مازالت ارتدادات «الفتوى» الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى بتطبيق حد القتل على كل مسلم غير دينه، وكذا دعوات التحريض الصادرة عن بعض من رموز السلفية ضد الناشط الأمازيغي أحمد عصيد، تتفاعل على الساحة الوطنية، إذ عبرت مجموعة من هيئات حقوق الإنسان ممثلة في المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، والائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، عن قلقها البالغ اتجاه تنامي هذه الدعوات التكفيرية والتحريضية على القتل والكراهية. المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف الذي أدان بشدة، في بيان أصدره باسم مكتبه التنفيذي، «الفتاوى» الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى بشأن حرية المعتقد، وتلك الصادرة عن الكتاني ومن معه ضد أحمد عصيد، وقبله المختار الغزيوي، وجميع الفتاوى المصادرة للحقوق والحريات، اعتبر أن تنامي هذه الفتاوى المناقضة لما نص عليه دستور 2011 في باب الحريات والحاطة بالكرامة والمستبطنة لدعاوي القتل «تماثل، بل هي مستنسخة للسيناريوهات المرعبة التي أدت إلى اغتيال العديد من رجالات الفكر ودعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان وآخرها اغتيال شكري بلعيد بتونس». ودعا المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، في هذا الصدد، رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إلى اتخاذ ما يلزم حماية لأرواح المواطنين المغاربة ولحقهم في التعبير عن آرائهم وصونا لمقتضيات دستور 2011 وللقانون باعتبارهما الأساس الذي يقوم عليه الوطن، داعيا الهيئات الحقوقية والمدنية والديمقراطية إلى التكتل ضد المد المحافظ، المعادي لحقوق الإنسان. وأكد المنتدى أن حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها كونيا، هي اختيار مؤسس لمغرب ما بعد مسلسل تسوية ملفات الانتهاكات الجسيمة وما بعد الحراك الاجتماعي والسياسي وما بعد دستور 2011، مطالبا في هذا الصدد بإعمال هذا الاختيار على الأرض وتوسيع ما تحقق منه باعتباره اختيارا إراديا ملزما للجميع بغض النظر عن الطوارئ الخارجية للبلاد، وبالعمل على ضمان وتوسيع احترام الحق في التعبير وفي التنظيم بجميع أشكالهما، وخاصة الحق في التظاهر السلمي، ورفع جميع القيود عليه، والتعجيل بتنفيذ جميع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وذلك بوضع استراتيجية وطنية للحد من الإفلات من العقاب وإصلاح منظومة العدالة و السياسات الأمنية. كما طالب المنتدى الحكومة بالعمل على مواصلة الانضمام لاتفاقيات القانون الدولي لحقوق الإنسان وملاءمة القانون الوطني مع المقتضيات الدستورية الجديدة ومع قاعدة أولوية القانون الدولي لحقوق الإنسان والاجتهاد في إيجاد صيغة للاعتذار الرسمي والعلني للدولة، واستكمال التحري في الملفات العالقة، واستكمال تمكين كافة الضحايا من إدماج صحي واجتماعي حقيقي يكفل كرامتهم. ومن جانبه اعتبر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان والذي يضم أكثر من 18 هيئة وجمعية الفتوى الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى والتي نشرت ضمن كتاب أصدره تحت عنوان «فتاوى الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء 2004 -2012» بأنها خطيرة بالنظر لما ورد في مضمونها بشأن حرية المعتقد والدين، ذلك إنها تتضمن دعوة صريحة لتطبيق حد القتل على كل مسلم غير دينه. وأبدى الائتلاف قلقا كبيرا أيضا اتجاه التصريحات الأخيرة لحسن الكتانى رئيس جمعية البصيرة للتربية والدعوة، ومحمد بولوز رئيس مكتب جهة الشمال الغربي لحركة التوحيد والإصلاح، المتحاملة على الناشط الأمازيغي أحمد عصيد بسبب آرائه التي عبر عنها خلال الندوة الفكرية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان المنظمة يوم 19 أبريل 2013 بقاعة المهدي بنبركة بالرباط. وأدان الائتلاف الحقوقي بقوة هذه التصريحات الداعية إلى مصادرة الحق في الحياة، والمتعارضة مع الحق في حرية الرأي والتعبير والاعتقاد، ومع الحق في الاختلاف، والتي أكد أنها تعد انتهاكا صارخا لأبسط الحريات الفردية والحقوق الأساسية للإنسان التي ينص عليها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه المغرب. هذا وأطلق الائتلاف نداء وجهه إلى الحركة الحقوقية والديمقراطية المدافعة عن حقوق الإنسان من أجل التعبئة للتصدي للهجوم الذي تتعرض له الحريات الفردية والحقوق الأساسية للإنسان، والعمل من أجل الحفاظ على المكتسبات التي تمت مراكمتها على امتداد العقود الماضية بتضحيات جسيمة.