هولاند: لنعمل سويا على أن تكون علاقاتنا نموذجا لباقي بلدان العالم «لنعمل سويا على أن تكون علاقاتنا نموذجا لباقي بلدان العالم»، بهذه العبارة ختم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خطابه أمام البرلمان زوال أمس، في ثاني أيام زيارة الدولة التي يقوم بها إلى المغرب. خطاب استعرض فيه جملة من المواضيع الراهنة، سواء الإقليمية منها أو الدولية، من الحالة في مالي إلى الأزمة السورية، مرورا بالاتحاد من أجل المتوسط، وصولا إلى تجديد موقف فرنسا الداعم لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب كأساس لإنهاء النزاع في الصحراء. فرنسوا هولاند عبر عن افتخاره بالعلاقات المتينة التي تجمع فرنسا والمغرب، وروابط الصداقة الراسخة بين الشعبين، قائلا بأن «الصداقة ليست إرثا، بل علاقات إنسانية تطورت عبر التاريخ»، مشيدا بالبعد الاستراتيجي لهذه العلاقات، بحكم موقع البلدين، وهو ما يؤهلهما للعب دور مهم في المنطقة الإفريقية والمتوسطية. وأشاد رئيس الدولة الفرنسية بالمستوى الرفيع للعلاقات الاقتصادية، والتي ستدخل مستقبلا طور الشراكة في توطين المشاريع، ليكون الاستثمار مربحا للطرفين، مؤكدا انخراط فرنسا في المشاريع الكبرى التي يعرفها المغرب. وقال هولاند «لسنا ممولكم الأول رغم أننا زبونكم الأول». وجدد الرئيس الفرنسي، خلال الجلسة المشتركة التي عقدها بمجلسي البرلمان، صباح أمس، دعم بلاده لجهود الأمين العام للأمم المتحدة في التوصل إلى إيجاد تسوية سياسية ونهائية للنزاع في الصحراء، على أساس قرارات مجلس الأمن. وقال هولاند «من هنا أؤكد أن المبادرة التي تقدم بها المغرب منذ 2007، والرامية إلى منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا هي المبادرة الواقعية والجدية لإنهاء النزاع». وأبرز رئيس الجمهورية الفرنسية أن حالة الجمود التي يعرفها مسلسل التسوية، في الوقت الحاضر، لا تخدم في شيء أي طرف، مشيرا إلى تشتت العائلات بين الأقاليم الجنوبية ومخيمات تندوف، والوضعية التي يعيش عليها هؤلاء المحتجزين، بالإضافة إلى أن هذا المشكل يزيد من توتر العلاقة بين الجارين، المغرب والجزائر. وشدد الرئيس الفرنسي على أن الأوضاع الراهنة في منطقة الساحل تستدعي باستعجال إنهاء النزاع، لما فيه من مصلحة المنطقة بأكملها، داعيا في نفس الوقت إلى ضرورة العمل على ضرورة إعادة الروح في بناء المغرب العربي، كسبيل نحو تحقيق الاندماج الإقليمي، الذي يعد الاختيار الاستراتيجي لشعوب المنطقة. واعتبر فرانسوا هولاند أن إنهاء مشكل الصحراء من شأنه توحيد بلدان المغرب الكبير، من خلال نبذ التفرقة وتحقيق الانتظارات الكبيرة لشعوبها. وأعرب الرئيس الفرنسي عن شكره وامتنانه للمغرب، ملكا وحكومة وشعبا، على الدعم الذي قدمه لفرنسا، في جهودها من أجل إحلال السلام والشرعية بدولة مالي. وأعلن هولاند أمام ممثلي الأمة أنه قريبا سينتهي التواجد العسكري الفرنسي بمالي، بعدما ستنتهي مهمة الجنود في إعادة الشرعية والسيادة لهذا البلد، آنذاك ستحل القوات الإفريقية محلها لفترة انتقالية، مشيرا إلى أن فرنسا ستعمل على استصدار قرار من الأمم لنشر قوات السلام في هذا البلد، لمنع تغلغل الجماعات الإرهابية واستئثارها بالمنطقة. وأبرز هولاند أن مهمة فرنسا بالمنطقة على وشك نهايتها، وستعمل على سحب كل قواتها من دولة مالي في الأشهر القليلة المقبلة، لتسليم المشعل لقوات حفظ السلام الإفريقية والأممية لتحل محلها. وقال فرانسوا هولاند في خطابه أمام مجلسي البرلمان إن ما يقع في منطقة الساحل، في إشارة إلى الأزمة في مالي وتوسع نشاط الجماعات الإرهابية، لا يشكل فقط تهديدا لهذه الدولة فقط، وإنما يهدد كل المنطقة و القارة الإفريقية برمتها. وأثار الرئيس الفرنسي الانتباه إلى خطورة حياد الربيع عن الاتجاه الصحيح، وهو ما يمكن أن يشكل مصدر قلق، مشيرا إلى أن هذا الربيع يحمل في طياته ما أسماه «مخاطر الانعطاف و النكوص للوراء». وقال إن فرنسا لا تقدم الدروس لأحد، ولكن لها قيم كونية تتمثل في العدالة و المساواة بين و الحرية، مضيفا أنه إذا تم احترام هذه المبادئ فإن الربيع العربي سيكون في السكة الصحيحة، خلاف ذلك يبعث على القلق.