رشيد روكبان... النقاش خارج البرلمان تقوده قوى ترفض تنزيل الدستور وتقاوم للحفاظ على امتيازاتها ومصالحها احتضن المقر الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بمراكش اجتماعا تحضيريا لدورة اللجنة المركزية للحزب المزمع عقدها يوم 13 أبريل القادم. واتسم اللقاء بحضور جل أعضاء اللجنة المركزية للحزب بجهة مراكش تانسيفت الحوز وإلى جانبهم كتاب الفروع الإقليمية والمحلية وعدد من المناضلات والمناضلين. ترأس الجمع البرفسور الحسين الوردي عضو الديوان السياسي للحزب ومعه في الوفد الرفيقة ثورية الصقلي ورشيد ركبان وعبد الصمد الزمزمي والحسين بلكطو وقام محمد العمراني أمين بإدارة النقاش الذي كان غنيا ومتعدد الأبعاد والمرامي، سواء بخصوص سياق المسؤوليات التي يتحملها حزبنا ضمن الحكومة الحالية أو من جانب آخر ما يهم حياة الحزب ووضعه التنظيمي بهذه الجهة وضرورة الانكباب لمعالجة هذا الوضع. فأمام أربعين مناضلة ومناضلا أوضح الرفيق الوردي بداية، أن هذا الاجتماع يأتي في نطاق التحضير لاجتماع اللجنة المركزية للحزب. وأن النقاش يأتي لإغناء التقرير الذي سيتقدم به الأمين العام للحزب باسم الديوان السياسي وهو نقاش يأتي في سياق أزمة مالية يعيشها العالم وخاصة منه القارة الأوروبية وانعكاس آثارها على بلادنا. وفي سياق ثان هناك الأزمة الجهوية التي ضغطت على أوضاع الجيران وخاصة منهم تونس ومصر ومالي وغيرها بما يهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة ككل ويؤثر على الوضع في منطقة الساحل التي تتغذى من فلول ارهابيين تصدرهم تندوف ما يستدعي حلا سريعا للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية عبر تفعيل مقترح الحكم الذاتي لبلوغ حل شامل نهائي لها. أما السياق الثالث فهو ذو طابع سياسي تشتهده بلادنا ويتسم بحسابات سياسوية ضيقة يعبر عنه نقاش يجري بين من يريد ترسيخ الممارسة الديمقراطية ومحاربة الفساد والتفعيل الأمثل لمقتضيات الدستور الجديد وبين من يود أن يواصل التحكم، تكشف عنه الحسابات الضيقة ضد الحكومة. وبخصوص نفس الموضوع أوضح رشيد ركبان عضو المكتب السياسي أن هذه اللقاءات الجمعوية تنبني على مقاربة تعمل على تجاوز الإشكالات التنظيمية خاصة في مجال تدبير وقت اجتماع اللجنة المركزية مضيفا أن الآراء المعبر عنها سيتم أخذها بعين الاعتبار لبلورة الخطوط العريضة لسياسة الحزب. وأضاف أن السياق اليوم يطبعه تأثر بلادنا بتداعيات الأزمة المالية العالمية ويحيل الحاضرين على ما قدمه الرفيقان عبد السلام الصديقي وعبد الأحد الفاسي من آراء ومقترحات بهذا الخصوص. وأضاف روكبان أن المغاربة أصبحوا، أكثر من أي وقت سابق، يتتبعون ما يجري في بلادهم ويلاحظون أن الصراع اليوم يجري بين قوى تحمل هم الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد وقوى تعمل على الحفاظ على الامتيازات والمصالح، بين قوى تعمل على تفعيل مقتضيات الدستور تفعيلا سليما وقوى تريد أن تفتح النقاش خارج البرلمان. مثال ذلك أن الحكومة هيأت المخطط التشريعي وقدمته للبرلمان فقامت هذه الجمعيات برفض هذه المنهجية. هذا هو الجانب الثاني للصراع، صراع بين قوى تشريعية تحاول إنجاح التجربة الحكومية لأن في ذلك نجاحا للبلاد وفي هذا الإطار نصبت بعض الجهات نفسها عنوة لتعطي الشواهد لاستحقاق الانتماء إلى صف اليسار والصف الحداثي. ويضيف ركبان، بالأمس القريب هذه القوى كانت من أشد معارضي – ما سموه «الوافد الجديد» وكانت تقول بإمكان التحالف مع العدالة والنتيجة. واليوم أصبحوا أشد خصوم هذا الحزب. نفس الأمر بالنسبة لموضوع الكتلة التي تجاهلوها وغضوا الطرف عنها، واليوم انقلبوا للمطالبة بإحيائها. إن حزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة يسعى لإنجاح هذه التجربة وفي نفس السياق،يقول روكبان متحدثا عن العمل المطلوب لإنجاح التجربة الحكومية ضاربا مثلا بالرفيق الحسين الوردي وزير الصحة العمومية الذي استطاع أن يقنع المواطنين ويحظى برضاهم من خلال مجهوده الدؤوب للنهوض بقطاع الصحة العمومية رغم كل الاكراهات، رافضا الشعبوية والهروب إلى الأمام. وفي ختام كلمته هاته ركز الرفيق ركبان على الأهمية القصوى التي يكتسيها ورش الاهتمام بتنظيمات الحزب لذا فإن الواجب، يقول المتحدث، يقتضي مراجعة العديد من الإجراءات التي تم العمل بها في هذا الموضوع ومنها مسألة عقد البرنامج. وخلال النقاش الذي استمر حوالي ثلاث ساعات من صبيحة السبت 6-4-2013 تمكن كل المتدخلين من بسط وتقديم قراءاتهم لتجربة ومساهمة حزب التقدم والاشتراكية الوازنة ضمن الفريق الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية. وسواء تعلق الأمر بالمقاربات التي تروم نقد هذه المساهمة أو تلك التي تهدف إلى إفسادها وتركز على الخدمة الجليلة التي يقدمها الحزب للنهوض بأوضاع البلاد وانقاذها في هذا الظرف الدقيق بالذات، فإن الأفكار المعبرة عنها اتسمت بالرغبة العميقة والغيرة الصادقة الهادفة إلى تطوير ونصرة حزبنا، والتأكيد على هويته الوطنية التقدمية، والدفاع عن تماسكه ووحدته. ولعل النموذج الذي يقدمه رفيقنا الحسين الوردي الذي يتحمل مسؤولية قطاع الصحة العمومية رغم جسامة هذه المسؤولية وهولها، ظل ضوءا ساطعا وأمثولة حية تؤكد أن الصبر والتبات والجرأة في معالجة القضايا الكبرى التي تواجه المغرب هي صفات المناضلين التقدميين الأجلاء وكم هو جميل أن تبقى مدرسة حزب التقدم والاشتراكية وستظل منتجة لهذه العينة من المغاربة المناضلين.