كشف حزب التقدم والاشتراكية، أول أمس، في لقاء مع وسائل الإعلام، عن تصوره لهيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، وهو التصور الذي من المقرر أن يقدمه على شكل مذكرة إلى اللجنة العلمية المعنية هذا الإثنين. اللافت في التصور المذكور أن الحزب يؤكد أن موضوع المناصفة ومكافحة التمييز ضد النساء هو ليس مجرد خطوة إجرائية لتنزيل الدستور الجديد وتطبيق مقتضياته، وإنما الأمر يتعلق بركيزة من ركائز المشروع المجتمعي الديمقراطي، وبالتالي، فإن النجاح في هذا الورش الاستراتيجي يعتبر بمثابة تقعيد وتأسيس لمقاربة شمولية مهيكلة لمغرب المستقبل، أي أنها ستجعل البلاد، في مختلف الميادين والقرارات والبرامج والمخططات، تقوم على المساواة والمناصفة واحترام حقوق النساء المغربيات. المعطى الثاني الذي استحضره حزب التقدم والاشتراكية في صياغة تصوره حول هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، يتعلق بالنص الدستوري، ذلك أن دستور فاتح يوليوز 2011 أقر مبدأي المساواة وحظر التمييز كأسس مهيكلة لبنيانه، كما نص على إجراءات الميز الإيجابي كآليات لتدارك الخصاص في مجال ولوج النساء لمراكز القرار في الشأن العام. ونستحضر هنا تأكيد الفصل 19 من الدستور على مبدإ المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء في الحريات والحقوق، وتنصيص الفصلين 12 و13 على دور المجتمع المدني والمقاربة التشاركية، ثم حظر المساس بالسلامة الجسدية والمعنوية لأي شخص كما ورد في الفصل 22 من الدستور، وأيضا التنصيص على الولوج المتساوي للنساء والرجال إلى الوظائف الانتخابية (الفصلان 30 و146)، وإلزام الدولة بالعمل على تفعيل القوانين التي تضمن الحريات والمساواة بين المواطنين والمواطنات (الفصل 6)، ثم هناك التأكيد على استقلالية الهيئة على غرار هيئات الحكامة الدستورية الأخرى واستفادتها من دعم مؤسسات الدولة (الفصل 159)... وحيث إن دستور المملكة صار ينص على الالتزام بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليه كونيا، ولكون المغرب صادق على كثير نصوص دولية بهذا الخصوص، وانضم إلى معاهدات واتفاقيات تتعلق بحقوق المرأة والمساواة، فإن كل هذا كان دافعا للحزب ليرافع، في مذكرته، من أجل أن ينتظم تأسيس هيئة المناصفة ضمن بعد حقوقي كوني يكرس التزامات المملكة وأفقها الديمقراطي الحداثي، ومن أجل الترفع بالحوار حول الهيئة عن كل التجاذبات السياسية والحزبوية، وجعل الأمر موضوع اتفاق وطني واسع. والأساس، أن حزب التقدم والاشتراكية يسعى كي تنجح الحكومة والبلاد ككل في امتحان هيكلة هيئة المناصفة، لكون ذلك يرتبط بمشروع مجتمعي، أي بواحدة من القضايا ذات الحساسية المعروفة، والتي تتطلع فئات واسعة من شعبنا والرأي العام الدولي لهذه الحكومة كي تقدم إشارات إيجابية بخصوصها، وكي تؤكد أن المغرب مستمر في سيره لتقوية أسس الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية في البلاد، وتفادي أي تراجع في حقوق المرأة المغربية.