120 لقاء فكريا بمشاركة 400 كاتبا وارتفاع ملموس في عدد الناشرين من 35 دولة اختتمت أمس الأحد فعاليات الدورة التاسعة عشر للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، التي نظمتها وزارة الثقافة في الفترة الممتدة مابين 29 مارس الماضي و7 أبريل الجاري، والتي حملت شعار «لنعش المغرب الثقافي»، وتميزت باختيار ليبيا ضيف الشرف، وبلغ عدد الدول المشاركة ما يفوق أربعين دولة من مختلف القارات، وناهز عدد العارضين 780 عارضا وامتدت مساحته الإجمالية لتبلغ عشرين ألف مترا مربعا. وحفلت هذه الدورة كما هو معهود بلقاءات فكرية وأدبية لامست مختلف القضايا الراهنة، ودعي للمشاركة فيها نخبة من المثقفين والمبدعين المغاربة والأجانب. وكان للطفل فضاؤه الخاص ضمن هذه الدورة كذلك، حيث حفل بالورشات التي تستهدف هذه الفئة العمرية التي يعلق عليها الأمل للحفاظ على صيرورة القراءة والإبداع. وأكد حسن الوزاني، مدير المعرض الدولي للنشر والكتاب، أن هذه الدورة حققت نجاحا ملموسا، يتجلى بالخصوص في حضور هام للناشرين بنسبة أكبر من الدورة السابقة، بالإضافة إلى البرنامج الثقافي سواء الذي تعده وزارة الثقافة أو الذي يتم بشراكة مع مؤسسات أخرى، حيث تم تنظيم 120 لقاء بمشاركة 400 كاتبا من 35 دولة. ولم يخف الوزاني في تصريحه لبيان اليوم، أن المعرض بالنظر إلى حجمه لا بد أن تعتوره بعض الثغرات، من قبيل التداخل مع معرض الكتاب بالإسكندرية، غير أنه سيتم تقييم ذلك والعمل على تداركه، وإن كان ذلك يظل محمودا. كما أشار إلى أن إلغاء الخيمة في هذه الدورة، كان له تأثير إيجابي، حيث أنه سمح بتدبير جيد للمساحة الداخلية للمعرض، من حيث السيولة والممرات، كما أنه تمت العناية بالجانب الجمالي من ناحية تصميم الأروقة. ومن بين التحولات الإيجابية كذلك التي ميزت هذه الدورة، أكد الوزاني على أن نسبة مشاركة دور النشر الأجنبية كانت مرتفعة مقارنة مع الدورات السابقة، مما يؤكد أن المعرض بات يكتسي جاذبية أقوى لدى الأجانب. وحول مدى مساهمة المعرض في النهوض بوضعية القراءة والنشر ببلادنا، أوضح الوزاني أن المعرض لا يمكن له أن يحل مشكل القراءة؛ فهذا المشكل أكبر من المعرض ومن وزارة الثقافة نفسها، على اعتبار أنه مشروع مجتمع بكامله. وذكر بالمخطط الذي تعده الوزارة بهذا الصدد، والذي خضع لدراسة عميقة كما أنه كان نتيجة مقارنة مع تجارب مماثلة في دول أخرى متحضرة، ومن المقرر الإعلان عن هذا المخطط في يونيو المقبل. وعن أبرز ملامح هذا المخطط المتعلق بالكتاب والقراءة العمومية، أشار الوزاني إلى أن المبدأ الأساسي الذي يحمله هو أن وزارة الثقافة وحدها لا تحل المشكل، أما المبدأ الثاني الأساسي، فيكمن في إيجاد صيغة ملزمة للأطراف المعنية بصناعة الكتاب حتى لا يتم إعادة التجارب الفاشلة. ومن جانبه اعتبر مدير المركز الدولي لدراسة الفرجة الدكتور خالد أمين لبيان اليوم، بأن هذه الدورة كانت غنية من حيث عدد الناشرين المشاركين وكذا عدد الأنشطة الثقافية التي تكتسي أهمية بالغة، من قبيل أنشطة بيت الشعر، واتحاد كتاب المغرب ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج ومؤسسات حقوق الإنسان، فضلا عن المركز الذي يديره والذي يشارك في هذه الدورة لأول مرة بندوتين أساسيتين حول المسرح والوسائط، والاستنبات في المسرح المغربي. واعتبر خالد أمين في حديث لبيان اليوم، أن المعرض هو احتفاء بالمنتوج الثقافي على مستويات عديدة، وأنه لبى أهدافه من حيث تقريب الكتاب من القراء، وربط جسور التواصل بين الكتاب والمتلقين. وسجل خالد أمين بارتياح حضور العديد من الرموز الثقافية بقوة في مختلف الأروقة وكذا في القاعات التي تحتضن البرنامج الثقافي. غير أن الزوار يحتارون أين يذهبون، على اعتبار التقاطع القائم بين الأنشطة الموازية، وهذه طبيعة المعرض. ولأجل تطوير هذه التظاهرة، تمنى أن تحافظ على موعدها القار، على اعتبار أن تغيير تاريخها يربك مفكرة الزوار وكذا العارضين. وأشار مدير المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الدكتور أحمد بوكوس، إلى أن هذه الدورة تعد ناجحة بامتياز، من حيث عدد العارضين المرتفع، وكذا من حيث جودة الأنشطة الثقافية والفكرية، والقيمة الاعتبارية للمساهمين في هذه الأنشطة، الوافدين من مختلف الدول العربية والغربية. وتحدث بوكوس في تصريح لبيان اليوم عن رواق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية داخل فضاء المعرض، الذي قدم إصدارات تشمل سائر مجالات المعرفة، وبالأخص الثقافة والحضارة الأمازيغية. كما أن هذا الرواق احتضن لقاءات حول إصدارات جديدة تتطرق إلى القضايا الراهنة، من قبيل القانون التنظيمي الخاص بتفعيل ترسيم الأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. وذكر بوكوس أن المعهد نظم ضمن فعاليات المعرض، حصيلة هذه المؤسسة على امتداد عشر سنوات، بالإضافة إلى لقاءات مع الزوار وخلق الاهتمام لديهم بالأمازيغية، وإقامة ورشات لتعليم الأمازيغية وفن الحكي. واقترح لأجل تطوير المعرض، أن يكون هناك تدبير أفضل للمجال وللوقت، وإتاحة الفرصة للقاءات عرضانية –حسب تعبيره- على اعتبار أن المشاركين في اللقاءات الخاصة بالأمازيغية غالبا ما يتكرر حضورهم، سواء داخل المعرض أو خارجه، وبالتالي من الأفضل لو يتم تخصيص قضايا ذات بعد وطني، تكون فيه الأمازيغية مجرد رافد من روافد أخرى، وبالتالي يتم خلق ظروف نقاش وطني وليس فئويا أو جانبيا.