اللعب باللغة واستدعاء اللفظة المناسبة سرعان ما تتقدم الأعوام، لقد مر على أول لقاء لي مع الأستاذ أحمد بوزفور (عن قرب) ثلاثين سنة، كان ذلك حين حضرت ملتقى خاص بالقصة القصيرة المغربية، وكنت وقتها طالبا في كلية الآداب، وقد سبق لي أن قرأت له، وقتئذ، العديد من النصوص القصصية، خصوصا تلك التي كانت تنشر في مجلة أفاق التي كان يديرها احمد اليابوري وهي مجلة دورية يصدرها آنذاك اتحاد كتاب المغرب. لقد قرأنا له واستمعنا إليه محاورا أو محاضراً أو محدثا، وقد بدا لنا منذ البداية رجلاً هادئا، جادا،ً رصيناً، طموحاً، منظّماً، لطيفاً، وغزير النشاط إبداعا وفكرا وثقافة، سلوكه لم يتغير منذ ذلك الحين، واكتشفنا أن لديه ميلاً كبيرا إلى القراءة والكتابة. فلا ترى سي احمد إلا ويتأبط كتابا أو مجلة أو يحمل محفظة. والمولوع بقصص أحمد بوزفور يلمس ميله إلى البساطة والوضوح والمقاصد النبيلة والعبر الخاصة، مخاطبا فئة معينة من القراء، يذوب الخيالي بالواقعي والأسطوري الخرافي، واللعب باللغة كيف يشاء دون عناء في سرعة استحضار واستدعاء اللفظة المناسبة، ومزاوجتها بالدلالة المناسبة. والأمر اللافت للنظر هو اشتغاله في قصصه على (الأنثى) الخرافية ذات اللون الأسود ‹‹ الغولة ›› أو ‹‹ الجنية ››، حيث يقوم القارئ بالارتداد الى عهد الطفولة التي كنا خلال سنواتها نستمتع بالحكايات الشعبية التي كانت ترويها الجدة أو الأم قبيل النوم. ولم يكن مهتماً إلا بالتعبير عن إبداعه الشخصي غير مكترث لصخب الدعاية او شيء من هذا القبيل، فهو متعدد الجوانب الثقافية من سرد وشعر ونقد ... الأستاذ بوزفور، سفر طويل من العمل الإبداعي والفكري، ومسيرة من العطاء الثقافي والإبداع الأدبي، سفر زاده الصدق، ومسيرة خُطاها الجهد النقيُّ، وهو خلال هذا السفر، وهذه المسيرة يعرف كيف يوازن بين رصانة الأستاذ الجامعي وبراعة المبدع ودقّة القارئ الهادئ . نجده في الوقت نفسه متمكناً من خيوط العمل الإبداعي، يحركها ببراعة واقتدار، ونراه يواكب النبض المتطور في سياق كتابة الشعر، والقصة القصيرة. ناقد مغربي