الصورة كانت عامرة بالدلالات...وبالمعنى. جلالة الملك يستقبل بلال أغ الشريف، الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد، والذي كان مرفوقا بالمتحدث باسم الحركة موسى أغ الطاهر، وذلك برحاب القصر الملكي بمراكش. الخطوة، كما الصورة، كانت غير مسبوقة، وهو ما التقطه المراقبون المتتبعون للأوضاع في مالي وفي عموم المنطقة المجاورة لها، ومن المؤكد سيكون للفعل الملكي المغربي ما بعده. ليست المبادرة تسجيلا للأهداف في مرمى أي من البلدان المعنية بما يجري في مالي، ولا هي من تجليات أي سباق متوهم في المنطقة وحولها، وإنما هي الاستمرار لقرارات ومبادرات مغربية أخرى جرت في مراحل مختلفة منذ نشوب النزاع في مالي، وبعد انطلاق المسلسل الديمقراطي هناك. نتذكر جهود المملكة لما تولت رئاسة مجلس الأمن الدولي، ونتذكر الزيارة التاريخية لجلالة الملك وحضوره حفل تنصيب الرئيس المالي بباماكو، ونتذكر مختلف الزيارات المتبادلة بين البلدين وبرامج التعاون بينهما، وعندما نضيف إلى كل هذا، الاستقبال الملكي اليوم لقيادة حركة تحرير أزواد، فإننا سنبقى دائما ضمن الرؤية نفسها، وضمن الوضوح ذاته. لقد بقي المغرب دائما مصرا على صيانة الوحدة الترابية لمالي واحترام سيادتها، وأيضا الشرعية الديمقراطية، و هذا ما شدد عليه بلاغ الديوان الملكي هذه المرة كذلك عندما نقل أن جلالة الملك أكد حرص المملكة الدائم على الحفاظ على الوحدة الترابية وعلى استقرار جمهورية مالي، وكذا ضرورة المساهمة في إيجاد حل والتوصل الى توافق كفيل بالتصدي لحركات التطرف والإرهاب التي تهدد دول الاتحاد المغاربي ومنطقة الساحل والصحراء، وبتحفيز التنمية وضمان كرامة الشعب المالي الشقيق، في اطار الوئام بين كل مكوناته. وحتى عندما نقرأ ما نشرته الحركة نفسها، نجد قولها بأن جلالة الملك طلب من مسؤوليها أن» تبقى منفتحة على الحوار السياسي» مع السلطات في مالي، وهي ردت بالتأكيد على» استعدادها وتمسكها بحل سياسي دائم للنزاع بين الحركة والحكومة المالية». الاستقبال الملكي لحركة أزواد، وفضلا عن طبيعته الديبلوماسية والإستراتيجية في علاقة المملكة بمالي وبكامل المنطقة، فهو يعيد للواجهة أيضا الدور الديني والرمزي للمغرب في علاقاته بكثير من الشعوب الإفريقية، وهذا ما يستشف من تصريح مسؤول حركة أزواد عقب الاستقبال في مراكش، حيث أكد أن «المكانة التي يحضى بها الملك محمد السادس على المستويين الاقليمي والدولي ولدى كل من الحكومة المالية وسكان إقليم أزواد تؤهله للمساهمة في حل النزاع الذي تشهده المنطقة...». لم يخل الاستقبال الملكي أيضا من معاني ورسائل موجهة للمجتمع الدولي تتعلق بانتصار المغرب لقيم كونية تتمحور حول حرية الشعوب وأيضا احترام وحدة البلدان واستقرارها وسيادتها. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته