تتواصل، بتونس، فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي الذي يشارك فيه، إلى جانب فعاليات ونشطاء الحركة العالمية لمناهضة العولمة وشبكاتها الاجتماعية، مجموعة من هيئات المجتمع المدني المغربي باختلاف مجالات اشتغالها واهتماماتها، أبانت خلال فعاليات هذه الدورة عن دينامية عالية من خلال جدول الأعمال الذي أقرته والذي تضمن تنظيم عدد من اللقاءات والورشات تهم قضية الصحراء المغربية والمقترح الواقعي الذي قدمه المغرب كمبادرة لحل النزاع وإبراز المعاناة البشعة التي يعيشها الصحراوين المغاربة المحتجزون على الجانب الآخر بمخيمات تيندوف تحت حماية جزائرية في انتهاك صارخ لمبادئ حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين، هذا فضلا عن تنظيم ندوات تقارب مسلسل البناء الديمقراطي الذي ينهجه المغرب والذي تميز بإقرار إصلاحات سياسية عميقة يؤطرها دستور جديد، ومسار تجربة العدالة الانتقالية التي أفرزتها هيئة الإنصاف والمصالحة وما أصدرته من توصيات باتت تجسد حاليا تجربة فريدة في مجال المصالحة وإعمال حقوق الإنسان والارتقاء ببناء دولة الحق والقانون. وكانت الورشات التي نظمت باقتراح من فعاليات وهيئات الوفد المغربي فضاء لتقديم التجربة المغربية بمختلف أوجهها وجوانبها السياسية ،الحقوقية والاجتماعية، خلال هذا المؤتمر العالمي الذي ينظم لأول مرة ببلد عربي مغاربي عبر إعمال مقاربة الحوار الهادئ المسؤول الذي يقدم المعطيات بشكل موضوعي، ويرنو من خلال ذلك إلى إبراز المستوى الذي بلغه مسار بناء مغرب جديد يريد أن ترتهن الحكامة فيه لأحكام القانون ويحتكم لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا. وفي مقابل هذا النضج الفكري والنضالي الذي يميز المشاركة المغربية، أبت الجزائر وصنيعتها البوليساريو مرة أخرى على غرار مشاركتها في فعاليات المنتدى العالمي بكل من السينغال ومالي إلا أن ترفض الحوار الهادئ الرصين خلال فعاليات هذا المنتدى الاجتماعي بتونس عبر تسخير عناصرها في محاولة للتشويش على إحدى اللقاءات التي نظمها الوفد المغربي والذي كشفت فيه جمعيات صحراوية عن الانتهاكات الخطيرة والأوضاع المأساوية للصحراويين المغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف والظروف غير الإنسانية التي يعانون منها باستغلالهم استجداء للحصول على المساعدات الإنسانية، والتي يتم بيعها من طرف قادة ما يعرف بالبوليساريو في دول الجوار، بل ويتم المقاضاة بالشباب الصحراوي للحصول على الأموال مقابل دفعهم إلى أتون النزاعات المسلحة التي تشهدها المنطقة سواء في السابق بليبيا أو حاليا بشمال مالي. الجزائر، بتسخير عناصرها الذين ناهز عددهم الخمسين شخصا (ما بين جزائريين وأخرى تابعة للبوليساريو ) للتشويش على لقاء ضمن فعاليات المنتدى، كانت بذلك كمن يحاول أن يجدف ضد تيار الشعوب ممثلا في رياح الربيع من أجل الديمقراطية والكرامة والحرية، من أجل «عالم آخر ممكن»، أو كمن يحاول در الرماد في العيون. فالمشاركون في المنتدى من طيف حركات المجتمع المدني العالمي على الرغم من ذلك تمكنوا من الحصول على حقيقة ما يجري داخل مخيمات تندوف من انتهاكات، دليلهم في ذلك من جهة ما اطلعوا عليه من خلال الشهادات الحية التي قدمها السجناء المغاربة بتلك المخيمات والذين تمكنوا من الإفلات من قبضة التنكيل وأفرج عنهم قبل سنوات بضغط مغربي وتدخل أممي، ومن جهة ثانية من خلال الممارسات الجزائر ذاتها والتي انتهكت حق التنقل وحرية التعبير من خلال رفض سلطاتها مشاركة ممثلين عن المجتمع المدني المنضوي للمعارضة، ومنعتهم من الالتحاق بتونس عبر حصارهم لساعات طوال داخل الحافلات التي كانت تقلهم صوب البلد المضيف، لتخبرهم فيما بعد أنهم ممنوعون من مغادرة الجزائر وبالتالي حرمانهم من المشاركة في حقهم النضالي إلى جانب رفاقهم من نشطاء المجتمع المدني والمنظمات عير الحكومية والنقابات القادمين من 127 بلدا بالقارات الخمس، وذلك فقط لأنهم ينتمون للمعارضة داخل الجزائر مما جعلهم ينددون بما حصل معهم ويتهمون السلطات الجزائرية بعدم الديمقراطية وانتهاك حرية التعبير. وأفاد عبد القادر أزريع رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وعضو لجنة المتابعة للمنتدى الاجتماعي المغاربي، في تصريح أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن الحضور المغربي كان فاعلا وناجعا مستدلا في ذلك بالمواضيع والقضايا التي اقترح الوفد تنظيم ندوات بشأنها، حيث كانت تجربة المغرب في مجال العدالة الانتقالية إحدى المواضيع التي حظيت ورشتها بمتابعة كبيرة من طرف المشاركين ناهز الألف شخص. وأضاف إلى أنه فضلا عن ذلك فإن الوفد المغربي بمختلف مكوناته شارك في مناقشة عدد من القضايا الدولية بما فيها القضية الفلسطينية والفضاء المتوسطي والحوار الجاري بين البلدان الأوروبية والمغاربية، ومستقبل التعاون الدولي والمنتديات الاجتماعية.