نقاشات ساخنة في انتظار الحسم في «خلاص» الصناديق وحماية حقوق المتقاعدين قال مصدر حكومي لبيان اليوم إن اجتماعا سينعقد يوم الخميس القادم سيخصص للاتفاق على السيناريو الموحد لإصلاح أنظمة التقاعد. وكان اجتماع ساخن، قد تطرق أول أمس الخميس للموضوع، تم خلاله مناقشة العديد من الجوانب المتعلقة بسيناريو الرفع من سن التقاعد إلى 62 سنة عوض 60 المحددة حاليا، وذلك في أفق معالجة أزمة صناديق التقاعد التي أصبحت مهددة بالإفلاس خلال السنة الجارية. وقال مصدرنا الحكومي إن كل الجهات المعنية بموضوع إصلاح أنظمة التقاعد متفقة على عدم التراجع عن إصلاح أنظمة تقاعد تعاني، منذ سنة 2000، مشاكل مزمنة تهدد ديمومتها على المدى المتوسط والبعيد، وأن هناك إجماع على ضرورة القفز على المقترحات التي تحصر الحل في التدابير الجزئية، والتي لن تبعد شبح الإفلاس عن صناديق التقاعد. وشدد مصدرنا على أن هناك بالتأكيد سيناريوهات جيدة وجريئة، لكنه فضل عدم تسريبها بغية عدم التشويش على الاجتماعات وعلى ما يمكن أن تخرج به من توافقات ستقدم للجنة الوطنية الخميس القادم وسيليها إعلان الحكومة على لسان رئيسها عبد الإله بنكيران عن «خلاص» الصناديق التي سترغم الحكومة، في حال بقاء الوضع على ما هو عليه، على ضخ غلاف مالي قدره 1.8 مليار درهم سنة 2014 وإلى 6.4 مليار درهم سنة 2016 ، ثم إلى 125 مليار درهم سنة 2024 . وحول ما إذا كانت الاجتماعات الجارية، طيلة الأيام التي تفصلنا عن الخميس القادم، ستستلهم حلولا من السيناريوهات التي أوصى بها المجلس الأعلى للحسابات، من أجل إصلاح أنظمة التقاعد، والتي من المنتظر أن تخلف ردود فعل ساخطة من طرف النقابات، أوضح مصدرنا أن كل الجهات المعنية بالتفكير وبتقديم مقترحاتها تتوفر على ما يكفي من الفطنة وحسن تدبير الأفكار والحلول بما فيها تلك التي قدمها المجلس، وتتبنى سيناريوهات المجلس الأعلى للحسابات مرحلتين للإصلاح، الأولى تتعلق بإصلاح مقياسي يهدف بشكل أساسي إلى تقوية ديمومة أنظمة التقاعد وتخفيض ديون الأكثر هشاشة منها، خاصة نظام الصندوق المغربي للتقاعد، وذلك في أفق إصلاح هيكلي شامل يهم مجموع الأنظمة. ومن أجل إنقاذ الصندوق المغربي للتقاعد، الذي سيعرف عجزا كبيرا ابتداء من هذه السنة، اقترح المجلس رفع سن التقاعد إلى 65 سنة على مدى 10 سنوات، عوض 60 سنة المعمول بها حاليا، مع منح المنخرطين إمكانية تمديد فترة نشاطهم حتى يتسنى لهم الاستفادة من تقاعد كامل في المعدل الأقصى، وذلك مع ضرورة أن يخضع الاستمرار في العمل لتأطير ملائم في حدود سن يتم تحديدها لاحقا. أما بالنسبة لوعاء احتساب الحقوق بالنسبة للمنخرطين في الصندوق المغربي للقاعد، فقد اقترح المجلس تغيير الوعاء بصفة تدريجية باعتماد معدل أجور من 10 إلى 15 سنة الأخيرة من العمل، عوض آخر أجرة كما هو معمول به حاليا، مع تخفيض نسبة القسط السنوي إلى 2 في المائة بدل 2.5 في المائة، وتحديد نسبة المساهمة في 30 في المائة، 24 في المائة منها للنظام الأساسي اعتمادا على مبدأ التوزيع، و6 في المائة بالنسبة للنظام الإضافي المبني على الرسملة يتحملها بشكل متساو المشغل والأجير. أما اقتراحات إصلاح النظام العام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فقد تضمنت الرفع من سن الإحالة على التقاعد إلى 65 سنة على مدى 10 سنوات، تبعا لنفس التصور المقترح بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد، ومراجعة قيمة المعاشات في اتجاه تخفيض النسبة الحالية إلى مستوى ثلثي تطور متوسط الأجر الذي يعتمده النظام. وتضمنت السيناريوهات التي وضعها المجلس الأعلى للحسابات بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بسن التقاعد في 60 سنة كمتوسط، مع إتاحة الإمكانية للمنخرطين الراغبين في ذلك لتمديد سن التقاعد إلى 65 سنة، بالإضافة إلى رفع معدل التعويض إلى 75 في المائة عوض 70 في المائة المعتمدة حاليا. غير أن المجلس اقترح، بالمقابل، رفع نسبة المساهمة من 11.89 في المائة إلى 14 في المائة خلال فترة 5 سنوات، مع زيادة عدد الأيام اللازمة للاستفادة من الحقوق لتصل إلى 4320 يوما عوض 3240 يوما المعتمدة حاليا. وفي المرحلة الثانية من الإصلاح، اقترح المجلس القيام بإصلاح هيكلي ينجز في أفق 5 إلى 7 سنوات تمثل مرحلة انتقالية نحو وضع نظام ذي قاعدة موحدة وعامة لمجموع النشيطين بالقطاعين العام والخاص، ويتضمن هذا الإصلاح وضع قطبين للتقاعد عمومي وخاص، وذلك بدمج أنظمة تقاعد القطاع العمومي، أو المحافظة على الأنظمة مع إصلاح عميق وشامل لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد. واعتبر المجلس أن هذا الإصلاح الهيكلي يمكن أن يفضي إلى نظام تقاعد أساسي موحد إلى جانب أنظمة تكميلية، وأخرى اختيارية، كما اقترح إحداث جهاز مستقل مكلف باليقظة وبتتبع أنظمة التقاعد، مطالبا بضرورة أن تستجيب عضوية هذا الجهاز لهدف تحقيق الفعالية من خلال تعيين أعضاء يتوفرون على مستوى عال من الكفاءة والخبرة في هذا المجال.