من أجل مدينة يطيب فيها العيش مدينة يطيب فيها العيش، عاصمة اقتصادية بطموحات اجتماعية، حاضرة تاريخية، مدينة يحلم فيها المتحرك فوق شوارعها بالتنقل دون إجهاد، ويأمل القاصد لمرافقها والوالج لخدماتها بأن تكون في المتناول.. هي إذن عاصمة تجمع المتناقضات، تحمل طموحات وتواجه تحديات وتتوفر على إمكانات وتعاني من إكراهات. من أجل أن يطيب فيها العيش، أعطى الوالي الجديد للدار البيضاء الكبرى، خالد سفير، الخطوط العريضة لهذا الورش، واستعرض هموم المدينة الحالمة، وناقش مشاكلها وابتكر بدائل وصاغ تصورات، تأسيسا على الخطاب الملكي ليوم 11 أكتوبر الماضي، ونقحها بسياسات وطنية وجهوية مع الأخذ بعين الاعتبار الاستغاثات الاجتماعية والتقاطع فيما بين برامج التنمية المتنوعة.. والي الجهة، استعرض المقاربة الإستراتيجية، في لقاء تواصلي، مساء أول أمس الاثنين، عبر تحديد للموارد، وتحديد للأهداف انطلاقا من تشخيص دقيق، وحرص شديد على تنفيذ المشاريع وتعزيز التغييرات. انطلق الوالي الجديد، في استعراض مقاربة تشاركية، تبدأ بالإصغاء وتمر بالتشاور وتنتهي بالتركيب، عبر تحديد مواطن القوة وتحديد الرهانات الكبرى، وكذا المحاور والأهداف الإستراتيجية، وذلك من خلال حشد صناع القرار وإشراك الفاعلين الترابيين، قصد عرض الرؤية للحصول على الدعم والتمويل. ولم يمر الوالي سفير، دون تحديد الفاعلين المسؤولين في عملية التنمية، إذ اعتبر الحاكم الجديد للدار البيضاء أن الإعلام والجامعة والمجتمع المدني فاعلون أسياسيون في أي عملية تنموية للعاصمة الاقتصادية. ووقف سفير في حديثه، عند مواطن قوة العاصمة، ولخصها في كونها مركزا ماليا وضريبيا وقطبا مهما للتجارة والخدمات وللتشغيل، واعتبرها محورا رئيسيا لحركة المرور والنقل العمومي والسككي، وقطب جذب سياحي، ورياضي وترفيهي. من أجل مدينة، تماثل برشلونة، وتقترب من بيلباو، وتحاكي كيبك، رفع الوالي الجديد التحدي، لمواجهة العشوائيات، ومدن الصفيح، والتصدي للاقتصاد غير المهيكل، والتدهور البيئي. من أجل مدينة، تضاهي حواضر العالم، لا بد من إيجاد حلول ذكية لمواجهة مشكل ندرة الأراضي وتقسيم المناطق، لا بد من خلق الشعور بعدم الإقصاء والتهميش لدى ساكنة العاصمة الاقتصادية، لا محيد عن رفع نسبة التصويت إلى مستويات محترمة للقطع مع سماسرة الانتخابات، وإنتاج نخب قادرة على صناعة الأفكار. الوالي الجديد، لفت الانتباه إلى تدهور قيم المواطنة في المجتمع البيضاوي، وتغليب المصلحة الشخصية، ما يفضي إلى عدم المساواة وانعدام الأمن، وتفشي البطالة. للإعلام والصحافة نصيب من عرض الوالي، حيث وقف سفير عند دورها، وحدده في الإخبار والتعميم والتوعية وكذا المراقبة، بالإضافة إلى التواصل والمشاركة والحث على الانخراط، عبر إشراك الجميع في النقاش. مدينة يطيب فيها العيش، أو من أجل أن يطيب فيها العيش، رفع الوالي الجديد، التحدي، وأقر بالصعوبات، ورسم الإمكانات، ووسع دائرة الفاعلين، وطرح مقاربة استراتيجية، تنبني على تجارب دولية، ونظريات عالمية، وحدد المتدخلين والأدوار. ومن أقوى فقرات التصور العملي الجديد للوالي الجديد، تحديده لثمانية عناصر أساسية لنجاح ما أسماه «مقاربة سيرورة التغيير»، والتي استوحاها من أطروحات أستاذ المانجمنت الأمريكي «جون. ب. كوتر»، وهي: خلق شعور بالاستعجالية (خطاب صاحب الجلالة 11 أكتوبر 2013) القيادة: إعداد فريق لقيادة المشروع وضع الرؤية الاستراتيجية (القطب المالي الدولي كما جاء في الخطاب الملكي المذكور) التواصل حول الرؤية، المشاركة والالتزام (إعطاء القدوة) إطلاق السيرورة (إزالة «العقبات»، تغيير الأنساق، والجرأة المحسوبة) تحقيق إنجازات سريعة، (بما يعطي الانطباع الحقيقي للمواطنين بأن ثمة عمل ما يتم القيام به وتحقيقه بالملموس). تعزيز المسار (التنظيم والأنساق والموارد البشرية) مأسسة إعادة النظر والمساءلة والبحث عن الأداء والإنجاز. ولم يخل عرض الوالي من إشارات نقدية وأسئلة مؤرقة من قبيل: ما هي بالفعل طموحات الدارالبيضاء؟ وما موقع المدينة في مغرب 2020؟ وما هي الفرص والقطاعات المتاحة؟ وما السبيل لتصالح البيضاويين مع مدينتهم؟ ومع أنفسهم؟ ومع خدماتهم ومرافقهم العامة؟ ولكي يطيب العيش في مدينة الدارالبيضاء، يقول المسؤول الأول عن المدينة، لابد أن تتحول إلى «مدينة جميلة، أقل تلوثا، أكثر اخضرارا ونشاطا، حيث يمكن التنقل دون إجهاد، حيث جميع الخدمات والمرافق العامة في المتناول..»