يحتضن رواق محمد الفاسيبالرباط من 4 إلى غاية 19 فبراير الجاري، معرضا فوتوغرافيا جماعيا يحمل شعار "تقاطعات"، من تنظيم وزارة الثقافة بتعاون مع الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي. من أعمال رشيد الوطاسي ويشارك في هذا المعرض الجماعي، الذي كان سيشارك به المغرب في معرض فني كبير بدكار فتعذر الأمر بسبب بعض الإجراءات، كل من الفنانين الفوتوغرافيين المغاربة: التهامي بنكيران (فاس)، رشيد الوطاسي (طنجة)، محمد مالي (الدارالبيضاء)، حسن نديم (مراكش)، جعفر عاقيل (الرباط). وفي تصريح ل"المغربية" ذكر جعفر عاقيل، رئيس الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، أن الأعمال التي ستقدم في هذا المعرض، تتمحور كلها حول المدينة، أو اليومي في خمس مدن مغربية، إذ يقدم كل فنان صورا عن مدينته، باستثناء البعض، الذي يقدم مدينتين، من خلال تقاطعات ورؤى مختلفة عن المعيش اليومي، وعن الشأن الاجتماعي بشكل عام، الذي من المفروض أن ينخرط فيه الفن الفوتوغرافي، شأنه شأن الفنون الأخرى، التي يجب أن تخدم التنمية المجتمعية. وأضاف عاقيل أن الفنان الفوتوغرافي اليوم بالمغرب، ملزم بالانخراط في المجتمع وفي قضاياه، مثله مثل المبدع، الذي تراجع بشكل كبير في الاهتمام باليومي، وتخلى عن إضافة قيم جديدة، يستضاء بنورها في وقت العتمة. وأشار إلى أن هذا المعرض دعوة إلى الاهتمام بالجوانب الأخرى في المجتمع، ودعوة إلى التزام الفوتوغرافيا بالمدينة، وإسهامها في التنمية وفي النقاش الدائر في المجتمع، وهي الرسالة، التي يجب أن يحملها جميع المبدعين. وفي تقديمه لهذا المعرض ذكر عاقيل أن الفوتوغرافيا المغربية عرفت في العشرية الأخيرة، مخاضا حقيقيا إن على مستوى البحث في الأشكال وتوظيف الأسناد، وإثارة القضايا، وانتقاء الموضوعات، وتنويع فضاءات العرض، أو على مستوى الانفتاح على سوق الفن. هذه الدينامية جعلتها تحقق وضعا خاصا في المشهدين الثقافي والفني بالمغرب، وتخترق بعض المحافل الدولية. كما، أسهمت رياح التحولات، التي مست مختلف بنيات ومؤسسات المجتمع المغربي في إعطاء الفوتوغرافيا حضورا قويا، وبشكل تصاعدي، في وسائط تواصلية متعددة كالصحافة والموضة والإشهار،...الخ. وأضاف أن "صور معرض "تقاطعات" تندرج بدورها في هذه الصيرورة من خلال القضايا الجمالية والفكرية، التي تثيرها، والتمثيلات التي تجسدها والحساسيات التي تعبر عنها". وقال إن المشاركين في هذا المعرض منخرطون، وبنسب متفاوتة، في هذا البزوغ استنادا إلى مقارباتهم الفنية، أي إلى مجموع الموضوعات المختارة، وزوايا النظر المستعملة، والرؤى المقترحة في قالب روبورطاج بمنظور تعبيري وتشكيلي، وليس من منظور توثيقي، ذلك أن العارضين يسكنهم هاجس واحد، هو كيفية التعبير بصريا عن تفاصيل اليومي بالتعالي عن مفهوم المثيل simulacre le، وبمعنى آخر، كيف لنا أن نعبر عن هواجسنا دون السقوط في فكرة النسخة ؟ ومن ثمة، ليس من باب المصادفة، أن يشتغلوا حول فضاء المدينة بتعدده وكثافته وتلويناته في منتجاتهم فقط، لأنهم يدركون تمام الإدراك جسامة المهمات التقنية والجمالية والأخلاقية، التي يتميز بها وسيط الفوتوغرافيا، ويمتلكون الوعي بالقيمة الإضافية التي يمكن أن تضيفها أعمالهم لنظام القيم والسلوكات والعلاقات الموجودة في المجتمع، ومؤمنون بكون رسالتهم تتلخص في مساءلة وتفكيك وإعادة بناء العالم المحيط بهم تصويريا. فمن خلال صور مدينة طنجة لرشيد الوطاسي، وفاس للتهامي بنكيران، وفكيك والدارالبيضاء لمحمد مالي، ومراكش لحسن نديم، ومكناس والرباط لجعفر عاقيل، ينقل هؤلاء الفنانين الجمهور، في رحلة تأملية لفضاءات تلك المدن، ويحاولون القبض على لحظات عيش بها، فيها الكثير من التساؤل والآمال.