إلى أن هذا اللقاء، الذي يندرج في إطار الأبواب المفتوحة لحزب التقدم والاشتراكية، تميز بحضور وازن للمتقاعدين من قطاعات مختلفة، أجمعوا في سياق مناقشاتهم للموضوع، على ضرورة إصلاح مختلفة أنظمة التقاعد والحفاظ على الطابع التسلسلي لوظيفتها الاجتماعية، وتعزيز ملاءمتها مع التحولات السوسيو- اقتصادية بالمغرب بما يساعد على تأدية أدوارها كمكون أساسي من مكونات شبكات الحماية الاجتماعية.