النشناش: ثلث المحكومين بمدد طويلة مختلون نفسيا وعقليا أجمع ناشطون حقوقيون ومحامون على أهمية إجراء الخبرة الطبية والنفسية على مرتكبي الجريمة، مؤكدين على أن هذه الخبرة تشكل عامل مساعد للعدالة في إقرار الحق وضمان حقوق المتقاضين. ودعا هؤلاء الحقوقيون في ندوة حول موضوع «المسؤولية الجنائية، الخبرة الطبية والنفسية في المحاكمة العادلة» نظمتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، يوم الجمعة الماضي بالرباط، القضاة إلى الاقتصار على التماس الخبرة التقنية التي يصدرها الأطباء والنفسانيون، وليس إفساح المجال أمامهم ليشمل تحديد المسؤولية الجنائية وبالتالي التدخل في عمل القضاء. وقال محمد النشاش رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إن الدستور الجديد، أقر أن الخبرة الطبية والنفسية هي عامل مساعد للقضاة على إقرار العدالة وضمان حقوق المتقاضين، مشيرا إلى أن الفصل 119 من الدستور ينص على أن كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، كما أن الفصل 120 يشدد على أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وفي حكم يصدر داخل أجل معقول وأن حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم. وأبرز محمد النشناش حجم المصابين باختلالات نفسية داخل السجون المغربية، مؤكدا على أن ما يقارب ثلث المحكومين بمدد طويلة أو المحكوم عليهم بالإعدام يعانون من اختلالات نفسية وعقلية، مشيرا إلى أهمية الدور الذي يضطلع به الطبيب عموما والأخصائي النفسي بصفة خاصة، في مساعدة العدالة وضمان حقوق المتقاضين، بالنظر إلى أن الجرائم المرتكبة قد يكون سببها مجموعة من العوامل الاقتصادية والأسرية وكذا المخدرات والحالة النفسية وبعض الميولات الوراثية. وقال في هذا الصدد «إن الأمم المتطورة اهتمت بالصورة والحالة النفسية لمرتكبي الجرائم الموصوفة» مشددا على ضرورة مساعدة الطبيب المتخصص في الخبرة الطبية للقضاء في شتى مراحل المتابعة الجنائية، من الساعات الأولى لدى الضابطة القضائية مرورا بالاعتقال الاحتياطي إلى جلسات المحاكمة ثم عند الاقتضاء في السجن. وذكر محمد النشناش أن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تنتظر أن تعين اللجنة المستقلة التي سيكون من ضمن صلاحياتها القيام بزيارات لأماكن الاحتجاز للوقاية من التعذيب وضمان احترام حق المعتقلين والمحتجزين. من جانبه، دعا محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى ضرورة تحديد وتدقيق دور الطبيب النفسي والأخصائي النفساني في عملية تشخيص العقوبة، من خلال دراسة شخصية المتهم ومحيطه وظروفه الاجتماعية أثناء ارتكاب الجريمة، وتقدير مسؤوليته الجنائية من أجل مساعدة القاضي في تقدير الأدلة وتحديد العقوبة. وأفاد محمد الصبار أن دراسة أنجزها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول وضعية الطب الشرعي ودور الأطباء وخبراء الطب الشرعي في ضمان المحاكمة العادلة وتبيان العلاقة الوطيدة بين الطب الشرعي والعدالة، سيتم نشر نتائجها في القريب من الأيام. وأوضح الصبار أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال تقريره الأخير حول العدالة والصحة العقلية، كشف عن الوضعية المزرية للمرضى العقليين المعفيين من المسؤولية الجنائية، مسجلا استمرار إيداع مرتكبي الأفعال الجرمية المصابين بمرض نفسي أو عقلي بالمؤسسات السجنية، فضلا عن عدم احتساب مدة العلاج من مدة العقوبة في حالة المسؤولية الجزئية لشخص أودع بمؤسسة علاجية أثناء التحقيق بسبب ارتكابه جريمة.