نظرات على طنجة يحتضن رواق محمد الفاسي ابتداء من من 02 إلى غاية 21 ماي الجاري معرضا فوتوغرافيا للفنان رشيد الوطاسي تحت عنوان: «نظرات على طنجة»، من تنظيم وزارة الثقافة والجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي. المعرض هو فرصة للمشاهد لاكتشاف عمل فوتوغرافي أصيل يمثل بفنية رهيفة جزء من تفاصيل الحياة اليومية لساكنة مدينة طنجة. لكن هذه المرة بنظر مختلف على الصور النمطية التي أنتجتها الفوتوغرافيا التقليدية عن هذه المدينة وأيضا بمنظورات وفية للمقاربة الفوتوغرافية التي عوَّدتنا عليها كاميرا هذا الفنان المتألق. وفي تقديمه لهذا المعرض تحت عنوان « الوطاسي وعبق طنجة»، أشار الأستاذ الباحث في الفوتوغرافيا الصحافية ورئيس الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي جعفر عقيل أن «فوتوغرافيات رشيد الوطاسي تنتمي إلى التجارب الفوتوغرافية المغربية التي تشتغل برؤية معاصرة على تفاصيل اليومي المغربي والطنجاوي تحديدا. فالمتتبع لمسار تجربته، سواء من خلال مختلف المعارض التي أقامها داخل المغرب أو خارجه والكتب والكاتالوغات التي نشرها، يلمس في أعماله هذا الانشغال والقلق والاحتفاء بالمجتمع الطنجاوي في تحولاته وتطوراته وهجانته. فمدينة طنجة تطبع بقوة فوتوغرافيات روبورطاجاته : فهي تارة تُمثَّلُ من خلال نسائها ورجالاتها في الفكر والثقافة أو البسطاء منهم، وتارة أخرى من خلال حيوات شواطئها وأسواقها، وأحيانا أخرى من خلال تاريخ أحيائها وأسوارها وفضاءاتها العمومية، مركزا في ذلك على أشكال وصيغ بصرية متعددة». ويضيف عقيل في هذه الكلمة التقديمية «إن فوتوغرافيات معرضه نظرات على طنجة، تتقاطع هي الأخرى مع المقاربات السابقة ومع أسلوبها في رؤية الأشياء. لكن هذه المرة باستعمالها لسياقات مغايرة، تجعل المشاهد يكتشف الفضاءات العمومية لمدينة طنجة بتقطيعات ولغات وتمثيلات بصرية جديدة، وأيضا بنظرة عين حاذقة وأسلوب فني رهيف. فطنجةالمدينة السياحية والأسطورة تحضر هنا - في أعماله - ببساطتها وبراءتها. فالصخب البصري والكليشيهات اللذان ما فتئت تروج لهما الكتب السياحية ومختلف النظرات الغيرية عن طنجة غائبان في صور الوطاسي. إن انشغاله الأول والأخير هو تمثيل طنجة في عذريتها وبهائها وصفائها. وهذا ما يفسر فعل انتقائه واختياره، وبطريقة مفكر فيها، للقطات تحتفي بطنجة في تعددها وحميميتها. ففوتوغرافياته تنقل حالات تبرزها صورٌ تنشد الطفولة في لحظات مرحها وانتشائها، وتارة تعكس شذرات تجسد وضعيات أناس في توحد وزهد خاصين مع البحر، وتارة أخرى تظهر واقعات تمثل أمكنة وفضاءات عمومية بارزة بالمدينة، وقد أضفى عليها وجود الساكنة وحضورهم مسحة فنية وجمالية. وكأن الوطاسي باختياره لزاوية المعالجة هذه، يحاول أن يدعونا للتأمل في طنجة التي يحلم بها أو يتخيلها أو فقط صورة المدينة التي يحملها في ذاكرته وتبصم متخيله. أي طنجة التي وشمت جسده منذ أن وطأت قدماه أرضها لأول مرة إلى أن أصبح شابا مغرما وعاشقا لها حتى الجنون. إن فوتوغرافيات الوطاسي بقدر ما تنقل لنا أحاسيسه ورغباته وحبه ومعرفته الحميمية لهذه المدينة، بقدر ما تحدثنا عن حسرته على الوضع الذي آلت إليه اليوم بعض أمكنتها الرمزية. وهذا ليس بالغريب على رشيد الوطاسي الذي تشبع بعبق المدينة وروائحها وألوانها منذ سنين طوال».