نماذج ناجحة لرياضيين حافظوا على نجوميتهم حتى بعد الاعتزال... رياضيون أبطال كثر مروا على الرياضة الوطنية، وحققوا إنجازات رائعة أعلت راية المغرب في المحافل القارية الدولية، لكن قليل من نجح في الحفاظ على بريق اسمه وتحقيق إنجازات بعد الاعتزال، في وقت انصاع الكثيرون للأمر الواقع واختاروا العيش خلف الظل. عزيز بودربالة ونوال المتوكل وبادو الزاكي ونزهة بيدوان، مصطفى الحداوي وغيرهم... نماذج حية لرياضيين واصلوا تأقلهم حتى بعد انتهاء مشوارهم الرياضي، فمنهم من قرر اقتحام عوالم أخرى كالفن والإشهار، وآخرون تسلقوا المجد في أقوى المؤسسات الرياضية دوليا، أو انكبوا على العمل الجمعوي، أو اختاروا البقاء رياضتهم من بوابة التدريب أو التكوين. وبمناسبة شهر رمضان الفضيل، اختارت «بيان اليوم» أن تستعرض نماذج أبرز الرياضيين الذين نجحوا في المحافظة على مسارهم الناجح، مبرزة التحول الإيجابي لهم، وكيف تمكنوا من الحضور بقوة في الحياة العملية، وأبوا ان يجعلوا الاعتزال نقطة سلبية تقبر بذلك ما أنجزوه من مجد رياضي. عزيز بودربالة: لاعب فنان اقتحم عالمي التمثيل والإشهار بنجاح... (2/ 2) خلال تجربته الاحترافية بأوروبا، أطلقت الصحافة الفرنسية على عزيز بودربالة لقب «الفنان» (l'artiste)، بنى لنفسه اسما خارج عالم الكرة، وفرض نفسه في مجالات متعددة غير الرياضة، وبذلك جسد بودربالة نموذجا للرياضي الناجح الذي يأبى أن يعتزل العالم عقب اعتزاله للعبة مارسها لسنوات. يتحدث بودربالة عن شخصه قائلا «أنا إنسان يصيبني الملل بسرعة وأكره الروتين وأن أقوم بنفس العمل يوميا. وأنا لا أفكر في النواحي المادية، بل ما يهمني هو راحة البال وأسرتي التي يجب أن أوفر لها كل شيء». ويضبف عزيز «أنا متيقن بما أقوم به، لذا أقوم بأشياء تسعدني وتسعدني الآخرين. فكل إنسان لديه أهداف في الحياة، وأنا أبحث عن السعادة. أعمالي الشخصية لا تتعارض مع أهدافي في الحياة». وكأي لاعب محترف، كان من الضروري أن يؤمن بودربالة لنفسه وأسرته مشاريع تضمن له حياة كريمة بعد تركه ممارسة كرة القدم، ومن حسن حظه أنه كان ذكيا واستفاد كثيرا من تجاربه بسويسرا وفرنسا، وانعكس هذا الأمر على حياته العملية بعد الاعتزال إيجابيا، حيث زواج بين ثقافة أوروبية عملية وبين ثقافته المغربية الأصيلة. عمل عزيز بعدها على مشاريع خاصة، بيد أن ارتباطه ظل وثيقا بكرة القدم، حيث نال دبلوم التدريب العالي بسويسرا، وهو ما فتح له باب العمل مساعدا لأحد رفاق الدرب والإطار الوطني بادو الزاكي عندما تولى الأخير تدريب المنتخب الوطني سنة 2005، ثم عمل مساعدا للمدرب السويسري روسلي بالعربي القطري لكن ذلك لم يطل، وبعد هذا سيقرر بودربالة العودة إلى بيته ليتولى منصب المدير التقني بالوداد في تجربة جد قصيرة. ارتبط بودربالة أيضا بعالم الفن، فهو أصلا عاشق للموسيقى، وفي طفولته كانت له قصة حب وغرام مع العود، ودرس الموسيقى بالمعهد الموسيقي بالدار البيضاء، وكان مشروع موسيقي ناجح، لكن الأقدار شاءت أن يحترف الكرة ويصبح لاعبا ناجحا، حيث ولج الساحرة المستديرة مصادفة، وما كان منها إلى كافأته بأن جعلته واحد من أساطير الكرة المغربية. وعن ذلك، يقول بودربالة «التمثيل أمر لم يكن مبرمجا لدي، لقد خضت تجربة التمثيل في سلسلة (الفرقة) وفيلم آخر. لقد عرض علي 3 أو 6 أعمال، لكني رفضت. وكان آخرها عرضا لشهر رمضان الجاري، حيث يبحثون عن اسم رياضي معروف، ولكن رفضت كما قلت، لأن التمثيل ليس هدفي ومبتغاي». عقب الاعتزال، تفرغ بودربالة لأعماله الحرة، لكن فرصة العودة إلى عالم الفن أتيحت له من بوابة التمثيل، وبالصدفة أيضا، وكان أول ظهور له على الشاشة أمام في سلسلة «الفرقة»، ما فتح أبوابا أخرى حيث تلقى عروض تمثيل في أفلام ومسلسلات، ولم يكتف عزيز بهذا إذ زاحم الممثلين والفنانين في عالم الإشهار، وبات وجها إشهاريا تتهافت عليه الشركات للترويج لمنتوجاتها، ليكون فعلا نموذجا يحتذى عن التحول الإيجابي. وعن تجربة الإشهار، يقول بودربالة «صحيح أن أصحاب الإشهار بدؤوا البحث عني، ومجموعة من البرامج تطلب ودي. اسمي بات مطلوبا من المستشهرين. وليس عيبا أن تكون للمرء مشاريع خاصة أو أقتحم مجالات أخرى غير الكرة.» عزيز معروف أيضا بمساهمته في الأنشطة الخيرية ومساعدة الجمعيات الاجتماعية، وعن هذا يتحدث «صراحة وجدت نفسي في دوامة العمل الجمعوي بالصدفة، لكن رغم ذلك، فقد أعجبني هذا المجال. كل هذا مكنني من التعرف على أناس كثر، وأيضا تعلم الكثير من الأشياء في هذه الحياة. وبات لدي تواصل مع الجميع خاصة الشباب بجميع مناطق المغرب، وبدأت ألقي محاظرات بالكليات والمدارس، واسمي لمع أكثر».