قال عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أحمد بوكوس مساء الأربعاء الماضي بالرباط٬ إن المغرب حقق تقدما ملموسا في مجال ترسيخ التعدد الثقافي واللغوي باعتباره رافعة لتعميق الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي. وأضاف بوكوس٬ في كلمة خلال ندوة نظمها المعهد حول موضوع «التنوع الثقافي واللغوي»٬ أن المغرب تبنى٬ من خلال دستوره الجديد٬ سياسة لغوية وثقافية جديدة تنص على التعددية الثقافية واللغوية كإحدى مقومات هويته الوطنية التي تنصهر فيها العربية والأمازيغية والحسانية٬ والروافد الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية. وبعد أن أشار بوكوس إلى أنه علاوة على اعتماد الدستور اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية والاهتمام باللغات الأجنبية باعتبارها وسائل للتواصل والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة والانفتاح على مختلف الثقافات وحضارة العصر٬ توقف عند التراكمات التي تم تحقيقها خلال العقد الأخير من أجل تفعيل هذا البعد التعددي على المستوى التعليمي والثقافي وكذا الأوراش والبرامج التي أنجزها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من أجل النهوض بهذه اللغة وتعزيز حضورها. وذكَّر عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالخطب الملكية التي أكدت على ترسيخ توجه المغرب في هذا المجال من أجل رد الاعتبار للغة الأمازيغية وصولا إلى دسترتها باعتبارها لغة رسمية للمغرب٬ ورصيدا لجميع المغاربة٬ وكذا النص على تفعيل ترسيمها ضمن مسار متدرج يحدد كيفيات إدماجها في التعليم٬ وفي القطاعات ذات الأولوية في الحياة العامة. وشدد مدير المعهد خلال هذه الندوة٬ التي نظمت بمناسبة اليوم العالمي للتعدد الثقافي واللغوي٬ على العلاقة العضوية بين الثقافة والتنمية بالنظر إلى أن الثقافة في غناها وتعددها تشكل قيمة جوهرية لتحقيق التنمية ومحركا لعجلة النمو الاقتصادي والتنمية الفكرية والروحية٬ داعيا إلى أن تضطلع الثقافة بدور أساسي في تنمية الجماعات التي تبدعها٬ وذلك من خلال جعل هذه الثقافة تسهم في إرساء شروط ومقومات التنمية والتقليص من حدة الهشاشة والفقر. واستعرض بوكوس توجهات منظمة اليونسكو الحالية في مجال تعزيز التعدد الثقافي واللغوي باعتباره «تراثا إنسانيا مشتركا»٬ وبالنظر للدور الرئيسي الذي تضطلع به الثقافات في تحقيق التنمية٬ وكونها ضامنة للتنوع الثقافي والحوار بين هذه الثقافات٬ ووسيلة لتعزيز التعاون والحفاظ على التراث الثقافي. وأكد عدد من المتدخلين٬ في مداخلات تمحورت٬ على الخصوص٬ حول معالم التجربة المغربية في مجال التعدد الثقافي واللغوي من خلال محطات تاريخية وحقول معرفية وثقافية متنوعة٬ على مضاعفة الجهود في إطار استراتيجية إعلامية وطنية لتقوية هذا التعدد الثقافي والإعلامي واللغوي٬ خصوصا على المستوى التربوي بإدراج هذا التنوع اللغوي في المنظومة التربوية٬ أو على المستوى الإعلامي من خلال إدماج اللغة الأمازيغية في البرامج الإعلامية وتأسيس القناة الأمازيغية وغيرها من الأوراش ذات الصلة. وأبرزوا في هذا المجال أن هذه التنمية الثقافية أسهمت٬ من خلال تعزيز الحضور الملموس للغة الأمازيغية٬ في تطوير المجال الثقافي والمعرفي الوطني٬ خصوصا ما يتعلق بالتطور الملحوظ للأدب المغربي المكتوب بالأمازيغية٬ والمكانة التي أصبحت تحتلها هذه اللغة على مستوى النشر والتدوين والمشاركة في الملتقيات والبحث الجامعي والتداول الجمالي.