ساهمت نخبة من الفنانين الذين يمثلون مشارب مختلفة، في إحياء حفل الذكرى السبعين لتأسيس حزب التقدم والاشتراكية والذي أشرفت على تنظيمه لجنة بقيادة أحمد زكي وأحمد سالم لطافي عضوا الديوان السياسي، فقد حضرت الأغنية الشعبية في شخص فرقة تكدة، والأغنية الأمازيغية في شخص فاطمة تيحيحيت، ومثلت الأغنية الحسانية الفنانة البتول المرواني، كما حضرت الأغنية العصرية في شخص نعمان الحلو، وحضر المسرح كذلك من خلال العرض الفكاهي الفردي الذي قدمه الشاب سعيد أيت باجا، بهذه المناسبة، التقت بيان اليوم بهذه الوجوه الفنية، وحاورتها حول مسارها الفني وحول العديد من انشغالاتها وطموحاتها والتحديات التي تواجهها. الفنان أحمد الروداني (رئيس فرقة تكدة) على الفنان أن يكون عضوا فاعلا في مجتمعه ما هو إحساسك من خلال إحياء فرقة تكدة لذكرى مرور سبعين سنة على تأسيس حزب التقدم والاشتراكية؟ نحن مسرورون جدا بالمشاركة في هذا الحفل، وهذه ليست المرة الأولى التي نشارك في تظاهرة من هذا القبيل، فبحكم قرابتنا بمجموعة من الأصدقاء المنتمين لحزب التقدم والاشتراكية، سواء مسؤولين أو إعلاميين، فجميع مؤتمرات الحزب التي ينظمونها أو مثل هذا الحفل، سواء في الدارالبيضاء أو خارجها، دائما مشكورين يوجهون لنا الدعوة، وهذا شرف لنا، أن نشاركهم هذه الفرحة وهذه الذكرى التي نعتز بها ونصفق لهم على استمراريتهم ومثابرتهم في خدمة بلدنا ونتمنى لهم مستقبلا زاهرا. ما هي نظرة تأملك للمسار الذي قطعته أغنية تكدة حتى اليوم؟ أزيد من أربعين سنة على وجود مجموعة تكدة في الساحة الفنية، منذ 1972 إلى يومنا هذا، المجموعة مستمرة بعطائها الفني، ولكي يستمر العطاء، ينبغي أن يكون الفنان معطاء، وهذا العطاء ينبغي أن يكون مسايرا، لأننا بصدد الحديث عن أربعة عقود، وكل عقد يشكل جيلا، وهذه الأجيال ينبغي تلبية طلباتها ورغباتها، وينبغي مسايرتها، والعمل على التجديد مع الحفاظ على الأصالة، هذا هو هاجس اشتغالنا. ولذلك أنتجنا مؤخرا ألبوما جديدا، يضم ست قطع غنائية، مواكبة، والناس الذين استمعوا إليها، استحسنوها، وبالنسبة للمسرح، فنحن ما زلنا نقوم بجولة لتقديم الملحمة المسرحية: قولوا تبارك الله، وفي الرابع عشر من الشهر القادم سنقدم عرضا جديدا لهذه الملحمة بالمركب الثقافي مولاي رشيد بالدارالبيضاء، كما برمجنا عروضا لنفس الملحمة للسنة القادمة، على اعتبار أن هذه الملحمة لا تموت، سيما وأنها تتغنى بأمجاد المغاربة وبتاريخهم، من طرد المستعمر إلى استكمال الوحدة الترابية، والحداثة والتشبيب، بطريقة مواكبة للعصر، إنها مسرحية تشتمل على التشخيص والغناء والنكتة، لقد عرضنا هذه الملحمة خمسين مرة، في مختلف مدن المملكة. لم نعرضها خارج المغرب، لسبب بسيط هو أن الفرقة تتألف من ست وثلاثين فنانا وتقنيا، وبالتالي فهذا يتطلب إمكانيات مادية لتغطية تكاليف التنقل. ما هي ملامح التجديد في التجربة الغنائية لفرقة تكدة؟ هناك تجديد بالخصوص على مستوى المواضيع التي نطرقها، فمثلا الأغنية الأخيرة التي أنتجناها، تحمل عنوان: مدام سايي، نتناول فيها موضوع الزواج المختلط ومشاكله، على اعتبار أن معظمه لا يكتب له النجاح، نحن لا نقدم حلولا ولكن نطرح القضية فقط. ما هو تقييمك للمسار الغنائي الشعبي المغربي؟ أفضل الحديث عن هذا الموضوع من الناحية الفنية، باعتباري متلقيا أولا وقبل كل شيء، فكل ما هو شعبي وكل ما ينطوي على أصول وجذور، ويحترم الجذور ويحترم نفسه، لا بد أن يحافظ على استمراريته وحضوره، إلا أنه ينبغي الحفاظ على تلك النكهة التي يتميز بها والتي لا ينبغي تضييعها، الفن في العالم، هو رسالة وأخلاق. هل ظهرت مجموعات غنائية شعبية على شاكلة فرقتكم؟ كل مرة تبرز ظاهرة غنائية جديدة، وكل ظاهرة لها زمانها وجمهورها وعشاقها وكل واحدة منها لا يمكن إلا أن نكن لها الاحترام والتقدير ونتمنى لها التوفيق، سيما وأنها تعمل على تجميل صورة ما هو شعبي بطريقة محترمة. من بين الفرق التي تساير عطاءاتنا، هناك طلبة مستفيدون من المشتل الفني بمركز سيدي مومن في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ففي هذا المركز نقوم بتلقين الثقافة الشعبية والمسرح والموسيقى، لقد قمنا بتدريس هؤلاء الطلبة بطريقة علمية مبسطة، وخلقنا بالتالي نواة لمجموعة صغيرة للأغنية الشعبية، وهذا لا يقتصر فقط على الفن الذي تقدمه تكدة، بل يشمل فنون الدقة المراكشية وغيرها من الأنماط الغنائية الشعبية. كيف هي ظروف العمل في مركز سيدي مومن للتنمية البشرية؟ هذا المركز نحن جزء منه، خصصت لنا قاعات به، لتدريس الثقافة الشعبية والمسرح والموسيقى ومادة: كان يا ما كان، التي تحكي عن فنانينا الرواد وعن تاريخهم الفني وعطاءاتهم، وهناك مادة أخرى تسمى: تفراق اللغى، التي نستقطب من خلالها فنانين كبارا ورياضيين وغيرهم من النجوم، لمجالسة طلبة المركز والتحاور معهم، وسرد حكاياتهم، والتقاط صور تذكارية معهم، وهناك مادة خاصة بالتواصل، وأخرى متعلقة بالزيارات الميدانية لمجموعة من المؤسسات الإعلامية والثقافية. ما هي الإضافات التي تسعى تكدة إلى تحقيقها؟ نحن نشتغل ونتمنى أن تمنح لنا الإمكانيات لإنجاز مشاريعنا، فنحن الفرقة الوحيدة ضمن ظاهرة المجموعات الغنائية، التي اتجهت نحو المسرح، وظلت تمارسه، من أعمالنا بهذا الخصوص أذكر: حومة النشاط، عبو الريح، حلوف كرموص، سوق الرخا، بعد ذلك انخرطنا في العمل الدرامي التلفزيوني: ستة من ستين، وخمسة وخميس، ونواصل العمل على هذا المنوال، حيث في كل سنة نقدم الجديد، ومنذ مدة قدمنا مشروع مسلسل في ثلاثين حلقة لإدارة التلفزة المغربية لأجل إنتاجه، وما زلنا ننتظر الرد على هذا المشروع، كما قدمنا عملا آخر عبارة عن سيتكوم في ثلاثين حلقة كذلك، بعنوان: الكونجي، بطريقة مغربية، وليس على الشاكلة الأمريكية، وقدمنا كذلك مشروع فيلم تلفزيوني، بعنوان الكانون، ونحن ننتظر الرد. لماذا لم تتجاوب التلفزة المغربية مع مشاريعكم هاته؟ ليست مسألة تجاوب، ولكن ربما أن هناك ظروفا طارئة حالت دون دراسة ملفاتنا، من قبيل إعادة النظر في دفتر التحملات، لكن ما نتمناه هو أن تكون الحظوظ متساوية، ونحن متفائلون بأن مشاريعنا سترى النور سواء عاجلا أم آجلا، لأن لها قيمة فنية وموضوعية، وكلما تقادمت، ازدادت قيمتها، مثل القطعة الأرضية. ما مدى استفادتكم من تجربة دعم وزارة الثقافة للأغنية المغربية؟ كنا قد قدمنا ملفا خلال الدورة الأولى، لكننا لم يتم قبوله، ربما أن عملنا لم يرق للجنة الدعم، لكن خلال الدورة الثانية لم نقدم أي ملف للحصول على الدعم، وهذا ليس موقفا سلبيا من اللجنة، اقتناعا منا بأننا نخوض تباريا، ربما أن ما حظي بالدعم هو أفضل من أعمالنا. هل لديكم تصور معين لدعم الأغنية المغربية؟ نحن باعتبارنا فرقة غنائية، لسنا مطالبين بالاشتغال على تصور معين لدعم الأغنية، هذا الأمر يتطلب مختصين وندوات ومختبرات وحلقات تكوينية، نحن مجرد نقطة وسط بحر، هناك من هم أجدر منا في تقديم تصور خاص للدعم، وأعتقد أنه إذا كان كل واحد يقوم باختصاصه، فإننا لا محالة سننجح، نحن فقط نؤدي الأغاني، ولنا دراية بكتابة كلمات زجلية وألحان، هذه هي حدودنا، ونعرف كذلك كيف نمارس المسرح، يمكن أن أعطي ملاحظة أو إحساسا انطلاقا من تجربتي، أما التنظير فله أساتذته. أنتم من أنشط الفرق الغنائية، ما السر في ذلك؟ نحن نعمل على برنامج، ونطبقه، ونتعامل مع الجميع، نعرض منتوجنا الفني بمختلف ربوع المملكة، نشارك في مهرجانات متعددة، كبر شأنها أم صغر، نذهب حتى إلى الدواوير، كما أننا نشارك في أعمال خيرية، تقيمها منظمات المجتمع المدني، فخلال هذا الأسبوع، عدنا من منطقة تنانت، التي تقع في نواحي مراكش، حيث صاحبنا قافلة طبية، وهذا يجعلنا نشعر بالسعادة. الفنان عنصر فعال في المجتمع، وليس مجرد عامل يشتغل للحصول على مقابل مادي، بل هناك الجانب الإنساني، على الفنان أن يكون إنسانا ويمد يده إلى الآخر، ولا يقتصر فنه على إلقاء الكلام، بل من الضروري أن يقوم بتفعيل هذا الكلام ويكون جزءا منه، ويكون معطاء لوطنه. ما مدى حضور الأغنية الشعبية في التلفزة المغربية؟ نتمنى أن كل ما هو مغربي، سواء في الموسيقى أو المسرح أو الدراما أو السينما أو غير ذلك، أن ينال مساحة أوفر ضمن برامج التلفزة المغربية، طبعا نحن لا نقصي الآخر، نحن منفتحون، ونتابع التجارب الأخرى، لكن لنا تجاربنا، مفكرونا ومخرجونا، لنا السينما والأغنية والمسرح وغير ذلك. السهرة الغنائية الأسبوعية التي تقدمها التلفزة المغربية، ليست كافية بالطبع، لكنها على الأقل تظل فرصة لتشغيل الفنانين، ويبقى الجمهور هو من له الكلمة لتحديد ما ينبغي عرضه، يمكن أن يتعاطف مع فنانين آخرين ولا يتعاطف معنا، غير أنني آمل أن يتم إخراج قنوات خاصة بالفن إلى الوجود، حتى يتم نقل التراكم الحاصل في هذا المجال. ما سبب محدودية إصدار ألبومات غنائية لكم؟ هذا الأمر خارج عن إرادتنا، وتتحمل شركات الإنتاج المسؤولية في ذلك، حيث أن أغلبيتها أفلست، بالنظر إلى كون القرصنة فعلت فعلها، هذا وباء عالمي، على مكتب حقوق التأليف أن يقوم بدوره لمعالجة هذا الموضوع، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والسلطات وغير ذلك، لأنه ليس الفنان وحده من يضيع، بل المجتمع برمته، ينبغي تفعيل القوانين حتى يستفيد الجميع. ما هو الجديد الإبداعي لفرقة تكدة؟ نحن مقبلون على إعداد عمل مسرحي جديد، يتطرق لقضايا الساعة في قالب فكاهي غنائي، وسنشرك معنا مجموعة من نجوم الفكاهة، وعلى مستوى الغناء، سنشتغل على نماذج من أعمالنا الأولى، وسنقدمها بكيفية مختصرة، عبر الاستفادة من التقنيات الجديدة، لإطلاع الجيل الجديد عليها، سيما وأنها انقرضت.