المغرب يدعو لتحديد رؤية إسلامية واقعية لمجابهة التحديات التي يعرفها العالم الإسلامي ينكب وعلى مدى يومين، قادة العالم الإسلامي المشاركون في القمة الإسلامية الثانية عشر بالقاهرة التي انطلقت أشغالها أمس الأربعاء على بحث سبل التعامل مع المتطلبات الجديدة التي تبرز كل يوم سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، حيث كشفت التطورات الاخيرة الأهمية الكبيرة والحاجة الملحة لتبني حكم رشيد في الدول الإسلامية يشمل المساءلة والشفافية في الحكم واستئصال الفساد وتوسيع نطاق المشاركة السياسية وتعزيز المساواة والحريات المدنية وحماية حقوق الانسان وتعميق الممارسات الديمقراطية وفقا لما تضمنه برنامج العمل العشري الذي اعتمدته القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة عام 2005، حل رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، مساء أول أمس الثلاثاء بالقاهرة لتمثيل جلالة الملك محمد السادس في أشغال الدورة 12 للقمة الإسلامية تحت شعار (العالم الإسلامي ،، تحديات جديدة وفرص متنامية)، وقال رئيس الحكومة في تصريح للصحافة لدى وصوله إلى مطار القاهرة الدولي إن هذه القمة الإسلامية، تكتسي أهمية بالغة بالنظر لانعقادها في خضم التحولات التي تعرفها عدد من دول المنطقة، وتابع أن مشاركته في المؤتمر ستكون فرصة لاستعراض التجربة المغربية التي قادها جلالة الملك محمد السادس وانخرط فيها كافة الفاعلين السياسيين وتمخضت عنها إصلاحات مهمة في إطار من الاستقرار، مضيفا ان المؤتمر هو أيضا مناسبة للإطلاع على تجارب دول أخرى في هذا الصدد، وكان وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي قد عقدوا على مدى يومين اجتماعات تحضيرية للقمة تمت خلالها صياغة جدول الأعمال والذي يتضمن ستة بنود أساسية هي القضية الفلسطينية والوضع في العالم الإسلامي وازدراء الأديان ومكافحة ما يسمى بالإسلاموفوبيا والتعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وسبل تطوير التعاون العلمي والتكنولوجي بين الدول الإسلامية، وبالإضافة الى القضية الفلسطينية التي تعد بندا ثابتا في جميع اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي، وفي هذا السياق، دعا وزير الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني لبذل مزيد من الجهود لتحديد رؤية إسلامية واقعية تمكن من مجابهة التحديات التي تفرضها الظرفية الدقيقة الراهنة على العالم الإسلامي، حيث قال العثماني في كلمة أمام الاجتماع الوزاري التحضيري للدورة 12 لمؤتمر القمة الإسلامي، أول أمس الثلاثاء بالقاهرة، إن مجابهة التحولات الدولية المتسارعة تفرض تفعيل التضامن الإسلامي وتعبئة الطاقات لخدمة القضايا العادلة للأمة الإسلامية، وأكد أن الانشغال بالأزمات السياسية التي تعرفها بعض البلدان الإسلامية على أهميتها لا ينبغي أن تحجب ضرورة إبقاء القضية الفلسطينية في مقدمة هذه الانشغالات باعتبارها جوهر الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وأشاد في هذا الصدد بمصداقية الجمعية العامة للأمم المتحدة على منح دولة فلسطين صفة مراقب غير عضو في المنظمة الأممية، مبرزا، أن هذه المبادرة الحكيمة التي حظيت بدعم غير مسبوق من طرف المجتمع الدولي جاءت لتتوج المجهودات الجبارة للسلطة الفلسطينية وتكلل بالنجاح نضال الشعب الفلسطيني في سبيل استرجاع جميع حقوقه المغتصبة، كما أدان الإجراءات العقابية التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين عقب صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثلت في تسريع وتيرة الاستيطان وحرمان السلطة الوطنية الفلسطينية من إيرادات مستحقة، وشدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون على أن الوضع في الأراضي الفلسطينية وما آلت إليه عملية السلام نتيجة السياسات الإسرائيلية الممنهجة تجاه الشعب الفلسطيني وتحديها لقرارات الشرعية الدولية وتجاهلها لكل نداءات السلام، يستوجب العمل على حث القوى المؤثرة على ممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل لكي توقف الاستيطان الذي يقوض كل الحلول الممكنة، إضافة إلى توفير الإمكانات اللازمة لدعم صمود الشعب الفلسطيني حتى يتمكن من انتزاع حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وذكر بالجهود التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس لحماية المقدسات الإسلامية في القدس الشريف والوقوف في وجه الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدف تهويد المدينة المقدسة، سواء من خلال المساعي السياسية التي يقوم بها جلالته أو من خلال وكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع التنفيذي للجنة والتي تنجز مشاريع تنموية وأنشطة لصالح سكان المدينة المقدسة ودعم صمودهم، ودعا بهذا الخصوص الدول الإسلامية الى زيادة المساهمات المخصصة للوكالة وتوفير الاعتمادات الضرورية حتى تتمكن من مواصلة عملها في دعم المقدسيين، وبخصوص القضية السورية، ذكر وزير الشؤون الخارجية والتعاون بأن المملكة المغربية انخرطت منذ اندلاع هذه الأزمة في الجهود العربية والإسلامية والدولية الرامية إلى إيجاد حل سياسي لهذا النزاع، بما يكفل وقف دوامة العنف وتحقيق التطلعات المشروعة للسوريين في الديمقراطية والحرية واحترام سيادة سورية والحفاظ على وحدتها الترابية، ومن جهة أخرى عبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني عن تأييد المغرب للجهود التي تبذل من أجل استعادة جمهورية مالي لوحدة أراضيها وإعادة إرساء سلطة الدولة على عموم الأراضي الوطنية مؤكدا على أهمية تبني مقاربة شمولية ومندمجة لمعالجة الأزمة في هذا البلد الإفريقي، وقال العثماني « إن المملكة المغربية التي ما فتئت تمد المعونة والتأييد لإخواننا الماليين، تدعو جميع الدول الإسلامية الى مضاعفة دعمها لهذا البلد لمساعدته على اجتياز هذه المرحلة العصيبة من تاريخه»، واستعرض وزير الشؤون الخارجية والتعاون ما تتعرض له الأقليات المسلمة من اعتداءات ممنهجة في عدد من مناطق العالم وفي مقدمتها أقلية الروهينغا، ودعا لبذل جهود ومبادرات للتخفيف من هذه المعاناة وضمان احترام حقوق هذه الأقليات، وأضاف ان من أهم التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي تبرز الحملة المعادية للإسلام وما تستهدفه من تشويه لصورته ومس بمقدساته الأمر الذي يستلزم القيام بدور فاعل في تصحيح هذا التغليط وتسليط المزيد من الأضواء على مبادئ الإسلام السمحة وقيمه الأخلاقية العالية، وأشار الى ان المغرب يدعم كل المبادرات الجادة التي تسعى الى النهوض بالعمل الإسلامي المشترك في جميع المجالات وتأهيل منظمة التعاون الإسلامي لتقوم بدور مؤثر وفاعل على الساحة الدولية، وخلص وزير الشؤون الخارجية والتعاون الى التأكيد على أهمية العمل على دعم الصف الإسلامي وانتهاج الحوار العقلاني البناء في كل القضايا المصيرية والجنوح الى السلم والاستقرار والتنمية الشاملة داعيا الى دعم التحولات الديمقراطية في العالم الإسلامي لتعزيز دولة الحق والقانون واستقلال القضاء والعمل على اكتساب منظمة التعاون الإسلامي المزيد من الحضور على الساحة الدولية للإسهام الفاعل في السلم العالمي وفي إقرار عالم أكثر توازنا واستقرارا، ومن المنتظر، أن تناقش القمة في ما يخص الوضع في العالم الإسلامي الأزمة السورية والصراع في مالي وقضايا الصومال وأفغانستان والسودان والأوضاع في جامو وكشمير، وسيصدر في ختام أعمال هذه القمة بيان ختامي (إعلان القاهرة) يستعرض ما توافق عليه القادة من قرارات مهمة بشأن مختلف المسائل المطروحة ومن المنتظر أن يتضمن بنودا تتعلق بالتجمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء ومكافحة الإرهاب ومكافحة انتشار السلاح وحقوق الإنسان والتنسيق بين الدول الأعضاء بخصوص أنماط تصويت الدول الإسلامية في المنظمات الدولية، وقد وجهت منظمة التعاون الإسلامي لدول ومنظمات خارج هذا التجمع الإسلامي دعوة لحضور المؤتمر منها خمس دول ستحضر بصفة مراقب هي تايلاند وروسيا وقبرص والبوسنة والهرسك وجبهة تحرير مورو علاوة على منظمة الأممالمتحدة وحركة عدم الانحياز والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الاقتصادي والممثل الأعلى لتحالف الحضارات ومبعوث كل من أمريكا وأستراليا وفرنسا ورئيس البرلمان العربي ومجلس مسلمي بريطانيا ورئيس وزراء كوسوفو الذي طلب المشاركة،