سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أزيد من ثلث المحكومين بالإعدام داخل السجون يعانون من أمراض نفسية المحامي العام لمحكمة النقض يكشف قصة “قاتلة" حيرت القضاء رغم إجراء ثلاث خبرات طبية عليها
كشف خبراء في مجال الطب النفسي والخبرة الطبية أن أكثر من ثلث المحكومين بالإعدام والمدد الطويلة يعانون اختلالات نفسية، لكنهم يودعون السجن إلى جانب سجناء أسوياء. وأوضح محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في لقاء دراسي حول «المسؤولية الجنائية، خبرة الطب النفسي في المحاكمة العادلة»، صباح أمس في الرباط، أنه «خلال الزيارات التي تم القيام بها إلى السجون لوحظ استمرار إيداع مرتكبي الأفعال الجرمية المصابين بمرض نفسي أو عقلي بالمؤسسات السجنية، إضافة إلى عدم احتساب مدة العلاج من مدة العقوبة في حالة المسؤولية الجزئية لشخص أودع بمؤسسة علاجية أثناء التحقيق معه بسبب جرم ارتكبه». وأكد محمد النشناش، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أن «القضاة يتصرفون بطريقة مختلفة، حسب قناعاتهم، فأحيانا يستأنسون بالخبرة الطبية أو النفسية، وغالبا ما يتجاهلون ذلك»، متسائلا إن كان «مسؤولا جنائيا من يرتكب جريمة ما تحت وطأة المخدرات أو ارتباك نفسي عميق قد يكون مؤقتا». من جهته، سرد المحامي العام لمحكمة النقض، عبد الكافي ورياشي، قصة مثيرة لامرأة حيرت القضاء، بعدما اقترفت جريمة قتل أجير كان يشتغل لديها، لكنها ستخرج حرة طليقة بعد ثلاث خبرات طبية تباينت نتائجها في مختلف مراحل المحاكمة. وكشف ورياشي أنه أثناء التحقيقات الأولية صرحت المتهمة بأنها ارتبطت مع الضحية بعلاقة جنسية غير شرعية، لكنها أحست بخطيئتها فحاولت أن تضع حدا لتلك العلاقة، لكن الشاب كان يستفيد منها ماديا واستمر في مطالبتها بالاستمرار في تلك العلاقة وبدأ يبتزها حسب تصريحاتها، وهناك قررت أن تضع حدا لحياته. بعد ذلك أصدر قاضي التحقيق قرار الإحالة، وأحضرت السيدة من السجن ووجه لها السؤال الأول، غير أنها امتنعت عن الإجابة، فأرجعت إلى السجن على أساس عقد جلسة أخرى، ثم امتنعت في المرة الثانية عن الإجابة عن أسئلة القاضي، وبعدها دفع دفاعها لأول مرة بأنها مختلة عقليا وطالب بعرضها على خبير نفسي، وأدلى بوصفة طبية تعطى لها في السجن. لكن المحكمة ردت الدفع وعللت بأنه تم الدفع به لأول مرة أمامها ولم يثبت أنها كانت تعاني من اختلال عقلي، فحكمت عليها ب25 سنة نافذة، غير أن الدفاع توجه إلى محكمة النقض، التي قضت بنقض هذا القرار بعلة أن القاضي لا يتوفر على المؤهلات العلمية لمعرفة ما إذا كانت السيدة مصابة فعلا بمرض عقلي أم لا. أرجع الملف إلى المحكمة وهناك ستبدأ فصول حكاية مثيرة، فبعدما أمرت المحكمة بإجراء خبرة نفسية على المتهمة، خلصت نتائج الخبرة إلى أنها مصابة فعلا بخلل عقلي أفقدها الإدراك بشكل تام، وأنها ليست مسؤولة جنائيا. وللتأكد من النتائج أمرت المحكمة بإجراء خبرة ثانية على المتهمة، التي كشفت نتائجها أن هذه السيدة لم تعان في يوم من الأيام من أي خلل عقلي. هنا ستقع المحكمة في حيرة كبيرة، وأمرت للمرة الثالثة بإجراء خبرة كشفت أن «القاتلة» مصابة بخلل عقلي فتم وضعها بعد ذلك في مستشفى الأمراض العقلية. لكن المثير في الأمر هو أنه بعد مرور سنتين سيطلب مدير المستشفى من المحكمة إخراج «القاتلة» من المستشفى، فدخل المحامي عبد الكافي ورياشي في دردشة مع المدير، الذي سيصرح له بأن هذه السيدة «لم يكن لديها أي مرض عقلي».