تتواصل الحملة الانتخابية الخاصة باقتراع جزئي يشمل خمس دوائر تشريعية، وفي حين تختلف حدة التنافس بين هذه الدائرة وتلك، وأيضا الرهانات الحزبية المرتبطة بهذا الطرف أو ذاك، فإن المشترك بينها يبقى هو الرهان على إقبال المواطنات والمواطنين على المساهمة في التصويت واختيار ممثليهم في مجلس النواب، بالإضافة إلى الرهان المشترك الثاني، وهو لا يقل أهمية عن سابقه، ويتعلق الأمر بالحد من عمليات إفساد الانتخابات باستعمال المال لشراء الأصوات والتأثير على إرادة الناخبات والناخبين. وهذان الرهانان الجوهريان، علاوة على حياد الإدارة الإيجابي، هما المعايير الأساسية للحكم على مستوى تقدم ممارستنا الانتخابية، وبالتالي تمكين بلادنا من القضاء على عمليات الإفساد الانتخابي. وبغض النظر عما سبق، فإن هذه الانتخابات الجزئية لن تكون لها، مع ذلك، رهانات سياسية وطنية كبيرة، وذلك بالنظر إلى جزئيتها هذه، ولضعف تأثيرها العددي على صعيد المؤسسة التشريعية، لكن رغم ذلك فهي مناسبة ليؤكد خلالها المواطنون على انخراطهم العملي في الشأن العام، وفي مسلسل صنع مستقبلهم السياسي، وأيضا ليؤكدوا أن مستقبل هذه البلاد يعنيهم هم قبل غيرهم، وهم مسؤولون عن صنعه اليوم قبل الغد، كما أنها مناسبة كذلك لإعمال سلطة المحاسبة التي يمتلكها الناخبات والناخبون، كي يمنعوا رموز الفساد والريع والنهب من اغتصاب أصواتهم من جديد. وفي المقابل، تمثل هذه الاستحقاقات لساكنة الدوائر الخمس مناسبة أيضا لاختيار مرشحي القوى الديمقراطية والجدية الحقيقية، وللتصويت على نظيفي اليد والذمة من أجل تمتين قوة جبهة الإصلاح ومحاربة الفساد في البلاد، ومن أجل تعزيز سير بلادنا في طريق الديمقراطية والتنمية والتقدم والعدالة الاجتماعية والحداثة، ومن أجل تمتين صف مواجهة أباطرة الفساد والنهب والريع. إن الانسحاب اليوم من ممارسة حق ديمقراطي يضمنه الدستور للمواطنات والمواطنين، معناه ترك الساحة فارغة، وإعطاء الحرية المطلقة لرموز الفساد كي يصولوا ويجولوا بلا حسيب أو رقيب، ولهذا من واجب ناخبات وناخبي الدوائر الخمس الإقبال بكثافة ووعي على صناديق الاقتراع، وممارسة حقهم في اختيار من يمثلهم بدون ضغط أو رشوة أو تأثير، والاصطفاف إلى جانب مرشحي وأحزاب «المعقول» والجدية والنزاهة. لم يعد التأثير على اتجاهات الناخبين يتم اليوم عندنا فقط بتوزيع الرشاوى المختلفة، أو بالتزوير المباشر كما كان يتم ذات سنوات رصاص، وإنما صار يتم أيضا بواسطة الضغط على مرشحين معينين، أو تحديد وجهاتهم الحزبية، أو كذلك عبر نشر إشاعات بليدة في بعض الصحف التي باتت متخصصة في مثل هذه «الخدمات»، ولإفشال كل هذه المناورات يجب على المواطنات والمواطنين أن يهبوا يوم الاقتراع بكثافة إلى مكاتب التصويت، ويمارسوا حقهم القانوني في اختيار من يمثلهم بكل حرية ووعي، ويمنحوا أصواتهم لمرشحي وأحزاب «المعقول»، ضدا على «شناقة» الانتخابات وسماسرتها، ورفضا لعقليات وسلوكات التحكم والهيمنة، ومن أجل تقوية صف الإصلاح والجدية في البلاد. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته