تمهيد: يعقد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مؤتمره التاسع في إطار تحولات غير مسبوقة همت المنطقة المغاربية والعربية. وأحد المؤشرات الإيجابية لهذا التحول بالنسبة للمغرب، الإصلاح الدستوري الذي جعل من الاختيار الديمقراطي ثابتا من ثوابت الأمة المغربية، وجعل من المنظومة الكونية لحقوق الإنسان أحد المرجعيات الأساسية المهيكلة للإصلاح والبناء الديمقراطي، علما أن هذا البناء لا يستقيم بإرساء المؤسسات التمثيلية فقط، بل يتطلب تحقيق ديمقراطية اقتصادية اجتماعية وثقافية ترسخ حقوق الأفراد والجماعات دون تمييز. وانطلاقا من ذلك قرر حزبنا طرح المسألة النسائية كموضوع جوهري في نقاشه العام لمشروعه المجتمعي والسياسي داخل المؤتمر التاسع منطلقا من قناعة راسخة تستحضر دور النساء في صلب التغيير وفي صلب المعركة الديمقراطية من أجل تحقيق التنمية الشاملة .إن التصور المبدئي للاتحاد الاشتراكي يتخذ منحى تصاعديا انطلاقا من المؤتمر الاستثنائي الأول الذي أكد على مفهوم التحرير كأحد الاختيارات المركزية، وعلى مبدأ الحرية كركيزة لتحقيق الديمقراطية. وتناسل عن مفهوم التحرير، المُتَضَمِّن لتحرير المرأة من الموروث التقليداني الذي يعوق مسار تطلعاتها واندماجها في المجتمع، مجموعة من الاختيارات القيمية الحاسمة التي تشكل مداخل أساسية للنهوض بأوضاع النساء تتمثل، في المطالبة بالمساواة بين الرجال والنساء لتحقيق التضامن الاجتماعي وتوفير شروط المشاركة المنصفة للمرأة في مشروع النماء والديمقراطية. إن الاتحاد الاشتراكي الذي اعتبر دائما المسألة النسائية شرطا أساسيا وحيويا في المشروع الديمقراطي، مطالب اليوم بطرح المسألة النسائية طرحا يؤكد على المقاربة الحقوقية ويدعمها بمقاربة سوسيو ثقافية، تنبني على اعتبار قضية المرأة قضية مجتمع وقضية قيم ثقافية مهيكلة للوعي والسلوك العام، تتطلب رؤية واضحة وموجهة لنضالات الحركة النسائية المغربية ضد كل محاولة لتوظيفها في السباق نحو السلطة. على هذا الأساس انكبت لجنة المساواة والمناصفة على تدارس المسألة النسائية انطلاقا من أربعة محاور أساسية: المحور الأول: المرأة والمشروع الديمقراطي الحداثي. المحور الثاني: حقوق المرأة : مكتسبات مهمة وأوضاع هشة. المحور الثالث: الأليات المؤسساتية لتحقيق المساواة والنهوض بالأسرة والطفولة. المحور الرابع : الأليات المؤسساتية لتنظيم وتقوية الفعل النسائي داخل الحزب. المحور الأول: المرأة والمشروع الديمقراطي الحداثي. لعقود كثيرة ظلت مواطنة النساء ناقصة بحكم الرواسب الثقافية القائمة على التمييز واللامساواة، وبحكم غياب الإرادة السياسية الداعمة لمشاركتهن في الحياة العامة. ولم تتجاوز النساء المغربيات هذه الوضعية إلا حين انتظمت جهودهن لخوض معارك من أجل إسماع صوتهن والتعبير عن مطالبهن، مدعومات بفعاليات حقوقية وسياسية تنتمي للصف الديمقراطي الحداثي. وهكذا، ومنذ عقد من الزمن، أصبحت شرعية نضالات الحركات النسائية المغربية تستند إلى ترسانة قانونية متطورة تغطي مجالات الفعل السياسي والاجتماعي والاقتصادي مكنت من تحقيق مكتسبات هامة تهم مجال الأسرة، والشغل، والصحة والتعليم وتمثيلية النساء في الوظائف الانتخابية، توجها الدستور الجديد بتوسيع مجال الحقوق الفردية والجماعية والنص على المساواة والمناصفة كآلية لتحقيق هذه المساواة على أرض الواقع. لكن الظروف العامة التي تعيشها اليوم العديد من الدول العربية والمغاربية، والتحولات الكبرى التي أحدثها الحراك الشعبي في هرم السلطة، وطبيعة التيارات السياسية المستفيدة من التحول، وضع هذه الدول في واجهة توترات جديدة بين ماهو كوني وماهو خصوصي، وأعاد إلى واجهة النقاش إشكالية الخصوصية الثقافية في علاقتها بالمنظومة الكونية لحقوق الإنسان، مما يفرض حل هذا الإشكال لصالح موقف متوازن يجعل من الخصوصية الثقافية إطارا لإغناء حقوق الإنسان والنهوض بها، عوض استثمار هذه الخصوصية لتكريس الإنغلاق على الذات، وتضييق مساحات الفعل الخلاق بالنسبة لمكون أساسي داخل المجتمع تمثله النساء. أمام هذا الواقع المستجد، نعتقد كنساء اتحاديات أن حزبنا وهو يحضر لمؤتمره التاسع من واجبه أن يؤكد وجوده المتميز كحركة سياسية ديمقراطية تهتم بتحديد مجال تدخل الدولة ومجال مشاركة المواطنين، ويتولى تعبئة المجتمع حول مطالب تمكنه من علاقات سياسية بديلة لسلوك الوصاية والسيطرة والتسلط الإداري على المجتمع . لكن سياق التحولات المحيطة بنا يفرض على حزبنا أيضا تعزيز نضاله الديمقراطي بالنضال من أجل ترسيخ الحداثة كمشروع مجتمعي ، من خلاله وحده، يمكن للمواطنة أن تترسخ كقيمة متعالية عن أي معيار آخر ينطلق من نوع الجنس أو الدين أو اللغة أو العرق... الخ لأن كل المعايير المبنية على هذه المنطلقات تعرض المواطنة، باعتبارها القاعدة المشتركة للتعايش، الى الاختلال وتؤدي الى إقصاء جزء من طاقات المجتمع من المشاركة في التطور والنماء، خاصة تلك التي تعاني من هشاشة بنيوية في جميع المجالات كالنساء. أمامنا إذن فرصة لتوضيح المشروع المجتمعي الذي نريده، قبل ان تتجذر بين ظهراننا مشاريع مجتمعية محافظة أو متطرفة، ترسخ الحيف والتهميش باسم تأويل مزاجي لديننا الحنيف، وتحول السياسية إلى ممارسة دينية مقدسة ينتفي فيها العقل النقدي، وتصبح فيها الصراعات السياسية صراعات دينية تقوض صرح الدين كعامل توحيد والتحام وإجماع. إن اختيارنا للحداثة هو اختيار لمشروع مجتمعي يحرر المرأة من عبء الصراع الهوياتي الديني، ومن النظر إليها من خلال أدوارها الاجتماعية فقط باعتبارها أماً وزوجة وبنتا وأختا... الخ دون اعتبار لمكانتها داخل المجتمع كمواطنة تتمتع بنفس الحقوق والواجبات ويتعدى وضعها الاعتباري ما هو خاص إلى ما هو عام ومشترك بين مواطنين يمارسون مواطنتهم في ظل دولة الحق والقانون. لقد مر على دعوات تحرير المرأة في العالم العربي والإسلامي أكثر من قرن من الزمان، ولا زالت عملية التحرير تلك تزعج النسق العام رغم ضغوط المنتظم الدولي وتنامي النضال النسائي الهادف إلى تحقيق المواطنة الكاملة، ففي أغلب الدول العربية والإسلامية تم اللجوء إلى الاختباء وراء رمزية بعض النخب النسائية لتقديمها كنماذج للتحرر، ولم تكن تلك النماذج في الحقيقة، إلا الشجرة التي تخفي الغابة، غابة أوضاع التمييز والتسلط والعنف الذي تعاني منه أغلبية النساء في مجتمعاتنا. وإذا كان المغرب من الدول القليلة التي قطعت أشواطا متقدمة في النهوض بأوضاع النساء وتمكينهن من مرجعيات قانونية تسند حقوقهن المشروعة في كافة المجالات، فإن تنامي التيارات المحافظة داخل المجتمع وفي مراكز القرار السياسي، يتطلب منا كحزب اشتراكي ديمقراطي حداثي: 1 الانتقال من التعبير عن أنفسنا كحركة سياسية ديمقراطية إلى التعبير بوضوح كذلك عن ذاتنا كحركة حداثية، بكل ما يحمله هذا المفهوم من إرادة في تحديث آليات التفكير والعمل، وتجديد قراءتنا لموروثنا الثقافي واستجلاء ما يختزنه من إمكانات تحديثية تحفز الإبداع والخلق وتعلي من دور العقل في تنظيم علاقاتنا ومجال تحركنا. 2 الانتقال من خطاب الإصلاح إلى فعل الإصلاح في جميع المجالات، والعمل على تحقيق المساواة من خلال الفعل السياسي اليومي عبر إعطاء الأهمية اللازمة لمشاركة المرأة في صنع القرار الحزبي وفي تدبير الشأن العام المحلي والجهوي، مع التعامل مع مشاركتها بشكل إيجابي ينقلها من مجرد رقم يكمل النصاب إلى رقم فاعل في التدبير والتأطير. 3 تحديث عناصر الرؤية والتصور في مجال تأطير المجتمع بكل تناقضاته، واستثمار ثقافة مجتمعية متنورة لا زالت متجذرة في أوساط العديد من الفئات الاجتماعية الرافضة للتنميط، واستبدال الاستبداد السياسي باستبداد فكري/إيديولوجي يهدد الحرية الفردية والجماعية ويخنق طاقات الإبداع. 4 تقوية كافة تنظيماتنا العمودية والأفقية وتأهيلها للقيام بدورها في الدفاع عن المشروع الحداثي بشكل منظم ومنفتح على كل التعبيرات الحداثية في المجتمع. 5 بناء استراتيجية حزبية واضحة لتأطير النساء والشباب وتمكينهم من الآليات الضرورية للفعل داخل الحزب وخارجه، وجعلهم قاطرة لإنجاز المشروع الديمقراطي الحداثي وآلية للتحديث السياسي والاجتماعي والثقافي داخل الوطن وخارجه. المحور الثاني: حقوق المرأة : مكتسبات مهمة وأوضاع هشة. ا - المكتسبات القانونية: عرفت العشرية الاخيرة من القرن الماضي دينامية مجتمعية وسياسية ادخلت المغرب في مسار إصلاحي طال بالأساس مجال حقوق الانسان عموما وحقوق النساء على الخصوص. حيث حضي ملف النهوض بأوضاع النساء باهتمام واضح جسدته التزامات حكومة التناوب انذاك في برنامجها وتمت ترجمة هذه الالتزامات في خطة عمل (الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية) شخصت أوضاع النساء في كافة المجالات، واقترحت حلولا في إطار مقاربة مندمجة ربطت الوضع القانوني للمرأة بأوضاعها في مجال التعليم الصحة والانتاج الاقتصادي والتمثيلية السياسية. هذه الخطة التي أخرجت القضية النسائية من إطار نضالات التنضيمات النسائية والحقوقية وجعلت منها قضية مجتمعية بفضل النقاشات التي اثارتها والتعبئة التي خلقتها داخل الصف الديمقراطي الحداثي. وبالرغم تكثل القوى المحافظة ضد مضمون الخطة الوطنية، فقد كان لها الفضل في كل المكتسبات التي تحققت لصالح المرأة المغربية خلال العقد الأول من هذا القرن حيث أدخلت تعديلات مهمة على جل المجالات القانونية التي تهم النساء: قانون الأسرة ? قانون الجنسية ? الحالة المدنية - قانون الكفالة - قانون الشغل وبعض مقتضيات القانون الجنائي والمسطرة الجنائية ? الميثاق الجماعي ومدونة الانتخابات. وجاء دستور 2011 ليعزز الورش الاصلاحي للمنظومة القانونية بالتأكيد في ديباجته على مقتضيات ذات طابع عام تستفيد منها النساء بصفة خاصة مثل: - حظر ومكافحة كل أشكال التمييز. - حماية منظومتي حقوق الانسان والقانون الانساني والنهوض بهما. - سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات المحلية والعمل على ملائمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه المصادقة على هذه الاتفاقيات. كما نص الدستور في خمس مواد اخرى على مقتضيات تهم حقوق المرأة بوجه خاص وهي: - المساواة بين المرأة والرجل في كافة الحقوق والحريات ذات الطابع المدني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي (المادة 19). - التزام الدولة ب: - العمل على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم وضمان مشاركتهم في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية(المادة6). - السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين النساء والرجال (المادة 19). - احدث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز (المادة 19)، يكون من مهامها «السهر على احترام الحقوق والحريات» (الفصل 164). - ان تحدد بقانون تنظيمي أحكام لتحصين تمثيلية النساء داخل المجالس الجهوية (المادة 146). - ضمان تمثيلية النساء القاضيات من بين الأعضاء العشرة المنتخبين بما يتناسب مع حضورهن في السلك القضائي (المادة 115). كل هذه المقتضيات الدستورية لا يمكن إلا أن تعزز مكانة المرأة في المشروع الديمقراطي الحداثي لمغرب ما بعد نونبر 2011، وتجعل النساء المغربيات في حالة تعبئة تامة لحماية المكتسبات وتحصين مقتضيات الدستور من كل تأويل يزيغ بها عن المبادئ الايجابية المؤسسة لها، والمطالبة بملائمة العديد من القوانين الموجودة مع المستجدات التي أقرها الدستور كالقانون الجنائي وقانون الشغل وبعض مقتضيات قانون الأسرة، مع بذل المزيد من الجهود لجعل التعديلات الايجابية التي طالت العلاقات الاسرية ذات تأثير فعلي على الواقع المعيشي للنساء. ب - مظاهر الهشاشة: بالرغم من المجهودات التصحيحية التي عرفتها المنظومة القانونية فإن التطور الواقعي لأوضاع المجتمع عموما وأوضاع النساء خصوصا، لا يرقى إلى مستوى الأهداف المسطرة في مجالات محاربة الفقر والهشاشة، وتعميم التعليم والخدمات الصحية والمشاركة الفعلية في الحياة العامة بالنسبة للنساء. 1 - الفقر في أوساط النساء: يشكل تنامي ظاهرة الاسر التي تعيلها النساء مؤشرا على ثأنيت الفقر بالمغرب. حيث تدل الاحصائيات المنجزة من طرف المندوبية السامية للتخطيط على أن الأسر التي تعيلها النساء تمثل 19.3 من مجموع الأسر القاطنة بالمدن و 12.3 من الأسر القروية. والحال أن النساء المعيلات لهذه الأسر هن إما مطلقات أو أرامل (بنسبة 71.7) يعانين من ارتفاع نسبة الأمية في أوساطهن (83) كما أنهن لا يمتلكن القدرة على تنويع مصادر دخلهن ولا يتوفرن على تغطية اجتماعية كافية لتفادي أي تدهور في مستوى عيشهن ومتطلبات أسرهن. ومن أجل تجاوز هذا الوضع الهش يتعين: تبني مقاربة مندمجة لإشكالية تأنيث الفقر تدمج بين تمدرس الفتيات ومحاربة الامية وسط الامهات وتحفيز استقلالية النساء عبر تشجيع الأنشطة المدرة للدخل - احداث صناديق علي المستوى المحلي بتعاون مع وكالة التنمية الاجتماعية والمجالس الاقليمية والجمعيات والتعاونيات لدعم التنمية المستدامة ومحاربة الفقر عبر تمويل البنيات التحتية الاساسية والأنشطة المدرة للدخل والتكوين وتقوية القدرات - تبني سياسة حقيقة لمحاربة البطالة وسط النساء والنهوض بالتشغيل اللائق لهن باعتبارها أنجع وسيلة للقضاء على تأنيث الفقر . 2 - إشكالية الشغل: إذا كان الدستور المغربي وكل المواثيق الدولية تنص على حق الشغل للجميع، فان هذا الحق في غياب إقرار مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص لا يشمل جميع النساء. فالإحصائيات المتوفرة تؤكد أن النساء لا يشكلن إلا ما يقارب الثلث من الساكنة النشيطة مقابل الثلثين أو أكثر بالنسبة للرجال و إذا كانت المرأة تشغل المراتب المتدنية في الوظيفة العمومية، فان القطاع الصناعي غير المهيكل يعتبر أكثر القطاعات استقطابا لليد العاملة النسائية بما يناهز 000 200 ألف عاملة، 86 %منهن في المناطق الصناعية بالدار البيضاء والرباط وسلا و فاس. وتشتغل العاملات في هذا القطاع في ظروف تفتقر إلى أبسط الشروط الصحية، والحماية القانونية والاجتماعية، فرغم إقرار مدونة الشغل بالمساواة في الأجور فإن أجور الشغيلة النسائية تقل ب 25%إلى 30 % عن أجور الذكور، بالإضافة إلى اشتغال 90% منهن دون عقد شغل، أما نسبة البطالة وسط النساء فتصل إلى 39.9?/? عند الحاصلات على تكوين عالي مقابل 23.3 % وسط الرجال من نفس المستوى. وبالرغم من التقدم الحاصل في ملف النهوض بأوضاع النساء، فإن الفوارق النوعية ما زالت قائمة و تمثل تحديا مستمرا أمام صانعي القرار السياسي داخل الأحزاب و في كل أجهزة ومؤسسات الدولة. مما يتطلب المزيد من الجهد لتطوير الوعي العام بضرورة مساعدة المرأة المغربية على اجتياز كافة الرواسب الاجتماعية و الثقافية التي تعرقل مشاركتها على قدم المساواة في البناء الديمقراطي. ولتحقيق ذلك لابد من العمل على: - دعم المشاركة السياسية للنساء عن طريق تدْليل العوائق التي تحول دون انخراطهن بفعالية في الأحزاب والنقابات، والعمل على تقديمهن كمرشحات لكافة الوظائف الانتخابية، وكافة المناصب الإدارية العليا، و توسيع تمثيليتهن في مراكز القرار السياسي والاقتصادي وفقا لمبدأ المساواة والمناصفة الذي ينبغي اعتماده كآلية لتصحيح أوضاع الميز الذي تعاني منه النساء لأسباب اجتماعية وثقافية، مع الاهتمام بالمرأة القروية ( اللجنة الأممية لشؤون النساء وضعت شعارها - المرأة الريفية- هذه السنة) - اعمال مقاربة النوع في كافة السياسات القطاعية وفي توقعات الميزانية العامة للدولة، واعتبارها وسيلة منهجية أساسية لتحقيق المساواة الفعلية بين الرجال والنساء وتقليص الفوارق القائمة بين أوضاعهما في جميع الميادين، مع تعبئة كافة الموارد المادية و البشرية لتنفيذ الاستراتيجيات القطاعية في هذا المجال، وضمان الشفافية الكاملة في تقييم النتائج المحرزة بالنسبة للجنسين. 3 - الصحة والصحة الانجابية : إن نظام التغطية الصحية الجديد»راميد» رغم إيجابيته، يعاني من ضعف في البنيات التحتية: (المستشفيات، المستوصفات، المراكز الصحية، وقلة الموارد البشرية وضعف في التمويل) .إضافة إلى: تفاوت في الاستفادة من خدمات الصحة الإنجابية: 85% من نساء المدينة مقابل 48% فقط من نساء البادية. ضعف القدرة على اختيار حجم الأسرة ووسائل منع الحمل خاصة في الوسط القروي. تتم أكثر من حالة من بين كل ثلاث حالات حمل دون إشراف طبي. أكثر من 50% من حالات الولادة داخل البيت لاتستفيذ سوى من 20% من التكفل الطبي. الحصول على إذن الزوج لزيارة الطبيب مع مرافقة الزوج يتزايد عدد الأزواج الذين يفضلون أن تكشف طبيبة على زوجاتهم. استمرار تسجيل معدلات مرتفعة لوفيات الامهات اثناء الولادة و وفيات الاطفال قبل خمس سنوات في الوسط القروي وفيات المواليد 40 حالة في كل 1000 ولادة عدم تكافؤ العلاقة الجنسية بين الرجال والنساء أحد العوامل الرئيسية لانتشار الأمراض المنقولة جنسيا / السيدا مثلا انتقال العدوى الى 12 % لللنساء من ازواجهن مقابل 1 % من الرجال الذين تصيبهم من زوجاتهم. - الضغط الذي تمارسه البيئة الاجتماعية والثقافية على الصحة الإنجابية للنساء . - ارتفاع نسب الأمية وسط النساء خاصة في الوسط القروي . - ضعف البنيات التحتية، خاصة في العالم القروي - خصاص في الموارد البشرية المؤهلة وعدم توازن عملية انتشارها على المستوى المجالي. إن هذه الأرقام تترجم بوضوح ضعف نظام التغطية الصحية، والحماية الاجتماعية المتمثلين في غياب الاستفادة بشكل منصف ومتساوي من الخدمات الصحية، إذ بالرغم من حدوث تقدم على مستوى الصحة الانجابية فلازالت هناك مجموعة من التحديات التي ينبغي رفعها لتحقيق التزامات المغرب المتعلقة بالأهداف الانمائية للألفية في أفق 2015 خاصة الهدف 4 و 5 و 6. ومن أجل النهوض بالصحة الإنجابية يتعين: مراجعة الإطار القانوني المرتبط بالصحة الإنجابية. اخراج مدونة للصحة تحمي حقوق النساء في الصحة الإنجابية . اخراج الإطار القانوني للإجهاض لأسباب علاجية وعندما تكون صحة الأم في خطر صحي واجتماعي. 4 - مشكل التعليم: ظلت المسألة التعليمية تشكل هاجسا وطنيا لكن السياسات المتبعة في هذا القطاع لم تحقق الأهداف المنتظرة منها رغم كل محاولات الإصلاح، و داخل هذا المسلسل الإصلاحي، لم تتمكن المنظومة التربوية من تمثل المساواة كقيمة انسانية اساسية لتفعيل الدور التنموي للمرأة، فلا تزال الأمية تنتشر وسط النساء، مما ينعكس سلبا على أوضاعهن الاجتماعية، وعلى المسيرة التنموية والديمقراطية ببلدنا. 5 - مشكل الإعلام: رغم وجود ميثاق وطني لتحسين صورة المرأة في الاعلام، نلاحظ انخراطا محتشما لوسائل الاعلام في ترسيخ قيم الحقوق الانسانية للنساء وتفعيل المساواة ومناهضة كل أشكال العنف المسلط عليهن. ومن أجل تجاوز هذا الواقع نقترح : دمج المساواة في البنيات والهيآت الاعلامية مع اشراك الفاعلين في الحقل الاعلامي واقرار ثقافة المساواة داخل المنظومة الاعلامية. - اخراج ميثاق وطني حول المساواة في الحقل الاعلامي - احداث مرصد وطني لثقافة المساواة يستهدف ثلات فضاءات للعمل: المجال التعليمي، المجال الديني، المجال الاعلامي. - انخراط فاعل للإعلام في تحسيس وتوعية المجتمع من أجل التأثير في المواقف الاجتماعية وتغييرها تجاه ظواهر التمييز والعنف ضد النساء. 6 - المرأة ومراكز القرار السياسي والاداري: إلى حدود بداية التسعينات من القرن الماضي كانت المرأة شبه غائبة عن مراكز القرار السياسي والإداري بالمغرب. فعلى المستوى السياسي: لم يمكن الفصل الثامن من الدستور المعدل النساء من الاستفادة من المساواة التي كان يقرها هذا الفصل في ما يتعلق بحق التصويت والترشح للوظائف الانتخابية، إذ ظلت تمثيليتهن في المجالس المحلية رمزية وتواجدهن بالبرلمان معطلا بإرادة سياسية الى بداية التسعينات (انتخابات 1993) حيث اقتصر حضورهن بالبرلمان على امرأتين فقط خلال الولايتين التشريعيتين الخامسة والسادسة. ولم تتمكن النساء من تجاوز سقف التمثيلية الرمزية بالبرلمان إلا مع إقرار مبدأ «التمييز الايجابي» الذي أتاح لثلاثين امرأة امكانية الوصول إلى البرلمان عن طريق «اللائحة الوطنية» في الانتخابات التشريعية لسنة 2002. وهكذا انتقلت نسبة تمثيلية النساء بالبرلمان من 0.66% إلى 10.8%. وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة (2011) تم توسيع «اللائحة الوطنية» الى 60 مقعدا مكنت 60 امرأة من الحصول على مقاعد بمجلس النواب بالإضافة الى المنتخبات عن طريق اللوائح العادية. لتصل نسبة تمثيلية النساء بمجلس النواب اليوم الى حوالي 15.5%. وهي نسبة تظل دون مستوى مطلب الثلث الذي يسمح للنساء بالتأثير في صنع القرار وفرض التوجهات المعززة لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في السياسات العمومية. أما بالنسبة للحكومة فقد تم تعيين أربع كاتبات للدولة لأول مرة في تاريخ المغرب، من طرف المرحوم الحسن الثاني في غشت 1997. وتواجدت النساء انطلاقا من ذلك في كل الحكومات المتعاقبة منذ 1998 (حكومة الاخ عبد الرحمان اليوسفي). وتراوح عددهن بين 1998 و2007 بين 2 و7 نساء. بينما اقتصرت الحكومة الحالية على امرأة واحدة رغم تغير المناخ السياسي، وتطور المنظومة القانونية، وإيجابية التجربة الحكومية للنساء خلال أكثر من عقد من الزمن، ورغم تطور الوعي العام للمجتمع وتقبله للمرأة في مواقع القرار... ! وفيما يتعلق بمواقع القرار الإداري فإن حضور النساء لازال محدودا مقارنة مع حجم مشاركتهن في مجالات تدبير الشأن العام: حيث لا تتعدى نسبة القاضيات 19.7% ولا تتعدى نسبة تواجد النساء في مراكز المسؤولية بالوظيفة العمومية 12% وتتولى 10 نساء منصب سفيرة في المجال الدبلوماسي. قراءة في هذه الأرقام تؤكد أن هناك تطور إيجابي في حضور النساء داخل بعض مراكز القرار السياسي والإداري، لكنه تطور بطيئ لا يتناسب مع حجم تواجد النساء في مجالات تدبير شؤون المجتمع. كما أن آلية «التمييز الايجابي التي ساعدت النساء على تجاوز سقف الرواسب الثقافية السلبية التي كانت تعرقل مشاركتهن في الحقل السياسي، وتحول بينهن وبين الوصول الى مواقع القرار داخل الاحزاب والبرلمان والمجالس المحلية وغيرها، تظل مع ذلك آلية هشة خاصة حين تطبق خارج بعض المعايير والمقاييس الموضوعية المحصنة لها من التعامل معها كريع سياسي... المحور الثالث: الأليات المؤسساتية لتحقيق المساواة والنهوض بالأسرة والطفولة. نص الدستور على احداث مجموعة من الآليات اناط بها مهمة حماية منظومة الحقوق والمبادئ الأساسية التي نص عليها سواء في ديباجته أو في العديد من مقتضياته المتعلقة بالمرأة والاسرة والطفولة والشباب. والهدف هو ضمان مساهمة كل الطاقات البشرية للمجتمع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة وجعل التنمية البشرية في خدمة التنمية الشاملة ويهمنا هنا التأكيد على آلياتين هما: 1 - هيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز: من المفروض أن تدعم هذه الهيئة كل الجهود الرامية لإقرار المناصفة ومكافحة التمييز بكل اشكاله، واتخاذ ما يلزم من التدابير المؤسساتية والقانونية والتنظيمية العرضانيه لحماية حقوق النساء وتحقيق المساواة بين الرجال والنساء في كافة المجالات، باعتبار هذه المساواة حجر الزاوية في أي مشروع للبناء الديمقراطي. وهي بذلك آلية لمتابعة تنفيذ احكام الدستور وحمايتها من أي تجاوز. ولكي تلعب هذا الدور لابد أن تكون هيئة مستقلة عن السلطة التنفيذية، وأن تتوفر لديها كافة الامكانات المادية والبشرية للقيام بدورها في تقديم الخبرة والتوجيه والاقتراحات المرتبطة بمجال الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية المؤسسة على مقاربة النوع الاجتماعي لمكافحة جميع اشكال التمييز القائم على اساس الجنس وتحقيق المساواة الفعلية بين النساء والرجال كمواطنيين. ولكي تؤدي هذه الهيئة مهامها لابد أن تستند على قاعدة قانونية تتمثل في سن التشريعات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين ومكافحة التمييز وفقا لروح الدستور ومقتضياته. تكون هذه القاعدة القانونية اطارا تؤسس عليه اختصاصات ومهام هذه الهيئة وأن تعزز وظائفها بوظيفة شبه قضائية تمكنها من المطالبة بتوقيع العقوبات القانونية المقررة في حالة انتهاك القوانين المتعلقة بالمساواة بين الجنسين ومكافحة التمييز. 2 - المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة يعزز المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، كافة المجهودات التي تسعى الى اقرار مشاركة الاسرة في المشروع الديمقراطي، و نرى داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ان هذا المجلس مُطالب بتحديد الإطار الذي سيعمل فيه بدقة ووضوح و دعم التفعيل الديمقراطي للدستور المبني على تأصيل هذه المفاهيم من خلال ربطها بشكل مباشر بسمو المواثيق الدولية. لأن تحديد المفاهيم يعتبر مسألة اساسية تدعم الاهداف التي جاءت من اجلها المادة 169 من الدستور المتعلقة بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة . وإذا كان مفهوم الطفل لا يثير مشاكل في التأويل على المستوى الوطني لوجود معايير دولية ووطنية متعارف عليها و يقر بها المغرب، فإن تعريف الأسرة خلافا لذلك، يتطلب قدرا من التوضيح الواقعي لبنية الاسرة. فالإقرار بتعدد أشكال البنية الأسرية أساسي اليوم في منظورنا كاتحاد اشتراكي للقوات الشعبية .كما أن النظر فيما يسمى بالهندسة الاجتماعية التي يجري التسويق لها حاليا من طرف الحكومة ومحيطها الدعوي شيء ضروري لتحديد مهام هذا المجلس وادواره. مع التأكيد على أن الاساسي هو الدفاع عن حقوق الاسرة كيفما كانت بنيتها وتمكينها من القيام بوظائفها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والبيئية. ومراجعة مقتضيات مدونة الأسرة والقوانين الخاصة بالحماية الاجتماعية والقوانين الوطنية الأخرى وملاءمتها مع بنود الدستور المتعلقة بالمرأة والأسرة والطفولة . ومن أجل ضمان روية شاملة ومتفاعلة بين الهيئات والمجالس التي نص عليها الدستور (هيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز- المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة- مجلس الشباب والعمل الجمعوي ? مجلس الهجرة ) نقترح الاشغال على قوانينها التنظيمية من طرف التنظيمات الحزبية وفريقي الحزب بالبرلمان لصياغة رؤية واضحة تمكن من مناقشة مشاريع الحكومة في هذا المجال على اساس اختياراتنا الديمقراطية الحداثية ومشروعنا المجتمعي. . المحور الرابع: الآليات المؤسساتية الحزبية لتنظيم وتقوية الفعل النسائي داخل الحزب يتعلق هذا المحور بتفعيل الأداة الحزبية خاصة في جانبها المرتبط بتوسيع قاعدة النساء داخل الحزب وتأطيرهن سياسيا وثقافيا لكسر الحاجز الكبير الذي يفصل بين المرأة والسياسة ويجعل العديد من النساء يعتبرن العمل السياسي عبء ينضاف إلى أعبائهن اليومية المتعددة، مما يرمي بهن الى العزوف عن المشاركة الفعالة في الحياة العامة. وعيا بهذه الحقيقة لجأ حزبنا منذ التأسيس الى خلق التنظيم النسائي داخل الحزب في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي، وأتاح لهذا التنظيم امكانيات الفعل داخل الحزب وخارجه، مما جعله أحد التنظيمات الحزبية القليلة التي لعبت أدوارا متقدمة في العمل التنسيقي مع مكونات المجتمع المدني من أجل النهوض بأوضاع النساء والدفع الى إصلاح المنظومة القانونية لفائدتهن. واليوم نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بمناقشة واقع التنظيم النسائي داخل الحزب وتطوير آليات عمله ليتمكن من تجاوز المعوقات والعودة الى تحمل مسؤوليته في بلورة المشروع الديمقراطي الاشتراكي كقاعدة انطلاق لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة عبر نضال فعال تتفاعل فيه المناضلات مع حاجيات المجتمع الواقعية ومع ما يتطلبه تحصين المكتسبات من معارك حقوقية وثقافية للوقوف ضد كل مظاهر التعصب والتطرف والرجعية التي تهدد النموذج المغربي . ان الوضع الذي يتمتع به المغرب اليوم داخل المنتظم الدولي يرجع في جزء كبير منه الى ما حققه من مصالحات مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والى العمل الجاد الذي أدى الى تطوير المنظومة القانونية لصالح النهوض بأوضاع النساء في كافة المجالات و قد اكد الاصلاح الدستوري وفاء المغرب لهذا التوجه حين عزز المكتسبات بمقتضيات جديدة في العديد من الفصول الداعمة لحقوق الانسان عموما و حقوق المرأة على الخصوص. من هذا المنطلق نتطلع الى جعل حزبنا و مشروعه الديمقراطي الاشتراكي فاعلا رئيسيا في تأطير المجتمع، وتوسيع المشاركة النسائية مدخل أساسي للنجاح في هذه المهمة. سبيلنا إلى ذلك إعادة بناء استراتيجية حزبية واضحة لتأطير النساء والشباب وتمكينهم من الاليات الضرورية للفعل داخل الحزب و خارجه. تنبني هذه الاستراتيجية على: - تأسيس خطاب حزبي واضح و شفاف حول المسالة النسائية تفعيل المقتضيات القانونية الواردة في قانون الاحزاب و الدستور فيما يتعلق ب: الرفع من تمثيلية النساء داخل المؤتمر وفي الأجهزة المنبثقة عنه و كافة الاجهزة الحزبية الجهوية و المحلية الى الثلث على الاقل في افق المناصفة. - ضمان تفعيل الحصة المذكورة بإطار قانوني يعكسه النظام الداخلي للحزب في جميع بنوده المتعلقة بالتنظيم والترشيح للمهام الانتخابية و غيرها من المهام التدبيرية - دعم مبدأ المساواة والمناصفة بالتنصيص على مجموعة من المعايير الموضوعية في تطبيق الية المعاملة التفضيلية للحسم مع كافة التأويلات و الممارسات التي تسيء الى هذه الالية و تبعدها عن الاهداف الحقيقية التي أدت إلى إقرارها. - إحداث لجنة دائمة منبثقة عن اللجنة الإدارية للحزب تسمى «لجنة المساواة والمناصفة» تضم مناضلين ومناضلات يسهرون على توجيه الفعل النضالي للاتحاديات والاتحاديين نحو ما يتطلبه الظرف السياسي الحالي من اعادة لبناء الذات وتفعيل حضورنا داخل المجتمع.