المفكر والباحث الذي واصل بجرأة وانفتاح ما دشنه الرواد كانت أمسية أربعينية الفقيد الأستاذ محمد العيادي يوم الجمعة الماضي (22 نوفمبر 2013) مناسبة ثمينة لإبراز المحطات الأساسية لمساره الفكري والفلسفي وحتى السياسي. وقبل الخوض في هذا المضمار لابد من الإشارة إلى أن هذه الأمسية عرفت حضورا وازنا لثلة من المفكرين والأساتذة الجامعيين والباحثين فضلا عن حضور فاعلين سياسيين وجمعويين. تميزت هذه الأمسية المؤثرة بحضور لافت لكل من القائد التاريخي للمقاومة وجيش التحرير محمد بنسعيد آيت إيدر؛ وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ وصديق الفقيد محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وزير السكنى وسياسة المدينة، وسعيد الفكاك أستاذ الفكر الفلسفي ورئيس ديوان وزير الصحة، وعبد الواحد سهيل وزير التشغيل السابق والرئيس المدير العام السابق لصندوق القرض العقاري والسياحي؛ وإدريس جطو الوزير الأول السابق ورئيس المجلس الأعلى للحسابات بالإضافة إلى رؤساء جامعات الدارالبيضاء وعمداء الكليات وأساتذة باحثين مرموقين. ليست هذه الورقة تغطية صحفية كالمعتاد، قد يكون الأمر كذلك، ولكنه في نفس الوقت يكتسي صبغة خاصة، إذ يتعلق الأمر بواحد من الأبناء البررة لوطننا، ويتعلق الأمر أيضا بأسرته الكريمة كما يتعلق بمسألة فكرية لها بعد سياسي وازن في مسار مجتمعنا وشعبنا. لم يكن الأستاذ العيادي متحزبا ولا منغلقا في أبحاثه ومقارباته، ولكنه كان منحازا إلى هموم شعبنا، ومناضلا كمفكر، من أجل البحث عن المقاربات الاجتماعية والسياسية القادرة على تحديث المجتمع المغربي ووضعه على سكة التنمية والتقدم والديمقراطية. وحين نلقي نظرة سريعة على أبحاث المرحوم ومؤلفاته نرى أن هموم الشعب المغربي وفئاته الاجتماعية المتضررة والمناحي الكفيلة بالإصلاح، حاضرة بقوة. فقد عالج الفقيد قضايا المدرسة المغربية والمناهج الدراسية كما عالج قضايا المرأة، والقضية الدينية أو الإسلام الديني بالإضافة إلى قضايا اجتماعية أخرى. ويكفي الأستاذ الفقيد العيادي اعتزازا لأنه أنشأ ورسم المركز الوطني للعلوم الاجتماعية بالدارالبيضاء الذي كان مديرا له، متبعا خطى كل من عبد الكبير الخطيبي وبول باسكون وعبد الله الساعف ومليكة البلغيتي. رحم الله الفقيد.