ربط جسور الإبداع بين مبدعين ينحدرون من مناطق جغرافية مختلفة ومشارب إبداعية متنوعة حولت مدينة تارودانت مؤخرا إلى قبلة للقصاصين المغاربة الذين توافدوا عليها من مختلف المدن المغربية، تلبية لنداء الإبداع وروح السرد القصصي واستجابة لدعوة نادي الإبداع الأدبي والمسرحي بثانوية ابن سليمان الروداني وجمعية مبدعي ابن سليمان الروداني للمشاركة في « الملتقى الوطني الثاني للقصة القصيرة». ويأتي هذا الملتقى في سياق الحركة المتنامية للقصة القصيرة في المغرب والرغبة في لفت الانتباه إلى ما تزخر به مدن الهامش مثل تارودانت من طاقات إبداعية هامة، إلى جانب ربط جسور الإبداع بين مبدعين ينحدرون من مناطق جغرافية مختلفة ومشارب إبداعية متنوعة في الرؤى والحساسية القصصية، إضافة جعل المؤسسات التعليمية تنفتح على محيطها وجعل المبدعين الشباب يتواصلون ويحتكون بتجارب الجيل الذي يسبقهم في أفق تقديم صورة أخرى عن تارودانت غير تلك التي يقدمها إعلام الإثارة. على الساعة الخامسة بقاعة البلدية افتتح الملتقى رئيس جمعية مبدعي ابن سليمان الروداني الأستاذ محمد كروم، ثم قدم الأستاذ شكيب أريج كلمة باسم اللجنة المنظمة رحب فيها بالضيوف وتحدث عن أهمية الملتقى وكون المنظمين لا يطرحون أنفسهم بديلا عن كل المهتمين بمجال الإبداع والأدب. كما تناول الكلمة رئيس المجلس البلدي مصطفى المتوكل الذي رحب بدوره بالمشاركين وتحدث عن أهمية الثقافة والإبداع. وتناوب على منصة الالقاء كتاب القصة القصيرة لقراءة إبداعاتهم الجميلة ( تحت إيقاع المطر)التي شدت إليها الآذان فتدفقت المتعة من كلمات عز الدين الماعزي (الجديدة) ليلى الشافعي (الرباط) ادريس الجرماطي(ورززات) محمد البغوري (طنجة) بشسير اركي، محمد ليبوركي، كريم بلاد (تارودانت)، محمد الحفيظي ( زاكورة). كما تخللت القراءات معزوفات موسيقية وغنائية للفنان سعيد عكرود الذي أبدع في مداعبة أوتار العود والشدو بالحان شرقية ومغربية دافئة وجميلة. وختمت الأمسية بإعلان نتائج مسابقة ابن سليمان الروداني الوطنية الثانية للقصة القصيرة التي كانت نتائجها كالتالي: الجائزة الأولى: أمين محضر من تارودانت الجائزة الثانية: فاطمة الزهراء ابرتي من ورزازات الجائزة الثالثة: فاطمة المصباحي من طنجة صباحا، توزع القصاصون المشاركون على مجموعة من المؤسسات التعليمية لتنظيم ورشات لتعليم الكتابة القصصية لفائدة التلاميذ، فأطر كل من عز الدين الماعزي وبشير إركي وشكيب أريج ورشة بمؤسسة اقرأ الخاصة، وفي اعدادية الحسن الأول أطر محمد البغوري وربيعة عبد الكامل وبشير إركي ورشة ثانية بتنسيق مع الأستاذ محمد أمداح. كما أطرت ليلى الشافعي وشكيب اريج ومحمد كروم ومحمد بوشيخة وعز الدين الماعزي وحسن الرموتي وإدريس الجرماطي واحمد الهاشمي ورشة ثالثة بثانوية ابن سليمان الروداني. مساء، تم تقديم ومناقشة بعض المجاميع القصصية الجديدة ( في القصة والقصة القصيرة جدا) لعز الدين الماعزي (الرجل الذي فقد ذيله) ومحمد البغوري (سيرة ذاتية ) ومحمد بوشيخة ( أجساد فقط) وسيرت باقتدار جلسة التقديم ليلى الشافعي. بعد ذلك تم توقيع المجاميع القصصية المقترحة، وكانت الجلسة الثانية مع القراءات السردية الممتعة لكل من ربيعة عبد الكامل (الدارالبيضاء) خديجة المسعودي (أكادير) عائشة بورجيلة (تارودات) حسن الرموتي (الصويرة) مبارك السعدني (تارودانت) أحمد الهاشمي (ميسور) عبد السلام هلالي ( تارودانت) أيوب مديان (تارودانت) شكيب أريج (تارودانت) محمد كروم (تارودانت)، كما تخللت القراءات القصصية معزوفات موسيقية وفقرات غنائية أداها كل من سعيد عكرود وخديجة المسعودي من خلال بعض الأغاني الخالدة لأم كلثوم وفيروز. وكان تقديم الفقرات من قبل التلميذة حفصة أيت الحاج(عضو نادي الإبداع) والتنسيق لشكيب أريج (عضو جمعية مبدعي ابن سليمان الروداني). ليلا، استمر السمر مع الكلمة الجميلة واللحن المطرب فغنت من جديد خديجة المسعودي ووفاء المدني وعزف سعيد عكرود وقرأ عبد الله الرخا (أولاد تايمة) قصيدة جميلة وأمينة أيت تمرد وحفصة أيت الحاج، فكان الإبداع أقوى وأدفأ من البرد الذي كان يلف ليل المدينة. وابتداء من الساعة العاشرة صباحا تم تنظيم جولة ترفيهية ومعرفية لبعض مآثر المدينة التاريخية لضيوف الملتقى وأعضاء النادي والجمعية أطرها الأستاذ الباحث نور الدين صادق (مدير ثانوية ابن سليمان الروداني) حيث قدم شروحات ومعطيات تاريخية حول سور المدينة من حيث تاريخه ومكونات بنائه، وأجزائه ودوره في تحصين المدينة إضافة إلى معطيات أخرى حول الأبواب وشكلها الهندسي الممانع بالتواءاته العجيبة ثم سجن القصبة الذي كان معتقلا للأسرى الأوربيين وبعدهم رجال الحركة الوطنية أيام الحماية وصولا إلى تحويله الآن إلى مركز للتكوين المسرحي تشرف عليه جمعية الشعاع المسرحية، وبجانبه تم إطلاع الضيوف على معلومات هامة حول «المخزن» الذي كان خزينة الدولة السعدية ومضرب سكتها. وتم ختام الجولة بتقديم معطيات حول قصر دار البارود وجماليته ودوره التاريخي في تصنيع الأسلحة. وبعد وجبة الغداء استمتع الضيوف بقراءة شعرية ممتعة لشاعر تارودانت وفحلها مولاي الحسن الحسيني، وأسدل الستار على الملتقى في انتظار ملتقى آخر.