خصصت مجلة «كايمان كواديرنوس ديل سيني»، و هي النسخة الإسبانية لدفاتر سينما، ملحقا خاصا للسينما المغربية في عدد أكتوبر و ذلك بتنسيق مع المهرجان السينمائي الدولي ببلد الوليد في طبعته58 . ويعتبرمدير المجلة كارلوس إيريديرو في مقالته التي حملت عنوان «على بعد كيلومترات قليلة من أعيننا «أن الشاشة الفضية المغربية أصبحت تجذب اهتمام المتبعين لحيويتها اللافتة للنظر و التي تسير بتأن يحمل معه ازدهارا تحفيزيا للمؤلفين و الأعمال .وقد سبق لنا أن قلنا ذلك في العدد السابع للمجلة سنة 2009 أول ملحق حول السينما المغربية بمناسبة مهرجان بحر الموسيقى بقرطاجنة الإسبانية و نؤكده للمرة الثانية بعد مرور أربع سنوات. و أكد إيريديرو أن الإنتاج السينمائي يعرف تطورا ملحوظا و يتجلى في دعم الدولة لتطوير الصناعة السينمائية و مرونة الرقابة (نسبيا) و تجديد الأجيال و اقتحام موضوعات و قضايا كانت تعتبر طابوهات.و الانفتاح على إطارات جديدة شكلية و جمالية (التهجين العام.الوثائقي)عناصر تدعم سينما تثور ضد التنميط و تكميم الأفواه . و انتقد مديرالمجلة السينمائية عدم بث القنوات الإسبانية للأفلام المغربية و حرمان الجمهور الإسباني من التعرف على سينما تناقش القضايا المزعجة اجتماعيا و ثقافيا في الوقت الحاضر . إنها مفارقة غريبة أن تظل هذه السينما بعيدة عن أعيننا رغم القرب الجغرافي غير أن مناسبات مثل مهرجان بلد الوليد، تشكل فرصة ذهبية، تمكن المتفرج الإسباني من متابعة ما يقع في الضفة الأخرى. و في مقالة لمحمد باكريم ،قامت بترجمتها ناتاليا رويث من الفرنسية إلى الإسبانية،بعنوان «الجذور الاجتماعية والانتقائية الجمالية « اعتبر فيها الناقد المغربي المرموق حسب توصيف المترجمة الإسبانية أن السينما المغربية عرفت مع بداية الألفية الثانية مرحلة خصبة و غنية من حيث معطيات و عناصر د الة على نمو حقيقي جديد و واعد و ارتباط الجمهور المحلي بسينماه بدأت إرهاصاته منذ تسعينات القرن الماضي. فالأفلام المغربية أصبحت هي الأكثر مشاهدة في صالات العرض بناء على اختيارات موضوعاتية و جمالية جعلت السينما الشكل الفني الأبرزللتعبير عن المتخيل الجماعي . و أصبحت تحظى ليس فقط باهتمام الجمهور و النقاد بل أثارت نقاشات كبرى و دخلت إلى البرلمان و خلقت ردود فعل واسعة للرأي العام خارج دائرة رواد السينما و المهنيين كفيلم علي زاوا لنبيل عيوش و «ماروك» لليلى المراكشي و «كازا نيغرا» و «زيرو» لنورالدين الخماري و «حجاب الحب «لعزيز السالمي... و تتميز السينما المغربية بثلاثة خصائص : إنتاج سينمائي ينمو بشكل منتظم وتحقيقها نسبة مشاهدة محلية و دولية أصبحت تتزايد فعاليتها و تنوع جيلي وموضوعاتي و فني لا ينكر. و ذكر محمد باكريم ،الذي يشغل أيضا ناشرا و مدير تحرير مجلة أفلام21، أن الإنتاج السينمائي المغربي يعرف انتظاما جعل المغرب مركزا للصناعة السينمائية الناشئة ،ويعد هذا استثناء في المنطقة،ففي سنة 2012 تم إنتاج خمسة و عشرون فيلما مقارنة مع سنوات التسعينات التي سجلت نسبة خمسة أوستتة أفلام في السنة .مع الإشارة أن مهرجان الفيلم الوطني الذي تم تنظيمه منذ سنة 1982 كان يلاقي صعوبات في تجميع عدد كاف للأفلام قصد عرضها لكن سنة 2007 شهدت نقطة تحول حيث بدأ المهرجان يقام سنويا استجابة لنمو الإنتاج المتزايد. ومنجم هذا الثراء يرجع إلى سلاح هائل أكد فعاليته متمثلا في الدعم العمومي الذي تم إنشاؤه سنة1980 وعرف تطورا إيجابيا عبر تعديلات مكنته من الوصول إلى الصيغة الحالية الدفع مقدما على شباك التذاكر انصلاقا من سنة2004 وتشرف لجنة مستقلة تتكون من اثنى عشر عضوا تجتمع ثلاثة مرات في السنة لمناقشة و تقرير الدعم المخصص لكل مشروع و بلغ إجمالي الدعم المقدم في السنوات الأخيرة إلى حوالي6 ملايين يورو سنويا و ابتداء من سنة 2003 استفادت الأفلام القصيرة من نفس شروط دعم الأفلام الطويلة ووصل معدل إنتاجها ما بين ثمانين و مائة في السنة ويضيف صاحب «الرغبة الدائمة»و»انطباعات مسافرة» أن الشيء الجديد ،الذي يميز الحقل السينمائي اليوم ،يتعلق بوجود سينما تلبي التوقعات الحقيقية للجمهور فلم يعد هناك أي شك في أن يتصدر الفيلم المغربي مداخيل الشباك فيلم»الطريق إلى كابول» لإبراهيم الشكيري نموذجا الذي يحطم حتى كتابة هذه السطور رقم المبيعات .فحسب مجموعة من المهنيين فقاعات العرض التي لم تزل مفتوحة على قلتها إلا بفضل الفيلم المغربي . فاحتضان الجمهور لم يكن من قبيل الصدفة بل نتيجة تنوع كبير في الإنتاج و تنوع جيلي فبالإضافة إلى الرواد الذين ما زالو يشتغلون بحظوظ مختلفة مثل عبد القادر لقطع ،جيلالي فرحاتي و عبد الرحمان التازي و حكيم النوري....تعزز المشهد السينمائي بوصول مخرجين كنبيل عيوش و نورالدين لخماري ليلى المراكشي و ليلى الكيلاني محمد أشوير و هشام العسري. و تميزت السينما المغربية بالتنوع الموضوعاتي و الانتقاء الجمالي ،سينما ذات اتجاه شعبي لا تتردد في معالجة محاور كبرى ذات توافق اجتماعي واسع النطاق: وضع المرأة و الهجرة وأعمال مخصصة للذاكرة الجماعية اعتبرت طابوهات حتى وقت قريب كسنوات الرصاص تمت معاجلتها بأسلوب رمزي و غير مباشرمثل «ذاكرة معتقلة» لجيلالي فرحاتي و «ألف شهر» لفوزي بنسعيدي. و تمت أيضا معالجة قضايا هجرة اليهود المغاربة ك»وداعا للأمهات» لمحمد إسماعيل و»أين تذهب موشيه» لحسن بنجلون. كما لم يتم إغفال المجال الحميمي فكان الجسد الفردي كمجاز للجسد المجتمعي ك «حدائق سميرة» للمخضرم لطيف لحلو و معالجته الدقيقة للبؤس الجنسي للزوجين .فموضوع الجسد حاضر في أعمال الجيل الجديد كالجسد المشوه في «عيون جافة» لنرجس النجار و الجسد كسياق متعدد الثقافات في» ماروك» لليلى المراكشي و «شقوق» لهشام عيوش . وعرفت السينما المغربية إعادة الهيكلة على المستوى الجمالي نحو مزيد من التجريب والانفتاح تمكنت فيه سينما المؤلف من إعادة النظر في الأنواع ذات الإنتاج الدولي كسينما الجريمة و تطويرها في الوسط المغربي كزيرو لنورالدين لخماري و»موت للبيع» لفوزي بن سعيدي. سينما تصلح للاقتباس لأنها حضرية جدا ومرئية و أبطالها ساخطين. وتألق الفيلم الوثائقي و شكل صدى للموضوعات التي تناولتها الأفلام الروائية كفترة سنوات الرصاص كفيلم «أماكننا الممنوعة «لليلى الكيلاني التي فازت بجائزة خمسينية السينما المغربية و التسجيل الحميمي صحبة الكاميرا لحكيم بلعباس في «شظايا» الذي فاز بجائزة مهرجان الفيلم الوطني سنة2009 وفيلم و»رقصة الخارجين على القانون» لمحمد العبودي و تحدث خافيير استرادا في مقالة «عدم الامتثال و التجديد»أنه من خلال نظرة عامة على شمال إفريقيا حيث تحاول معظم الدول ان تتنفس من جديد بعد مخلفات الثورة غير أن المغرب شكل حالة استقرار استثنائية بالمنطقة.فالتجديد الذي عاشته السينما في الخمسة عشر سنة يرجع إلى حد كبير للهدو ء السياسي النسبي فكل مرة يتزايد تصوير أفلام جديدة بجوانب تقنية محققة نموا لا يمكن إيقافه.ومع ذلك، فإن القوة الحقيقية للجيل الجديد تكمن في عدم امتثاله للواقع فمن المؤكد أن السينمائيين المغاربة لا زالو يجدون مصاعب عندما يهمون بالتطرق لمواضيع ساخنة خاصة( قضيةالصحراء) لكن لهم قدرة كبيرة على رصد المشاكل الموروثة والطارئة في مختلف المناطق المغربية ومعالجتها بحس نقدي وإظهارها دون مساحيق. فمعالجة الماضي التراجيدي تظهر من خلال فيلم ذاكرة معتقلة و ضمن الفيلم الوثائقي ستقدم لنا ليلى الكيلاني مقاربة شاملة من خلال عملها الممتاز «أماكننا الممنوعة»كشفت فيه عن ثغرات في مسلسل مراجعة الماضي و تشرد الأسر......و أعلن الفيلم الوثائقي رقصة الخارجين عن القانون، لمحمد العبودي ،صرخة في وجه ثقل التقاليد في المغرب العميق . كما أن الفيلم الروائي سجل تنوعا موضوعاتيا و شكليا «عيون جافة لنرجس النجار و»الطفل النائم» لياسمين كساري و» الرحلة الكبرى» لإسماعيل الفروخي . و شكل فيلم «علي زاوا» لنبيل عيوش مفتاح التجديد في السينما المحلية معتمدا على أسلوب الواقعية الجديدة. و قريبا من التسلية نجد الفيلمين الناجحين» كازا نيغرا» لنور الدين لخماري و «الف شهر» لفوزي بنسعيدي، أفلام مخصصة للشباب الطائش الذي يعيش على هامش المجتمع ويرتبط مستقبله بعالم الجريمة. و لمعرفة الإجابة الأكثر حدة و في نفس الوقت الاكثر تبئيرا حول العراقيل التي تواجه الأجيال الجديدة في طريقها إلى الكرامة علينا بالرجوع إلى الفيلم الروائي الأول ليلى الكيلاني «على الحافة «تتحرك داخل مجمعات صناعية و منازل فاخرة ترسم مناخا من التناقضات تناغم مع وجود بطلة الفيلم عاملة بالنهار و لصة بالليل .......و حسب خافيير استرادا فليلى الكيلاني الممثلة الأكثر تجسيداالسينما المغربية . و تحت عنوان «المغرب أبناؤه»ليارا يانييث أن ما يجمع هذه العينة التي تم اختيارها ،هو موضوع الطفولة ،والمتكونة من ستتة أفلام قصيرة : «مختار» لحليمة ورديدي و «حياة قصيرة» لعادل الفاضلي و «على طريق الجنة «لأودة بنيامينا و» أمل» لعلي بنكيران و «عندما ينامون «مريم توزاني و «يد يسرى» لفاضل شويكةهو موضوع الطفولة .فقليلة هي الإنتاجات السينمائية التي تناولته لكن بطموح أكبر.و بأسلوب تجريبي يخلو من محاولات الالتزام الإيديولوجي أو الاجتماعي أو من الرؤى الحضرية للمحيط القروي..... فالنظرة نحو الأطفال تشكل العمود الفقري لهذه الأعمال. فحسب الأهدلاف الي سطرها مهرجان بلد الوليد و التي تتمثل في» إظهارالوضعية الحالية للسينما المغربية كمرآة للتطور الثقافي و الاجتماعي للبلد» و الميزة الثانيه تتجلى في اكتشاف أنماط الحياة المعتقدات ،الصراعات و الاحتياجات لبد يعيش التناقضات و لازال يحافظ على تقاليد تسعى هذه الأعمال تسليط الضؤ عليها ومساءلتها وقام ملحق المجلة أيضا بتقديم قراءة للأعمال المغربية المشاركة في فقرة السينما المغربية في القرن الواحد و العشرين حيث قدم كارلوس ريفيرييغو لفيلم»علي زاوا» و باولا بوردونادا لفيلمي «عيون جافة و «ماروك «،خوانما رويث ل»ذاكرة معتقلة «، أنخيل كينتانا لفيلمي»الطفل النائم»و «شقوق «، لورديس مونتيروبيو لفيلمي»الرحلة الكبرى» و «شقوق «،أوسكار بابلوس ل»في انتظار بازوليني» و جيسيكا نينييرولا لفيلمي»كازا نيغرا « «نهاية «، لويس باريس لفيلمي» أماكننا الممنوعة» « شظايا»، فيرناندو بيرنال ل»بيغاس» ، خافيير استرادا ل «على الحافة» و أليسيا ألبالاديخو لفيلمي «رقص الخارجين على القانون»و»موت للبيع».خوسي إنريكي مونتيردي ل»الرجل الذي باع العالم « و أنطونيو سانتا مارينا لفيلمي»الطريق إلى كابول» و»فيلم» .