تعتبر بعض المواقف أو القرارات بمثابة حالة شرود حقيقية عما يشهده بلدنا وما يتطلع إليه شعبنا، كما أنها توجه ضربة موجعة لصورة بلادنا ولآمال شعبنا، وتكشف عن وجود من يتربص بهذا البلد وأهله الطيبين، ولا يتردد في إشغالنا جميعا بقضايا متخلفة. ما معنى الإقدام على اعتقال فتيان في الناظور لأن شابا تبادل مع زميلته قبلة في باب مؤسستهم التعليمية وصديق لهما صورهما وعمم الصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ ليس للقرار أي معنى، سوى أنه مخجل فعلا، ومسيء لبلادنا وشعبنا ولتطلعنا الديمقراطي. وحتى عندما قرر قاضي الأحداث لدى ابتدائية الناظور الإفراج عن القاصرين الثلاثة، وتسليمهم إلى أولياء أمورهم، فإنه لم ينس التشديد على أنهم سيمثلون في أولى جلسات القضاء، خلال الأسبوع الجاري، أي أن التفاهة لازالت مستمرة، وعجلة العبث لم تتوقف عن الدوران. ما هي رسالة قضاة الناظور من وراء هذه الخطوة؟ إنها السخرية منا جميعا، ومن حلمنا الديمقراطي، ومن عقولنا... في زمن التواصل والأنترنيت وملايين المواقع الإلكترونية، لا يتردد البعض في مسح كل هذه التغيرات الجارية، والحرص على جر شبابنا بسلاسل ثقيلة إلى الخلف في لعبة سيزيفية بلا طائل. إنهم فتيان يعيشون عصرهم، ولم يخطر في بالهم سوى أنهم يمارسون سلاما وتحية عاديين بين الأصدقاء، وعندما يسارع البعض إلى اعتقالهم جراء ذلك، فهذا يعني رميهم في سجن وحرمانهم من المدرسة ومن الحرية وهز نفسياتهم، وتشويه صورتهم في محيطهم الشاب ووسط أسرهم، وبالتالي الحكم عليهم بالضياع بسبب... قبلة. لم يقبل المغاربة يوما أن يتدخل أي كان في تفاصيل حياتهم الشخصية وفي شكل لباسهم وسلوكهم، فكيف يستغل البعض اليوم القانون لممارسة هذه الرقابة الفجة والتافهة والمرفوضة؟ من جهة ثانية، يستغرب المرء اليوم، كيف أننا ننسى كل القضايا والملفات المطروحة على بلادنا وشعبنا، ونعتبر كل ذلك بلا أهمية، ونركز الاهتمام على... قبلة، فهل في السلوك طبيعة باتولوجية يجب اليوم تحليلها ودراستها من لدن المختصين؟ إننا عندما نعلن هنا وضوحا وجهارا وقوفنا إلى جانب فتيان الناظور وأسرهم، ونطالب بوقف المتابعة برمتها، وإنهاء هذا العبث، فلأننا ندافع عن حق بلادنا وشعبنا في الحرية، وأيضا عن واجبنا كلنا في الانكباب على التحديات الحقيقية المطروحة علينا اليوم، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا وثقافيا، بدل لعبة الإلهاء بالتافه من الأمور في كل مرة، وتحريف النظر. الأطفال الثلاثة مكانهم الطبيعي في المدرسة وليس في ردهات المحكمة، ومن حقهم أن يعيشوا زمنهم بكامل حريتهم، كما من حق شعبنا أن يعيش حريته بلا رقابة متخلفة على الحياة الخاصة للناس. أوقفوا هذه التفاهة فورا. إنها إساءة لنا كلنا ولبلادنا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته